قالوا عنها غير نقية وليست معدنية ولاتعبأ من بئر جوفية. بل تمت تنقيتها تحت بير السلم بواسطة مرشحات يضعها معدومو الضمير داخل الجراجات الموجودة اسفل العمارات والابراج اوالبدرومات. ويطرحونها في الاسواق.. علي انها معدنية مستغلين عدم وجود رقابة علي الاسواق انها المياه المعبأة والتي حالها لايختلف عن حال اي سلعة مصرية فنسبة كبيرة منها مغشوشة او مضروبة تحت اسم الشركة المصنعة والتي لديها تصاريح من وزارة الصحة وارقام السجلات التجارية والبطاقات الضريبية ولكن اين الرقابة واين الرادع لهذه الكارثة الحقيقية؟ وان لم تكن هناك رقابة او رادع فكيف يعرف المصريون ان الزجاجة بها مياه مغشوشة وليست معدنية او جوفية؟ الاهرام المسائي طرحت السؤال علي الخبراء ومسئولي جهاز حماية المستهلك وغيرهم في محاولة للبحث عن إجابة شافية. في البداية يقول الدكتور حلمي الزنفلي استاذ تلوث المياه بالمركز القومي للبحوث انه لابد من ان نكون متفقين علي معلومة هامة لايعرفها الكثيرون وهي ان مصر لاتوجد بها مياه معدنية من الاساس انما الموجود مياه معبأة من الآبار الجوفية التي حفرتها الشركات التي في النهاية يتضح انها غير مطابقة للمواصفات القياسية ولاتتوافر بها الاشتراطات الصحية والبيئية المطلوبة اوالتي تم حفر البئر علي اساسها وذلك يعود الي ان المياه الجوفية غير ثابتة في مواصفاتها او تكوينها فهي قد تكون صالحة اليوم وتصبح غير صالحة في اليوم التالي لأن ثبات النوعية في مصر غير موجود وسبب هذه الظاهرة ان المياه الجوفية تصلها تسربات ومياه اخري من مصادر أخري تحت الارض تجعلها تفقد صفاتها. ويضيف الزنفلي ان مايحدث هو معالجة فقط للمياه الجوفية وهذه المعالجة تقوم بها كل شركات المياه المعبأة في مصر دون استثناء لان استخدام الكلور في المعالجة محظور قانونا علي تلك المصانع لذا فهم يلجأون الي وسائل اخري كالاوزون او الاشعة فوق البنفسيجية او المرشحات وغيرها وفي كل هذه الاحوال لاتكون مواصفات المياه مطابقة وبالتالي تظهر ملوثات بالمياه اوالمنتج المعبأ إذا تم تحليله بالاضافة الي عدم إحكام عملية غلق الزجاجات اثناء التعبئة مما يؤدي الي خروجها للاسواق غير محكمة وهو مايعرضها للبكتيريا. ودعا الزنفلي الي ضرورة إخضاع كل مصانع تعبئة المياه الجوفية للرقابة الداخلية والخارجية لضمان عدم تلوثها مع ضرورة الاهتمام بعمليات تخرين المياه وعدم تعريضها لأشعة الشمس المباشرة مثلما يحدث في الدول المتقدمة فمثلا في ايطاليا يوجد اكثر من500 شركة مياه معبأة لكن يوجد بكل شركة خبير او مسئول علمي للمراقبة علي التعبئة يضمن تعبئة المياه بشكل سليم لذا أسسوا في التسعينيات اتحادا للعاملين بالمياه المعبأة مكونا من اعضاء ذوي خبرة عالية من العلميين في مجال تعبئة المياه وبالتالي لاتوجد مشاكل لان من يشرفون علي عمليات التعبئة علي درجة عالية من العلم والدقة. ويشير الزنفلي الي انه من المؤسف في مصر ان اي شخص لديه أموال يستطيع ان يحصل علي ترخيص ويشتري مصنعا ويقوم بحفر بئر ويعبيء المياه والسوق في مصر