وزير الأوقاف: المعرفة ركيزة أساسية لنهضة الأمم وصاحب الهمة لا يعرف سقفًا لطموحه    وزير العمل يستقبل المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب- صور    وزير التعليم: نتطلع لإنشاء مدارس تعليم فني على الطراز الألماني    وزير الأوقاف يشهد ختام برنامج الوعي الوطني لتنمية مهارات الشباب    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال إنشاء مجلس مدينة السنبلاوين والممشى الجديد    الحكومة: إطلاق منصة إلكترونية لتصدير العقار واشتراط موافقة الإسكان على إقامة المعارض    مدبولي: نتابع خطط تطوير تلك الفنادق التاريخية لرفع كفاءتها التشغيلية    اتحاد شركات التأمين يناقش التحديات بالمجال "الطبي" والأسس الفنية للاكتتاب به    وزير الخارجية ونظيره التونسي يبحثان التطورات المتلاحقة على الساحة الإقليمية    أول صور لجاسوس الموساد بعد إعدامه، إسماعيل فكري مسئول الاغتيالات لقادة إيران العسكريين    اندلاع حريق "متعمد" غربي العاصمة الإيرانية    "لا ملوك في أمريكا".. ملايين يتظاهرون ضد ترامب ويطالبون باستقالته    رضا شحاتة مديرا فنيا ل كهرباء الإسماعيلية في أول ظهور بالدوري الممتاز    "أعلم أنك لا تحب الخطيب".. خيري رمضان يوجه رسالة نارية لوزير الرياضة    أصبحت نهائية.. انتهاء المهلة القانونية لتراجع مصيلحي عن استقالته من الاتحاد السكندري    رئيس دورتموند: رحيل فيرتز من الدوري الألماني مؤسف.. لا مشكلة لو كان انتقل إلى بايرن    فيفا يشكر كل من شارك في إنجاح مباراة افتتاح كأس العالم للأندية بين الأهلي وإنتر ميامي    ضبط صاحب كافتيريا طعن طالب في دمياط    إصابة وكيل نيابة إدارية في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    انحسار مياه البحر على شواطئ طور سيناء -صور    بروتوكول تعاون بين قصور الثقافة ومحافظة أسوان لإدراج مسرح فوزي ضمن خريطة السياحة    11 صورة ترصد رحلة إلهام شاهين بالعراق قبل إغلاق المجال الجوي    "أهرب على فين".. مقاطع ساخرة من نتنياهو تجتاح مواقع التواصل    أحمد العوضي يتعاقد على بطولة فيلم سينمائي جديد إنتاج السبكي    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى يوضح حكم الجمع بين الصلوات في السفر    محافظ الإسماعيلية يتفقد مستشفى القنطرة شرق المركزي والمركز التكنولوجي (صور)    محافظ أسوان يتفقد وحدة صحة أسرة العوضلاب بإدفو    التعليم العالي تعلن حصاد بنك المعرفة المصري للعام المالي 2024/2025    افتتاح توسعات جديدة بمدرسة تتا وغمرين الإعدادية بالمنوفية    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    التضامن تعلن تبنيها نهجا رقميا متكاملا لتقديم الخدمات للمواطنين    مجانا حتى 21 يونيو.. فرقة بني مزار تقدم "طعم الخوف" ضمن عروض قصور الثقافة    رئيس جامعة المنوفية والمحافظ يدشنان قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    وفود دولية رفيعة المستوى تتفقد منظومة التأمين الصحي الشامل بمدن القناة    سفير إيران لدى الكويت: لسنا بصدد توسيع الحرب ولن نتوانى في الدفاع عن سيادة بلادنا بحزم    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    أردوغان: تركيا مستعدة