رد الفعل الصادم والسلبي من قبل المؤسسة الرئاسية علي قيام إثيوبيا بالمشروع الفعلي في تحويل مجري النيل الأزرق الذي يغذي مصر ب85% من مياه النيل العذبة لبناء سد النهضة الكارثي علي مصر. في حصولها علي الحد الأدني من احتياجاتها المائية والتي وصلت إلي حد الفقر المائي في عدم اهتمام جدي من قبل مؤسسات الدولة المختلفة خاصة المتخصصين منهم في الري إلي درجة أن وزير الري يرد عندما سئل عن خطر هذا السد علي مصر قال بأنه علاقة بين المالك إثيوبيا والمقاول الذي ينفذ المشروع وكأن النيل الأزرق نهر إثيوبي خالص وهو كلام عار عن الصحة لأن الاحتلال الانجليزي قد حافظ علي حصة مصر من المياه في الوقت الذي يضيعها ويفرط فيها حكام مصر الجدد بعد ثورة25 يناير. وما زاد الطين بلة في هذا المشهد السياسي المقيت هو ذلك الإعلان السوداني علي لسان رئيسه أن سد النهضة لا يمثل خطرا علي السودان بل له العديد من الفوائد ولم يصبر كل هؤلاء وينتظروا تقرير اللجنة الدولية المحايدة والتي وصفت المشروع بالكارثي ولم تتم دراسته بشكل كاف كما أشار إلي أنه سوف يؤثر علي حصة مصر من الكهرباء بنسبة30% وسيخصم من نصيب مصر حوالي15 مليار متر مكعب ماء عوضا علي أنه سد ضعيف وسيؤدي حال انهياره المتوقع إلي إغراق مصر والسودان. فهل سيكون هذا هو الثمن الباهظ الذي سوف تدفعه مصر كما دفعته السودان من قبل فتم تقسيمها من أجل المضي قدما في الشرق الأوسط الكبير الذي وعد به الغرب وينفذه علي أرض الواقع وإذا كان هناك توافق واتفاق علي الرأي بين دولتي المصب مصر والسودان علي عكس ما تقوله كل التقارير الدولية فإن هذا يثير شكوكا كثيرة عند المصريين من أن الشرق الأوسط الكبير أصبح حقيقة لا تخطئها العين والذي يتبلور شكله ويتم علي إثره إضافة ثلاثين دولة جديدة بعد تقسيم العالم الإسلامي البالغ عدد دوله58 دولة واقتطاعها من دوله وما الذي يعود علي النظام الحاكم إذا تم منع الماء والكهرباء عن مصر إنه سيحصد الندم وسيدفع الإسلام الثمن غاليا نتيجة المضي قدما في تحقيق هذا الأمر الذي ليست له علاقة بالإسلام ومبادئه وقيمه وسلوكه فلا تظلموا الإسلام الذي يبدو أنه بعيد عن فكرة الحكم إلا من خلال الظاهر فعنون أول سورة له بالعلم والمعرفة والحضارة وليس الالتفات إلي توافه الأمور التي تغرق البلاد في الفوضي. إن الماء إكسير الحياة وإذا غاب غابت معه الحياة ويمثل بالنسبة للإنسان الحياة فهو يكون71% من جسم الانسان و85% من مخه ولولا الماء لحدث خلل شديد في صحة الإنسان وفي غيابه تعاني كل خلاياه وأنسجته وأعضائه وأجهزته وجسمه من خلل جسيم ينعكس سلبا علي قدرته اليومية في العمل والانتاج مما يؤثر بشكل مباشر علي التنمية وقلة الماء تؤدي إلي نفوق الحيوانات واختفاء النباتات وانعدام الحياة التي ليست لها قيمة في غياب الماء. يروي التاريخ أن ابن السماك دخل يوما علي هارون الرشيد فوجده يرفع الماء إلي فمه ليشرب فقال: ناشدتك أن تنتظر به قليلا فلما وضع الماء قال له أستحلفك بالله تعالي لو أنك منعت هذه الشربة من الماء فبكم كنت تشتريها؟ قال بنصف ملكي قال اشرب هنأك الله فلما شرب قال أستحلفك بالله تعالي لو أنك منعت خروجها من جوفك أي بولك بعد هذا فبكم كنت تشتريها؟ قال بملكي كله. فإذا كانت شربة ماء وإخراجها تساوي ملك هارون الرشيد فما بالك بقطع15 مليار متر مكعب وعيش مصر في ظلام دامس. وإذا كان الاعتماد علي القمح فقط يؤدي إلي تدمير الصحة ويصيب الجسم بكل الأمراض ويضعف الجهاز المناعي الذي له دور فعال في حماية الجسم من كل الفيروسات والميكروبات والطفيليات والفطريات بل ويؤدي الاعتماد علي القمح كغذاء أساسي إلي التخلف العقلي عند الأطفال ونقص النمو وعدم القدرة علي التعليم والاستيعاب فتكون النتيجة جيلا يفتقد أدني مقومات الحياة فيصاب بالأنيميا الحادة والمزمنة بما لها من آثار جانبية علي الصحة العامة أما علي مستوي الكبار فيؤدي إلي فشل في كل أعضاء الجسم المختلفة بل ويؤدي في أغلب الحالات إلي الوفاة الفجائية وبالتالي لا بديل عن توفير الغذاء المتوازن الذي يكفي الجسم بكل حاجاته من البروتينات والدهون والفيتامينات والأملاح المعدنية ومضادات الأكسدة وكلها مكونات ضرورية لقيام الجسم بكل وظائفه الحيوية التي لا غني عنها في حماية الجسم من كل الأمراض. ومن هنا نجد أن الماء هو العنصر الحاسم والأساسي في كل الذي فات ولذلك فإن الحفاظ عليه يساوي الحفاظ علي الحياة وعلي المسئولين العمل الجاد والمسئول علي حماية حقوق مصر المائية من نهر النيل التي حمتها كل الوثائق واعترف بها كل العالم عبر اتفاقات دولية وإلا سيكون النظام الحاكم مسئولا مسئولية كاملة عن إضاعة حقوق مصر القومية والمس بالأمن القومي المصري الذي يعتبر مسألة حياة أو موت بالنسبة لكل الأجيال. وبالتالي فإن الاهتمام برأي المتخصصين التكنقراط في قضية المياه وغيرهامن القضايا المصيرية التي يتعرض فيها الأمن القومي المصري للخطر الداهم علي امتداد حدود مصر الجغرافية من الشرق والغرب والشمال والجنوب وعيون أعدائها مفتوحة عليها من أجل تفتيتها من قبل المسئولين وليس من قبل أهل الثقة والهواة لأن موضع المياه وحدودها الجغرافية سيقلب البلاد رأسا علي عقب وسيدخلها في صراع مرير بين طبقات المجتمع المختلفة وستدفع مصر ثمنا باهظا ما لم تقدم حلولا سريعة وحاسمة وفعلية من قبل المسئولين والمعارضين علي حد سواء ولن يتبرأ أحد من المسئولية التاريخية من قبل الشعب المصري بل الواضح والظاهر للعيان وجود انشقاق فعلي في البلاد فالنظام ومعارضيه يكررون نفس خطأ النظام السابق فالديكتاتورية والاستبداد بدأت تطل برأسها بعد الثورة من خلال القنوات الإعلامية ورجال الأعمال المحيطين بالنظام مما يوضح بجلاء فشل جميع القوي السياسية في إدارة شئون البلاد ولم الشمل. أستاذ بكلية الطب رابط دائم :