منذ ما يقرب من ربع قرن تسببت عاملة تايلاندية كانت تعمل في أحد قصورالرياض في أزمة دبلوماسية حادة بين بلدها والمملكة العربية السعودية وصلت إلي حد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لسنوات بسبب هذه الجريمة وما تلاها من تداعيات خطيرة, عندما سرقت مجوهرات تزن90 كيلوجراما من خزينة القصر قدرت قيمتها وقتها ب20 مليون دولار. لم تقف الجريمة عند هذا الحد بل تطورت لارتكاب عدة اغتيالات لدبلوماسيين سعوديين في العاصمة بانكوك اشتبه في تورط الشرطة التايلاندية في ارتكابها لحماية العاملة من الملاحقة الجنائية. الجريمة الأولي وقعت عام1989 وتمكنت العاملة من الهرب من الرياض بشكل غامض, وفي العام نفسه بدأ مسلسل اغتيال الدبلوماسيين السعوديين عبدالله المالكي الذي قتل بطلق ناري أثناء عودته من مكتبه إلي منزله سيرا علي الأقدام وبعدها بأشهر اغتيل القنصل السعودي عبدالله البصري, ثم اغتيل الدبلوماسي فهد بن عبدالله الباهلي السكرتير الثاني في القنصلية, وأحمد عبدالله السيف, اللذان كانا يستقلان سيارة واحدة متجهين إلي العمارة التي يقطنها الباهلي, حيث كان في انتظارهما شخص شرع بإطلاق النار عليهما فور رؤيتهما. وخلال تلك الفترة قتل رجل الأعمال السعودي محمد الرويلي الذي كان يمتلك مكتب استقدام في بانكوك, وكان شاهدا علي اغتيال البصري, وعلي علم بتفاصيل العصابة التي سرقت المجوهرات. ووفقا للتقاريرالتايلاندية تم اختطاف الرويلي من قبل المباحث التايلاندية لاستجوابه عن حادثة مقتل القنصل, وتعرض للتعذيب علي أيديهم, ليقتل بعدها في عام1990 وتخفي جثته. محكمة الجنايات التايلاندية استأنفت أخيرا جلساتها للنظر في قضية مقتل الرويلي بحضور بعض المسئولين والدبلوماسيين السعوديين وعدد من أقارب القتيل بعدما استجدت دلائل جديدة تتمثل في ظهور بعض الشهود بالإضافة لترقية المشتبه به رئيسا للشرطة اللواء سومكيد بونثانوم الذي كان وقت الجريمة ضابطا برتبة مقدم. لم تتم استعادة كل المجوهرات التي سرقت ومنها ألماسة زرقاء نادرة, ولم تقم الحكومة التايلاندية بمحاسبة المتسببين في مقتل الرويلي لسنوات طويلة وهو ما تسبب في عودة التوتر للعلاقات بين البلدين من جديد. وأمام الضغوط السعودية تراجعت بانكوك عن الترقية وأعلن سومكيد في مؤتمر صحفي عدم قبوله الترقية للخروج من الأزمة. الأزمة لم تنته بعد, والجريمة تعد نموذجا للتحالف الشيطاني بين المجرم ونظام شرطي فاسد لإخفاء معالم جريمة سرقة كبري نتج عنها توريط بلاده في مشكلة أكبر.. والعزاء أن القضية لم تمت.