كلمة "شهيد" وجمعها "شهداء" تناولتها كتابات وتصريحات وخطب وندوات وطروحات سياسية وغيرها، وصارت الكلمة وصفا، وسبوبة وارتزاقا في معترك ومشهد الأحداث! بداية: المفهوم اللغوي: الشهيد: المقتول في سبيل الله، والجمع: شهداء، وسمي الشهيد شهيدا، لأن الله عز وجل وملائكته عليهم السلام شهدوا له بالجنة، وقيل: لأنه يكون شهيدا علي الناس بأعمالهم المفهوم الاصطلاحي: من مات من المسلمين في قتال مشروع لإعلاء كلمة الله تبارك وتعالي أو بسبب ذلك أقسام الشهيد: بالاستقراء في المصنفات العلمية المعتمدة فالشهيد علي ثلاثة أقسام. 1 شهيد في الدنيا والآخرة: هو الذي يقتل في قتال مشروع لإعلاء كلمة الله جل شأنه وللذود عن الأرض والعرض والمال، وعن مقدسات الإسلام كالمصحف القرآني الشريف، والمساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال (المسجد الحرام، المسجد النبوي بالمدينة، المسجد الأقصي بالقدس) مقبلا غير مدبر، لتكون كلمة الله سبحانه هي العليا، دون غرض من أغراض الدنيا. والأصل فيه: قوله صلي الله عليه وسلم : (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله) 2 شهيد الدنيا: من قتل في قتال لغرض دنيوي، أو لرياء في قتال مشروع. 3 شهيد الآخرة: المقتول ظلما من غير قتال، ومن مات حتف أنفه كالمبطون، والغريق، ومن مات بسب مرض مستعصي كالطاعون، والكواليرا (وشتي الأوبئة)، ومن ماتت بسبب الحمل أو الوضع، أو النفاس. الأصل فيه: قوله صلي الله عليه وسلم : (الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله تعالي )، (من قتل دون ماله فهو شهيد) قدر الشهيد: قال الله سبحانه وتعالي : (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) "70 71 آل عمران"، (فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما) "74 النساء" وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلي الدنيا وله ما علي الأرض من شيء إلا الشهيد يتمني أن يرجع إلي الدنيا فيقتل عشر مرات لما يري من الكرامة"، "يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته"، "للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويري مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع علي رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها" والشهيد عدا شهيد الآخرة تتعلق به أحكام من جهة تغسيله والصلاة عليه وتكفينه ودفنه، تطلب من محالها. أما شهيد الآخرة: حكمه مثل موتي المسلمين. إذا علم هذا: فالشهيد الحق جزاؤه عند الله سبحانه وتعالي لأنه لم يسع لأعراض أو أغراض الدنيا، وبعد شهادته لم تجعل له الشريعة الغراء عوضا ماليا لا في الغنائم ولا الفيء، ولا في بيت مال المسلمين، ولم يعهد في حياة سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وفي عهود خلفائه الراشدين رضي الله عنهم ان الشهيد تخصص له أي لورثته أو لأوليائه ماليات مطلقا، فالشهادة احتساب في مبدأ كل أمر ومنتهاه. ولا يتعلق بالشهيد الثأر له، فالمعارك المشروعة بدواعيها ومقتضياتها سجال من هجوم ودفاع من الجانبين، وليس في فقه الجهاد في الإسلام المطالبة من الطرف الآخر في عقود الهدنة أو الصلح وما أشبه مما هو معروف في السياسة الشرعية بالثأر لقتلي المسلمين. أما ما يحدث في قتال البغاة: وهم: الخارجون من المسلمين عن طاعة الإمام (الحاكم) الحق بتأويل ولهم شوكة، ويماثل هذا: الامتناع من أداء الحق الواجب الذي يطلبه الإمام (الحاكم) ذكر الفقهاء أحكاما عديدة متنوعة أهمها: من قتل من أهل العدل كان شهيدا لأنه قتل في قتال مشروع، قال الله عز وجل : (فقاتلوا التي تبغي حتي تفيء إلي أمر الله) 9 الحجرات، وأما من مات من البغاة فمن موتي المسلمين تجري عليهم أحكام موتي المسلمين. وفي كل الأحوال لا قصاص ولا دية حيث لم يرتب الشارع قصاصا للمقتول في البغي لعموم خبر: "من أعطي إماما صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر". ولأن كل من ثبتت إمامته وجبت طاعته، ولخبر: "سيخرج قوم آخر الزمان، حداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة". والخبران في (البغاة) بشروط البغي، ولا يتعلقان بالمشهد السياسي الحالي الدائر الحاصل، لأن ما يحدث عنف فكري لا يستوجب إراقة دماء لمتظاهرين سلميين فليسوا بغاة ولا تهدر دماؤهم بحال. رابط دائم :