من المفارقات الغريبة أن صناعة السيارات في مصر بدأت قبل اليابان بنحو عام عندما أسس الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أول شركة مصرية باسم شركة النصر للسيارات بقرار جمهوري حمل رقم913 لسنة1961, وكان حلم تصنيع سيارة مصرية بدأ يراود الزعيم الراحل إلا أن هذا الحلم سقط بعد ذلك بفعل الفساد الذي عشش في مصر وضاع الحلم ليترك أنقاض هذه الشركة التي أعلن قبل يومين عن إعادة تشغيلها شاهدا, ودليلا علي الفساد, والإهمال الجسيم في حق هذا الوطن. ومن يتتبع قصة هذه الشركة سيتأكد أن الصناعة المصرية مرت بمؤامرات تسببت في تخلف مصر, في وقت كانت هناك فرص واسعة لوضع مصر ضمن أكبر الدول الصناعية في العالم, والمدهش أن معدل النمو في مصر خلال الستينيات كان يمثل3 أضعاف دول جنوب شرق آسيا وعلي رأسها سنغافوره وهونج كونج وكان يقترب من اليابان التي أصبح إنتاج السيارات بها يتجاوز9 ملايين سيارة في العام, بينما شركة النصر في ذروة إنتاجها في أواخر التسعينيات6 آلاف سيارة فقط ثم تم إغلاقها بدعوي الخسارة, في عام2008 وتسريح نحو4 آلاف عامل كانوا يمثلون رأسمالا بشريا لا يعوض علاوة علي أن الديون بلغت نحو3,1 مليار جنيه. المؤامرة بدأت بفتح السوق المصرية أمام الشركات الأجنبية التي وجدت في مصر فرصة ذهبية في تسويق منتجاتها, حيث دخلت السوق نحو16 شركة عالمية لتجميع السيارات ورغم أن التجميع يزيد من سعر السيارة بنحو30% عما يمكن دفعه في حالة الاستيراد, بل أنه مع تخفيض جمارك السيارات في2016 وفق اتفاقية منظمة التجارة العالمية إلي4% فان صناعة التجميع ستكون أول المتضررين وقد تغلق! ومن هنا فإن تصفية شركة النصر للسيارات حرم مصر من إقامة صناعة قوية, بل وضعها خارج هذا المجال الذي يصعب حاليا دخوله نظرا للمنافسة الشرسة. وربما نقل أصول الشركة إلي وزارة الإنتاج الحربي, قد يجدد الأمل مرة أخري في حلم صناعة سيارة مصرية!!.. ربما