تدمن الرئاسة التعامل بأثر رجعي مع كل الأشياء, فبينما وقف كل المصريين ينتقدون ترددها في التعامل الحاسم مع ملف الجنود المختطفين ومحاولة تفريق دمائهم بين قبائل القوي السياسية ومشيخة الأزهر والإفتاء وغيرها خرج علينا أحد مستشاري الرئيس ليحاول إقناعنا بهذا التعامل مع الأزمة قائلا: إن عملية إنقاذ الجنود السبعة المختطفين بدأت منذ الإعلان الرئاسي الأول السبت الماضي, ولم يكن تصريحه إلا ذرا للرماد بعد أن تحرك الجيش المصري وبدأ عملياته التمشيطية الفعلية في سيناء. وحتي هذه التصريحات لم تحقق ما كان يتمناه سيادة المستشار فقد نسفها المصدر الذي أسمته وكالة الأناضول- المعروفة بقربها واقترابها من مؤسسة الرئاسة بالسيادي- بقوله إن عملية تحرير الجنود بدأت رسميا أمس من خلال الحملة التي استهدفت منطقة الجورة والشيخ زويد ورفح وتمشيط المناطق الثلاث لتأمين قوات الجيش والشرطة التي تتحرك علي أرض الواقع لمداهمة البؤر الإجرامية بحثا عن الجنود المختطفين. وقد حدث ما كتبت عنه أمس وتمنيته عندما قلت إن الجيش المصري حتما سوف يعيد للشعب كرامته التي تأثرت كثيرا بفعل ماكينة التصريحات الرئاسية والتردد المتكرر من قبل صناع القرار إلا أنه يبدو أن إدمان ركوب ريح الإنجاز يصعب التشافي منه, فقد استمرت نفس الماكينة التي حلقت مع الطائرات ولكن الورقية منها لتشير إلي أن كل الخيارات مفتوحة مع إدعاءات للبطولة تبلورت في تصريحات الدكتور أيمن علي مستشار الرئيس لشئون المصريين بالخارج وكأن الجنود المختطفين في سيناء تم احتجازهم في أراض غير مصرية حيث أشار إلي أن الجهة التي تقود العملية برمتها عسكرية وغير عسكرية هي رئاسة الجمهورية. أما الجهادية السلفية فقد تبرأت من خيوط الحماية التي كانت تدعو إلي ضرورة عدم إراقة دماء الخاطفين وجعلت مسئولية الاختطاف في رقبة الداعي لسلامتها وفجرت مفاجأتها حقيقة أو إدعاء بأن المسئول الأول عن الاختطاف تجده في الجهات الحكومية من مؤسسة الرئاسة والداخلية وقيادة الجيش, وقدمت مفهوما للعدالة ارتأت أنه ينبغي أن يكون علي شاكلة الإفراج عمن شملهم العفو الرئاسي من قبل بتحقيق العدالة المنقوصة مع المعتقلين من أهالي وشباب سيناء, بقرار سياسي وليس بحكم قضائي, وهذا الأمر إذا لم يضع المسئولية في رقبة المسئول الأول في مصر فإنه يمثل انتقادا شديد اللهجة لنوعية الإفراج والعفو و من شملهم دون أن يشمل آخرين كانوا يرون في الرئيس المنقذ الأول لرقابهم ويرونه الآن كباقي المصريين من الكفار والطواغيت رغم تحفظنا علي تكفيراتهم المتكررة التي لا سند لها إلا احتضان الشيطان. ولو كنت مكان أولي الأمر لتركت الجيش يتصرف كيفما يشاء للحفاظ علي هيبة الدولة وسيادتها بدلا من ادعاء البطولة و التمرغ في تراب الميري الذي لا ناقة لهم فيه ولا جمل إلا محاولات يائسة للحاق بقطار البطولة المتوقف تماما عن الحركة. [email protected] رابط دائم :