تستوعب اي شيء واي نوعية من المياه وكانت ازمة نقص المياه المعبأة في العام الماضي بالساحل الشمالي خير دليل علي ان السوق حينما يعطش يحرق اي نوع من انواع المياه الجوفية او المعبأة نظرا لملوحة المياه بالساحل الشمالي بالاضافة الي غياب الرقابة الصحية ممايسمح بتعبئة المياه داخل آلجراجات والبدرومات اسفل العمارات وهو ماشاهدته بنفسي موسم الصيف الماضي. ويضيف المهندس نبيل علي الدين بشركة مياه شرب الدقهلية أن شركات المياه المعبأة ترتكب كوارث بين الحين والاخر عندما تتراكم منتجاتها في المخازن تروج شائعات بأن مياه الشرب العادية ملوثة ومختلطة بمياه الصرف الصحي وللاسف يصدق الناس هذه الشائعات ويحجمون عن شرب المياه العادية وفي الاتجاه الاخر يقبلون علي شراء اي نوع من المياه المعبأة لإستخدامها في كل احتياجاتهم الحياتية كبديل عن مياه الحنفية. ويشير علي الدين الي ان هناك من شركات المياه المعبأة من تستخدم فلاتر ومرشحات علي اساس ان المياه تم رفعها من بئر جوفية علي بعد1000 متر كما هو مدون علي العبوات من الخارج بينما الحقيقة ان هذه الشركات تعبيء مياها من الحنفية وتقوم بممارسة الغش التجاري في الخفاء وبعيدا عن الرقابة. ويشير الدكتور مغاوري شحاته خبير المياه ورئيس جامعة المنوفية الاسبق الي ان هناك حربا تدور في الخفاء بين ثلاث جهات وهي: منتجو مياه الحنفية اي الشركة القابضة لمياه الشرب ومنتجو المياه المعبأة ومستوردو ومروجو الفلاتر ويكون فيها المواطن المصري هو الضحية في النهاية.وأضاف شحاتة أن هناك حوالي أكثر من34 شركة تعبئة مياه جوفية تعمل في السوق المصرية وتوجد مصانعها في مناطق الدلتا ووادي النطرون وواحة سيوة والشرقية وأغلبها معرض للتلوث خاصة ما يوجد منها في المناطق الزراعية مشيرا إلي أن القصة تبدأ عندما تحفر الشركة البئر وتأخذ الموافقة من الري وادارة البيئة بوزارة الصحة ثم من هيئة الرقابة الصحية ومن المفروض أن تخضع للرقابة لكن بعضها يعمل تحت بير السلم وقد اكتشف منذ فترة أحد المصانع يعبيء المياه من الحنفية بأحد المنازل بالجيزة علي أنها معدنية ويغلفها للبيع مباشرة. ويشير شحاتة إلي أن بيع هذه المياه المغشوشة يتم من خلال ترويج شائعات تعتمد علي التشكيك في الشركة القابضة لمياه الشرب حين تنقطع المياه وتعود وبها تغيير في اللون وهو ما يوحي بأنها ملوثة لكل من يراها أو يشرب منها وفي هذا الوقت يقبل الناس بشدة علي شراء الفلاتر والمرشحات والمياه المعبأة. وأعتقد أن هذه الحرب والكلام للدكتور شحاتة تبدأ بالفلاتر التي لا تباع أو تروج إلا علي جثة مياه الشرب أو تشويه سمعتها خاصة وانها لا تصنع في مصر بل تستورد من الخارج وتحتاج إلي رواج كبير لتحقيق أعلي مبيعات لتحقيق مكاسب للمستوردين وتبقي القضية هي كيفية إرشاد المستهلك خاصة وأن الفلاتر المستوردة لا توجد عليها رقابة أو تطبق عليها معايير للجودة من أي جهة من الجهات المنوطة بالرقابة الصحية كما أن وزارة الصحة ليست بها امكانات لكشف ملوثات المياه المعبأة لذا من الصعب كشف ديدان تسمي