حالة الشك والريبة المتبادلة بين النظام الحاكم ومعارضيه هي التي أوصلت البلاد إلي حالة من الفراغ التي تعاني منها مختلف أجهزة الدولة فأدي الخلل في هذه الثقة إلي حدوث إرتباك واضح. ينعكس سلبا علي كل قرارات المسئولين في مختلف المستويات القيادية فكانت الهزات الارتدادية التي وصلت إلي قاع المجتمع فأصيب الجميع بالخوف والقلق علي مستقبل البلاد. وأول إرهاصات الشك كانت الإعلانات الدستورية من قبل الرئاسة والتي حصنت قرارات الرئيس بدون وجه حق بعيدا عن مؤسسة القضاء والتي انتهت بتعيين نائب عام وتمرير دستور مختلف عليه من قبل قطاعات كبيرة من المصريين لا يمكن تجاهلهم أيا كانت المبررات لأنها تعرض مستقبل البلاد للخطر. وكانت الآثار المترتبة علي ذلك إنقساما غير مسبوق في كل مؤسسات الدولة وانشقاقها إلي نصفين في سابقة خطيرة لا يمكن السكوت عليها لأنها ستؤدي إلي مضاعفات كارثية تؤثر علي حاضر ومستقبل مصر دون إظهار حسن النية من قبل النظام الحاكم ومريديه وبدلا من لملمة الأوضاع ورتق الشق اتسع الخلاف. وعليه دخلت كل مؤسسات الدولة السيادية في نزاعات داخل المؤسسة الواحدة وظهرت خلافات جدية بينها وبين بعضها الآخر مما يهدد بحدوث خلل كبير في بنيانها يتبعه تفسخ في هذه المؤسسات فيمكن من إعادة بنائها علي هوي النظام القائم كما حدث في السابق. ومن هنا ظهرت فكرة التمكين التي يتبناها النظام الحالي والتي تتوازي مع فكرة التوريث التي أدت إلي قيام ثورة25 يناير والتي يمضي فيها النظام إلي أخر الحدود وما تكلم عنها الجميع من المستقيلين من مؤسسة الرئاسة وكل الأحزاب والنقابات المستقلة وما تم تسجيله وتتبعه من قبل بعض مراكز الدراسات والتي تؤكد أن الرئاسة اتخذت قرارات سرية بنسبة76% من مجمل القرارات التي اتخذها الرئيس في الوقت الذي لم يتخذ فيه الرئيس السابق قرارات سرية سوي بنسبة50% وهذا معناه أن التكتم والسرية تسيطر وتهيمن علي صانعي القرار مما يزيد من فجوة انعدام الثقة بين الحاكم ونظامه والشعب بكل طوائفه وانتماءاته. ومن هنا يري الكثير من المحللين أنه لا فرق بين النظام السابق واللاحق في فكرة التوريث وفكرة التمكين, فبالرغم من أن النظام السابق سعي علي مدار عشر سنوات إلي التأكيد علي فكرة التوريث من خلال لجنة السياسات فكانت النهاية الكارثية لمصر فوقعت في فخ الفوضي وبين التمكين لمكتب الإرشاد الذي يدير البلاد من وراء ستار كما يدعي البعض مما يؤدي إلي إدخال البلاد في نفق مظلم بالرغم من وجود رئيس منتخب ديمقراطيا ولو بشكل نسبي من قبل المصريين. وهذا يؤدي إلي ظهور الكثير من الأشواك في طريق الديمقراطية المتعثرة في غياب المصداقية من قبل المسئولين والذي لا يبدو أن النظام الحاكم ومريديه يؤمنون بها إلا من أجل الوصول إلي السلطة فتكون نهاية الطريق بعدها يكفرون بالديمقراطية التي لا تتوافق مع أهدافهم ووجودهم في السلطة وهذا يمثل تحديا خطيرا علي السلطة الحاكمة وعلي الدولة المصرية كالمستجير بالرمضاء من النار. ولكن الخطر الداهم يتبدي في إثارة الشكوك حول الأمن القومي المصري والذي يعتبر المخابرات المصرية فيه من القلب فبدأت السهام توجه إليها من قبل النضورجية الذين يسعون إلي إخفاء جريمة قتل الجنود المصريين في رفح أثناء الإفطار في رمضان الماضي دون أن يبحث أحد عن القاتل الحقيقي بل يسعي البعض إلي إخفاء الحقيقة التي ظلت خفية علي مدار ستة أشهر في غياب المؤسسة الرئاسية. فدعاة الفتنة ورؤوسها الذين أطلوا علي الشعب ينشرون أكاذيبهم ويتهمون المخابرات المصرية بدون دليل, بتدريب البلطجية في محاولة منهم للتهرب من استحقاق مذبحة رفح والكشف عن خطف وقتل رجال مصر الأوفياء من القوات المسلحة والشرطة حماة الوطن الذين تم خطفهم أو قتلهم فذهبت أرواحهم هدرا وبالرغم من أن هناك شكوكا تدور حول حركة حماس الفلسطينية في قتل جنودنا تستحق النفي بالدليل القاطع مع نشر بعض الفيديوهات التي تدل علي ارتداء حماس لملابس الجيش المصري عند التدريب علي السلاح دون رد فعل من قبل المسئولين وكأن هناك شيئا ما يدبر في الخفاء من أجل إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية علي حسب هوي ومصالح النظام فما أشبه الليلة بالبارحة. إن البحث عن القتلة الحقيقيين فرض عين علي القائمين علي حكم البلاد ومن قبل الجميع حتي تتضح الحقيقة وإلا فإن الذي يخفي حقيقة قتل الجنود المصريين في رفح يعتبر صهيونيا أكثر من الصهاينة لأن المصريين يشعرون بالإهانة من اتهام إخوانهم الفلسطينيين من القيام بذلك, فالمصريون ضحوا بكل غال وثمين من أجل فلسطين وتحريرها من الاحتلال. وكل هذا يتوافق مع تغيير الجيش المصري والشرطة لملابسهما بعد أن تم ويتم تهريب ملابس الجيش والشرطة في طول وعرض مصر وعلي الحدود في وجود إدعاء تفصيل ملابس الجيش المضبوطة في الانفاق للأطفال فهل الرئاسة تخفي عن الشعب المصري حقيقة قتلة الجنود المصريين في رفح, كما يشاع, وإذا كان ذلك كذلك, فلم الصمت إن هذا لأمر عظيم لا يرضاه إنسان ولا مسلم ولا شخص عنده ذرة من إيمان أو إنسانية أو دين أو حتي وطنية فقولوا لنا من خطف ضباط الشرطة؟ ومن قتل الجنود المصريين في رفح؟ ومن يريد هدم جهاز المخابرات؟ من هم رؤوس الفتنة والمفسدون في الأرض فلتتحمل الرئاسة مسئوليتها لأن الأمر جد خطير والحدث جلل وعظيم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون, وإنا لمنتظرون. رابط دائم :