بعيدا عن النيران المشتعلة في جسد الوطن بفعل الصراع السياسي الدائر بين القوي المتناحرة علي السلطة, تدور في أقصي الجنوب حيث منابع المياه عملية خطيرة بدت ملامحها تتضح, ومعالمها تتكشف ببناء سد النهضة المزعوم في إثيوبيا فيما راحت القوي السياسية المصرية تمعن الكيد, والمكائد, وتفتعل الأزمات, وتحيك المؤامرات. قل إنها الأزمة الأخطر التي تواجه مصر بل تستطيع أن تقول عنها أزمة حياة أو موت بالنسبة لبلد يعتمد علي مياه النيل في الزرع والحرث, والسكن.. هي أيضا معركة مصير لبلد صاحب حقوق تاريخية في مياه النيل أراد البعض أن يحرمه جزء منها.. هي أيضا معركة سيادة لدولة هي هبة النيل تحيا بمائه, وتموت بجفافه. كلية الهندسة بجامعة القاهرة كشفت أبعاد الأزمة, وأزالت الطمي المتراكم عن الأخطار التي تتهدد مصر بسبب سد النهضة, وكشفت المسكوت عنه في الخطاب الإعلامي الحكومي إذ قالت في دراسة لها: إنه في حالة فقدان مصر4 مليارات متر مكعب سيؤدي ذلك إلي بوار مليون فدان زراعي, وإن فقدان هذه المساحة سيترتب عليه تشريد مليوني أسرة ونقص في إنتاج الأسماك وخلل في الاتزان البيئي وتوتر في الصحة العامة ونقص في توليد الكهرباء وزيادة الفجوة الغذائية وتدهور نوعية المياه الجوفية في مصر. بينما في حالة انهيار السد فإن أقصي موجة للمياه ستصل إلي145 مترا, وسيؤدي إلي انهيار كل السدود الصغيرة في إثيوبيا ثم تصل إلي الخرطوم وتنهار السدود بها, ليصل إلي بحيرة ناصر7.7 مليار متر مكعب في اليوم مما سيؤدي إلي تجريف وضياع مساحة كبيرة من الأراضي. إنها كارثة تهدد الأمن القومي المصري, في كل جوانبه, فماذا ننتظر, ولماذا هذا البرود السياسي في التعامل مع أزمة مصيرية تتعلق بمستقبل وطن صاحب حضارة وتاريخ, وله من الحقوق التاريخية في مياه النيل ما يجعله ينتفض, دفاعا عن حق مشروع تحميه المواثيق والمعاهدات الدولية؟. إن كل الدراسات التي قام بها خبراء استراتيجيون أكدت أن الحروب المقبلة في الشرق الأوسط ستكون بسبب المياه, ومصر لديها اتفاقية دولية تؤكد حقها المشروع في الحصول علي55 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل, والتفريط في أي قطرة ماء يعادل التفريط في تراب الوطن وهو ما لا يسمح به الشعب الذي قام بثورة لاستعادة حقوقه كاملة وغير منقوصة, فلا تفرطوا في حبة تراب أو قطرة ماء!!. [email protected] رابط دائم :