للوساطة بالمفاوضات النووية بين أمريكا وإيران    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    تخفيف عقوبة 5 سيدات وعاطل متهمين بإنهاء حياة ربة منزل في المنيا    تصنيف الاسكواش.. نوران جوهر ومصطفى عسل يواصلان الصدارة عالمياً    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    وزارة التعليم: ليس ضروريا حصول الطالب على نفس رقم نموذج الأسئلة بالثانوية    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    إصابة 3 أشخاص بطلقات بندقية فى مشاجرة بعزبة النهضة بكيما أسوان    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة المستقبل أم مستقبل الثقافة؟
نشر في الأهرام المسائي يوم 23 - 05 - 2013

عندما كتب طه حسين رائعته عن مستقبل الثقافة في مصر كدستور يمكن أن تنتظم من خلاله مفردات المجتمع في منظومة متكاملة, ربما لم يكن يدري أنه سيأتي حين من الدهر تصبح فيه الثقافة مفهوما
وممارسة ذات صياغات لا يقوي علي تطبيقها سوي شخوص ومجتمعات ذات سمات خاصة‏.‏ ولقد زاد من جدية الطرح عندي ما عانته الثقافة ولا تزال في بر المحروسة لا سيما مع التعديل الوزاري الأخير الذي بات فيه الأمر وكأنه لا فرق هناك بين إدارة الثقافة وغيرها من وزارات الحكومة السنية‏.‏
والواقع أن البون في التنازل جد كبير بين مستقبل الثقافة الذي يمثل عنصرا من العناصر المجتمعية شديدة التأثير والتأثر‏,‏ وبين ثقافة المستقبل التي تمثل وعاء جامعا واستشرافا مستقبليا لما يمكن أن يصاغ عليه المجتمع من أسس‏.‏ ومن هنا تأتي أهمية ثقافة المستقبل التي لابد أن نؤكد علي أن ما نحن بصدد طرحه يمثل مجرد لبنة تنتظر مثيلاتها أملا في جمعية المشاركة وتكاملية البناء‏.‏
وبادئ ذي بدء يمكن القول إن أي رؤية مستقبلية إنما تنبني علي الثوابت والمتغيرات المجتمعية‏,‏ ومن ثم فإن ثقافة المستقبل عليها أن تتمسك بأهداب اللغة العربية السليمة وأن تتوسل ما وسعها من وسائل من أجل تثبيت هذا الهدف‏.‏ فمما لا شك فيه أن الخطورة الحالية المعوقة لثقافة المستقبل إنما تكمن في‏(‏ تقية‏)‏ الإفساد إن جاز التعبير‏.‏ فإذا كانت العامية قد خسرت معركتها في مرحلة سابقة كممثل أوحد للتعبير وكبديل للغة الضاد‏,‏ فإن ما نراه اليوم يمثل محاولة طرح عدة طرق لغوية ذات أسلوب كتابي خاص بحيث يصبح مرادفا للتفرق شيعا وأحزابا‏.‏ وهكذا يحاول البعض صياغة ثقافة المستقبل باستغراب لغوي رغم أن المحاولة للتدويل اللغوي والمعروفة بلغة الإسبرانتو قد لقيت صدودا في المرادفة للعولمة علي قوتها‏.‏
ومن ثوابت الثقافة المستقبلية الإنتماء المكاني الذي أصبح يلاقي هزة تحتاج لوقفة أمام الانتماء للفضاء الافتراضي اللامحدود والمقابل للوطن بأبعاده المحددة بما من شأنه التأثير علي قيمة الانتماء‏,‏ وهكذا بعدما كانت محاوراتنا تدور حول الانتماء اليورو أوسطي أو الاقليمي إفريقيا وعربيا فقد بات الأمر أكثر تحديا في ضوء مستحدثات العصر‏.‏ ومن ثم فإنه من المعقول جدا أن تسود ثقافة الاتصالات عوضا عن التكتلات السياسية أو الاقتصادية ليصبح الأكثر تناغما مع العالم هو من يملك أكبر قدر ممكن من وسائل الاتصال‏.‏ وطالما أن هذه الأخيرة تتطلب أدوات ومهارات وقدرات خاصة فأحسب أن مفهوم الأمية سيعتريه الكثير من التغير مما يمكن أن يحدث عندنا حالة من‏(‏ تراكمية الأمية‏)‏ قد تؤدي بدورها إلي جمود معجز يعزز مستقبلا من‏(‏ ثقافة اللامنتمي‏)..‏ وما أدراك ما هي‏!‏
