كتبت أمس عن خصائص أهل السلطة والأعراض التي تغير تعاملهم مع الآخر في بحثي عن تفسير نفسي لمن في السلطة ويعيش احساس المعارضة فينزل الشارع. ليتظاهر ضد نفسه ووجدت ذاكرتي تسترجع صورة الطبيب الكبير الذي يشغل موقعا في مكتب ارشاد الاخوان عندما التقيته واردت مصافحته كما اعتدت منذ اكثر من15 عاما فرفض وعندما سألته عن السبب زعم انني اتهم الجماعة في مقالاتي ولا انتقدها واسير وراء الشائعات دون تأكد وانني اصبحت ممن يمثلون الضلال في الصحافة. كان هذا الطبيب قبل ان يتهيأ لصورته الطاووسية الجديدة بفعل السلطة كلما رآني شد علي يدي وقال: أهلا بشرفاء الصحافة أما الآن فقد حولت السلطة الشرف الي رفض للآخر واتهامات دون دليل والقول بضلالي وتضليلي ولو استمر الحوار أكثر لوصل الي حد التكفير. الطبيب الطاووسي بالسلطة ربما يصل في يوم الي ما صاغه ابن المقفع في وصيته للمتحولين والمتغيرين حسب اتجاهات المصالح الشخصية لا تكن كالغراب الذي حاول تقليد مشية الطاووس فلا هو اصبح طاووسا ولا عاد الي مشيته الاولي لا طاووس بالسلطة ولا غراب بانتقادها والتظاهر الزائف عليها وبين الاثنين يقف الكاذبون المخادعون عرايا من الشرف والكرامة لا يخشون شمس التغيير التي قد تجبرهم علي العودة ثانية لصفوف الناقمين علي السلطة وساعتها لن يكون بمقدور احدهم ان يستمر طاووسا أو يعود غرابا وانما يبقي كائنا مشوها سقطت اقنعته وتطاير ريشه المستعار عن اجنحته السلطوية المؤقتة. وجدتني اعود من جديد الي كلمات الدكتور محمد الجوهري استشاري الطب النفسي المنشورة علي موقع واحة النفس المطمئنة لعلي اجد تفسيرا لموقف الطبيب الطاووسي الذي كان صديقا فهوي وبالفعل وجدت ما يخفف ضيقي من موقفه المتأثر بالحمل الكاذب بالسلطة اذ انه يتأرجح بين نيقولا مكيافيلي وجوستاف لوبون اللذين انشغلا بدراسة هذا الامر فحاول مكيافيلي تصور سيكولوجية السلطة في كتابه الامير وسعي لوبون لتصور سيكولوجية الخضوع للسلطة في كتاب سيكولوجية الجماهير وصدم العالمان الوعي الانساني بما كتباه حيث قدم مكيافيلي سلطة الأمير منقطعة عن أي قواعد اخلاقية واطلق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ورأي ان السلطة دائما قاسية وغاشمة وظالمة ومستغلة وان هذا من حقها ولو لم تفعل ذلك لاستضعفتها الجماهير وسحقتها وقدم لوبون الجماهير ككائن غير منطقي يميل للاستهواء والاستلاب وتتحكم فيه عواطفه واحتياجاته البدائية وانه حين يثور يصبح اكثر عدوانا وطغيانا من صورته الطبيعية الطبيب الطاووسي اخذ من مكيافيلي وسيلته وغايته وأخذ من لوبون الخضوع للسلطة وعبادتها في صورة صنم كبير أجبرته انانيته ومصالحه الذاتية ان يجعله من حلوي حتي اذا جاع من السلطة أكله وكفر بعبادته وساعتها سيبحث عن الضالين من امثالي للمصافحة وسوف نصافحه لأننا لسنا عبيدا للسلطة! [email protected] رابط دائم :