البروتورا وكذلك بكتيريا البراز واللتين تسببان القيء والإسهال الشديدين وبالتالي يظل هناك فزع لدي كل من يشرب أو يتعامل مع المياه المعبأة أو المفلترة. ويري أن المسئولين في مصر لا يهتمون بصحة الناس بل آخر شيء يفكر فيه التجار والمسئولون علي حد سواء هو الصحة لهذا يتم غلق مصانع المياه الجوفية دون معرفة الأسباب ويعاد فتحها مرة أخري دون معرفة الأسباب أيضا أو لمجرد انه تمت معالجته من جديد بشكل ما وهو ما يؤكد غياب الرقابة ووجود تلاعب من جانب البعض لهذا فالموضوع يحتاج إلي وضع شروط جديدة لحفر الابار وان يكون المتعاملون عليها من الخبراء المدربين علي التحاليل وان تكون هناك رقابة صحية وبيئية عليها من كل الجهات المنوطة بالحفاظ علي صحة المواطنين وفي النهاية يجب أن يتم ضبط أسواق المياه الجوفية المعبأة وتحديد أسعارها لتكون في متناول الجميع من محدودي الدخل وغيرهم. ويوضح الدكتور محمد رجائي أستاذ العناصر الثقيلة بالمركز القومي للبحوث أن المياه المعبأة سلعة غذائية مهمة في أي دولة نظرا لأن السفارات الأجنبية توصي السياح التابعين لدولهم بشربها أو استخدامها بوجه العموم ومن هذا المنطلق فإن غشها أو ما شابه ذلك من أساليب التلاعب فيها سواء في المواصفات أو مكوناتها الاساسية من العناصر الداخلة فيها مثل الكالسيوم والماغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والبيكربونات والكبريتات والكلوريدات والسيليكات والاملاح الذائبة وكلها توجد بنسب معينة وثابتة في العبوات يؤثر علي صحة الانسان ومن ثم سمعة الدولة ولكن للأسف الجري وراء المال وسرعة الثراء يجعل شركات المياه الجوفية تقوم بما يسمي بالسحب الجائر لمياه الآبار الجوفية بمعني أن السحب يتخطي النسبة العلمية المقررة للحفاظ علي العناصر السابقة من المكونات الداخلة في المياه الجوفية فإن كان السحب يتم يوميا علي20 مترا مكعبا مثلا فتجد السحب الجائر يتخطي هذه النسبة وعليه يحدث التغير في المياه وما يصاحبه من تغير للعناصر المكونة لها وتصبح كسلعة غذائية لا قيمة لها. لهذا يجب أن تعمل كل شركات تعبئة المياه الجوفية بشكل علمي ومقنن وتكون المواصفات خاضعة للجنة العليا للمياه بوزارة الصحة وان يصدر لها ترخيص من معهد التغذية نظرا لأنها مادة غذائية هذا من ناحية علمية ومن ناحية أخري والكلام للدكتور رجائي سوء تخزين المياه المعبأة وطرحها بالأسواق جعل منها مادة غذائية غير صالحة للإستهلاك الادمي لأنها تتعرض للشمس في السوبر ماركت وعلي الطرق السريعة سواء الزراعية أو الصحراوية منها وفي الحقيقة لابد أن تعرض في أماكن مغطاة وبعيدة عن درجات الحرارة المرتفعة حتي تكون مطابقة للمواصفات علاوة علي ضرورة عمل معامل تحليلية معتمدة لكل مصنع للتأكد من صلاحية المنتج ومطابقته للمواصفات القياسية. وأوصي الدكتور رجائي بضرورة إنشاء إدارة خاصة لمراقبة المياه المعبأة تكون خاضعة لإشراف وزارة الصحة لمنع الغش التجاري بالمياه المعبأة ومنع تمريرها بالاسواق إلا بعد التأكد من صلاحيتها وعدم وجود مخاطر بصناعتها.