ولعل ذات التوجه في ثقافة المستقبل يمكن أن ينسحب علي جانبين أصيلين في البنية الوجدانية للانسان المصري وهما الدين والتاريخ‏.‏ فجميعنا يعرف كيف أن الدين قد ظل صنوا للبناء الحضاري للمصري منذ بواكير تاريخه‏,‏ بيد أن المزاوجة المقيتة بين الدين بمطلقاته والسياسة بمحدداتها ربما توجد نمطا جديدا من التدين تنساح فيه الحدود مع السياسة بحيث تتواري معه الصورة التقليدية لرجل الدين بذات قدر تنامي الصورة الجديدة للسياسي‏.‏ ومن ثم تترسخ في الذهن حالة من التناقض المبرر لدي أصحابه تجعل منهم أتقياء عند التعبد وما عدا ذلك عند المواجهة السياسية في فهم خاص بهم لمبدأ‏(‏ أشداء علي الكفار رحماء بينهم‏).‏ وخطورة هذا الطرح قد تكمن حال ترسخه في انقطاع الصلة بين صحيح الدين وسبل التدين بما قد يختزل الأمر في الشخوص دون النصوص وفي النقل دون العقل‏,‏ وهو ما يمثل أبرز تحديات ثقافة المستقبل‏(‏ بفتح الباء‏)‏ بل والمستقبل‏(‏ بكسرها‏).‏
أما التاريخ فيمثل دون شك عنصر الضبط في إيقاع ثقافة المستقبل بما يمتلكه من مساحة زمنية ومحطات للأحداث تجعل العقل الجمعي علي مسافة متساوية من كل الأطياف شريطة ألا يتم العبث بمقدراته لإعلاء أحداث وطمس أخري أو رفع شخوص وحط أخري‏.‏ وهو لذلك يمثل تحديا من نوع خاص يرتبط فيه التعليم بالسياسة واقعا والوطنية بالانتماء روحا‏,‏ وأي مساس بكل ذلك معناه إدانة مؤجلة ورؤي كاشفة للعابثين بمصادره الرئيسية مخطوطة كانت أم أثارا شاخصة‏.‏
ويبقي الفن في المبتدأ والمنتهي بمفهومه الجامع لكل قدرة إبداعية بشخصيتها المتفردة‏,‏ وهو في ثقافة المستقبل عليه أن يخرج من إسار الاتهام والصدام المفتعل بمنظومة الأخلاق إلي الوئام المتناغم مع جميع مفردات ثقافة المستقبل حال قبولنا لمضمونه فيها دون موارية أو التباس‏.‏ وحتي تبلغ ثقافة المستقبل مبتغاها في هذا الصدد فليكن للوجدان ذات المساحة المخصصة للعقل وللهواية نفس قيمة الاحتراف حتي يصبح بإمكاننا تذوق الابداع عقلا بنفس قدر فهمه وجدانا‏.‏
والواقع فإن الطرح السابق لا يمكن أن تكتمل صورته إلا بتبني ما انتهي إليه العلم من تقدم تقني يمثل دون شك الجناح الآخر لثقافة المستقبل‏,‏ التي تستحق بإرساء أسسها وتحديد معالمها وفهم نظرياتها وتطبيق قواعدها النظرية والعملية أن تكون مشروعنا القومي الحقيقي الذي يحفظ علينا هويتنا القومية وقدرتنا علي التفاعل مع المعطيات الدولية‏.‏ والذي هو أيضا الكاشف المنير لأدعياء الثقافة في كل عصر ممن نجحوا علي مدار عقود عدة من طمس الأصالة الحقيقية للمثقف صاحب الرسالة‏.‏ وهو ما نحتاجه الآن أشد الاحتياج أملا في غد أفضل تصاغ فيه وبه الشخصية الحقيقية للثقافة المصرية المستقبلية بعيدا عن نزق التسلط باسم الثقافة أو جنوح السلطة بإسم وزارتها‏.(‏ إشراقات السعدي‏3)‏ في غمرة حديثنا عن الضمير والضمير المنفصل في اللغة نسينا أن نؤكد علي أن الضمير الغائب قد تعدي النحو ليصبح أهم مفردات قاموس حياتنا‏.‏

رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.