يبدو أن هناك إلتفافا علي فكرة الدولة المصرية من الأساس لدي القائمين علي أمر البلاد وتابعيهم الذين لم يستوعبوها فبدأ الهدم علي قدم وساق. فكل شيء أصبح مباحا ومستباحا حتي بدأت الأمور تتضح بشكل واضح وجلي فكل يوم يعلن علي رؤوس الأشهاد أن هناك مخططا يدار من وراء ستار لتفكيك الدولة المصرية بعد أن فقد النظام قدرته علي استيعاب نفسه والواقع من حوله وإدراكه أنه سحابة صيف عابرة في سماء مصر المحروسة التي لن تتسامح مع من يعتدي علي وجودها كدولة موحدة لها كيان تحت حكم الإسلام الذي يحافظ علي جميع مواطنيها. باعتبارهم متساوين في الحقوق والواجبات علي عكس ما يفهم من في السلطة فكل المعطيات والدلائل تؤكد أن هناك إنقلابا ليس علي معايير الدولة المصرية وقيمها من أجل تفكيكها وإعادة بنائها علي هوي النظام الحاكم مثل ما فعل سابقوه وكأنهم ملائكة لا يخطئون, بالرغم من أن كل تصرفاتهم وأفعالهم ليس لها علاقة بمصالح عامة الناس الذين حولوا حياتهم إلي جحيم لا يطاق باسم الإسلام وهو من تصرفاتهم وأفعالهم براء. وإنما هناك إنقلاب جذري علي مفاهيم قيم وأخلاق ومبادئ الإسلام السمحة والذي تجذر في قلوب وعقول المسلمين وغيرهم علي مدي ألف وخمسمائة عام فيحافظ علي حقوق الناس ويحمي عقائدهم ولا يقلل من شأنهم في الوقت الذي نجد فيه تشويها متعمدا لقيم وأخلاق وسلوك الإسلام في كل ما قيل ويقال من قبل دعاة الإسلام علي غير الحقيقة والواقع. فليس صحيحا أن الإسلام دين يدعو إلي الفرقة والتفرقة والتناحر بين أبنائه عوضا عن جيرانه وإنما هو دين التوافق والتلاقي والتسامح والتعاضد فضرب أروع الأمثلة في ذلك من العهد الأول فعندما حدث خلاف بين قبائل قريش علي من يضع الحجر الأسود في الكعبة وكادت تحدث معارك طاحنة بينهم قال الحكماء منهم نرضي بأول داخل للبيت الحرام فكان محمد صلي الله عليه وسلم قبل البعثة فوضع ثوبا علي الأرض ووضع عليه الحجر الأسود ثم أخذت كل قبيلة بطرفه ثم وضعه بيده الشريفة في مكانه في الكعبة المشرفة وكان علي القائمين علي أمر مصر أن يصنعوا مثل ما صنع نبيهم فأنهي الخلاف بين القبائل وجمع الكلمة ووحد الصف. وليس صحيحا أن الإسلام يحض علي العنف والكراهية أو يدفع أتباعه إلي الكذب الممنهج إنما كانت الصفتان اللصيقتان لصاحب الرسالة محمد صلي الله عليه وسلم هما الصدق والأمانة, وخلقه العظيم الذي زكاه ربه فيه فقال( وإنك لعلي خلق عظيم) مما يؤكد أن رسالة الإسلام الخالدة تتبع من معيار الصدق والأمانة في كل قول أو فعل أو تقرير. وغير ذلك فهو ليس من دين الإسلام في شيء, حتي لو ارتدي عباءة الإسلام وإنما هو شيء آخر غريب عن هذا الدين وقيمه وأخلاقه السمحة, قال تعالي لنبيه( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك), فلا كذب ولا نفاق ولا خيانة ولا خداع ولا احتيال أو قتل في الإسلام, إنما جاء ليخلص البشرية من كل أدران الشرك ويغسلها من كل هذه الشرور والأثام والكراهية وكل هذه الأمراض الفتاكة فمرض واحد منها كفيل بتدمير الأمة. فالإسلام دين العلم والمعرفة والتقدم والازدهار وبناء الحضارة الراقية بقيمه وأخلاقه, وأتي كي يأمن الخائف ويطعم الجائع ويعالج المريض ويحمي الضعيف ويعين علي نوائب الدهر وتتبدي عظمة الإسلام في أنه دين المصلحة العامة وليس مصلحة فئة علي حساب فئة أخري إنما يساوي بين جميع البشر في الحقوق. والواجبات بغض النظر عن الانتماء إلي العقيدة أو اللون أو الجنس أو اللغة فعلي علماء الإسلام العدول الذين يقفون في صف الشعوب ضد ظلم واستبداد الحكام وكذبهم علي شعوبهم, إن يظهروا حقيقة الأفكار المنحرفة التي تتخذ من الدين غطاء لتسويق أفكار فاسدة ومضللة وهدامة هدفها النيل من الإسلام في قلوب أتباعه قبل أعدائه. وعلي كل مسلم غيور علي دينه محب لوطنه أن يظهر سماحة وطهر وعفاف الإسلام في قوله وفعله وتقريره وعلي كل مسلم يمارس السياسة عليه أن يجعل من السلوك الإسلامي منهج حياة في تعاطيه مع السياسة, لأن غياب سلوك الإسلام عند الذين يمارسون السياسة يجعل الإسلام هدفا لسهام أعدائه علي غير وجه الحق والحقيقة فلا إسلام في السياسة لمن يستخدم الكذب والتضليل علي الناس, وإنما السياسة في الإسلام تعني حمايتها بقيم وأخلاق وسلوك ومبادئ الإسلام السمحة. رابط دائم :