السلاح الكيماوي من أخطر الأسلحة وأشدها فتكا, فهو أحد أسلحة الإبادة الجماعية القادرة علي قتل أكبر عدد من الأشخاص في وقت محدود جدا, فهو يستهدف الكائنات الحية فقط ولا يحدث دمارا شاملا كالذي يحدثه السلاح النووي. الصحف الغربية علي اختلاف توجهاتها وسياساتها في بريطانيا والولايات المتحدة أجمعت أمس علي الدعوة الي تدخل دولي فوري وسريع وقوي في سوريا بعد أن ثبت استخدام نظام الأسد غاز السارين القاتل والمدمر للأعصاب ضد المدنيين السوريين, مشيرة الي مجزرة حلبجة التي ارتكبها النظام العراقي ضد الأكراد باستخدام غاز الخردل, وداعية الي منع وقوع النسخة السورية منها. صحيفة التايمز البريطانية دعت في مقالها الافتتاحي تحت عنوان الخط الأحمر السميك الي ضرورة اعتبار أن الحرب السورية وصلت الي نقطة اللاعودة بعد استخدام النظام الأسلحة الكيماوية. وقالت: إن التعامل مع الرئيس بشار الأسد يجب أن لا يكون علي أساس أنه ديكتاتور فقط, وإنما مجرم حرب ويجب أن لا يفلت من العدالة الدولية. ودعت الرئيس الأمريكي باراك أوباما الي الخروج عن صمته وعن ردوده المتلكئة في الشهر الخامس والعشرين من الثورة السورية الذي سبق وأعلن ان استخدام السلاح الكيماوي سوف يغير من قواعد اللعبة وحساباتها. الجدل الذي اثاره استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي علي المستوي السياسي والدبلوماسي والإعلامي من جانب الساسة والصحفيين الغربيين في أغلبه صحيح من حيث خطورة استخدام السلاح الكيماوي المحرم دوليا, ومخاوف الغرب من وقوع مجزرة في سوريا تشبه مجزرة حلبجة التي ارتكبها الرئيس العراقي المخلوع والذي أعدمه شيعة العراق صبيحة عيد الأضحي مثيرة للاستغراب والدهشة وربما الضحك أيضا. فمجزرة حلبجة راح ضحيتها خمسة آلاف كردي عراقي, فيما بحار الدماء التي غرق فيها السوريون منذ أكثر من عامين علي أيدي قوات الأسد فاقت هذا الرقم بخمسة عشر ضعفا بأسلحة تقليدية ثقيلة منها الطائرات والدبابات والمدفعية والصواريخ, فهل لم ينتبه الغرب لهذا العدد الهائل من الضحايا السوريين؟ هل ثمة فارق بين الموت بالسلاح الكيماوي أو الجرثومي أو النووي أو بأي طريقة أخري حتي ولو بالسلاح الأبيض؟ هل القتل بالكيماوي مجرم فيما القتل بالطرق الأخري مشروع؟ القتل هو القتل علي كل حال, والأسد مجرم حرب منذ وجه نيران جيشه لصدور أبناء شعبه, وكان علي الساسة والصحفيين الغربيين أن يجدوا حلا للأزمة قبل أن يتجاوز عدد الضحايا حد ال70 ألف شهيد, لا أن ينتظروا ليفحمونا بخطورة الأسلحة الكيماوية. والأفضل أن يحدثنا الغرب عن قلقه علي إسرائيل بعد ظهور كيماوي الأسد. [email protected] رابط دائم :