في حوار حول الشيعة وما يتردد الآن من إنشاء مكتبة ثقافية شيعية في مصر قلت لصاحبي: لماذا تميل إلي الفكر الشيعي وتنحاز إليه وأنت تعلم مدي خطره علي المجتمع المصري؟ فقال مستنكرا: وأنتم لماذا ترفضون التشيع وقد رضيتم لأنفسكم خلال عقود كثيرة أن تكونوا شيوعيين أحيانا ومرحبين بكل المذاهب الوضعية في كثير من الأحيان, ومازلتم ميالين إلي غول الرأسمالية الذي يفترس الضعفاء ولا يرحم الكادحين من العمال والموظفين؟ فقلت لصاحبي إن الشيوعية تسللت إلينا خلال رعشة سياسية أصابت القيادة حينذاك فاتخذت من الخطر الشيوعي سلاحا لمقاومة المناوئين الإسلاميين, ودفع خطرهم عن نظام حكمهم الفاسد, فلما كشرت الشيوعية عن أنيابها في مصر استجارت القيادة السياسية بالتيار الإسلامي, وشجعته علي الظهور في شتي المواقع وخصوصا في الجامعات لأنه الوحيد القادر بفكره علي صد الخطر الشيوعي, وملاحقة منابره المبثوثة في البلاد ولعل آخر ضربة قضت علي هذا الخطر كانت في القرار الحاسم بطرد الخبراء الروس من مصر قبل معركة1973 أما المذاهب التي أشار إليها صاحبي فقد تسللت إلي البلاد في غيبة الديدبان الحارس, ونفذت إلينا في أقنعة خادعة مغرية, وقدمت إلي الشعب المصري في كوكتيل فاتح للشهية فشربه الناس وهم يشعرون بمتعة وجدوا فيها السلوي من طاحونة الحياة, ومع هذا تعايش المصريون مع الفكر الوافد تعايشا سلميا لا يخلو من الصراع الذي يظهر علي سطح الحياة الفكرية بين الحين والآخر, أما خطر الفكر الشيعي في أنه لا يتعايش مع الجمهور المسلم بالذات, ولا يقنع إلا بالاستحواذ والهيمنة علي ثوابت المجتمع ومتغيراته, ولا يقبل حتي المساومة علي أي نظام سياسي يخالف ثوابت الشيعة في الاعتقاد أو التشريع.. وهنا ضاق صدر صاحبي فسألني غاضبا: كأنك لا تعتقد أن الشيعة مسلمون لا يختلفون عنا في الكثير من الثوابت والمتغيرات؟ فقلت معاذ الله أن أعترف بإسلام إنسان يرمي أبا بكر وعمرو وعثمان بالكذب والخيانة بل يقرر أن غير الشيعة لا يستحقون إلا اللعنة والنار.. كيف اطمئن إلي عقيدة إنسان يراني كافرا مستحقا للعنة كما جاء في العديد من مؤلفاتهم؟ وكيف أستريح لفكر شيعي يخالف صريح الكتاب والسنة بل يخالف إجماع الأمة؟ إن واقع الانسان الايراني يشير في جملته إلي أن سلوكه لم يسلم من بصمات فارسية لا تزال آثارها واضحة في كراهية العرب بشكل عام والعرب المسلمين بشكل خاص, فالكتائب العربية الإسلامية هي التي حطمت غطرسة فارس وكبرياءها, ولهذا تري في إيران ميلا إلي عودة المجد الفارسي تحت راية الشيعة بانتشار الفكر الشيعي تمهيدا لاحتلال موقع أو التوغل في سياسة البلاد بشكل يصعب الخلاص منه كما فعلت في بعض دول الخليج. والغريب في عقيدة الإمامية الأنثي عشرية بالذات أنهم يحاكمون تاريخا انتهي من عدة قرون وجعلوا من هذه المحاكمة عقيدة لا تقبل الحوار. ولو أن الإمام رضي الله عنه كان حيا اليوم لتبرأ منهم ومن سلوكهم كما ضاق بهم ذرعا في حياته إذ رأي شيعته يلعبون علي كل الحبال, ويأكلون علي موائد خصومه حتي سألهم يوما أنا لا أدري هل أنتم معي أم علي؟ فقالوا: قلوبنا معك وبطوننا مع معاوية.. قال صاحبي وهو يصعد الزفرات: أنتم تتحدثون عن الشيعة بلغة أمريكا في موقفها العدائي من إيران, ونسيتم أنكم كنتم مخلب قط أمريكي في أثناء الحرب العراقية الإيرانية, وقد فتحتم الأجواء المصرية للضربة الجوية الأمريكيةلإيران وقد صرح رئيسكم وقتها بهذا ثم تبدلت الحال وتلونت السياسة الأمريكية فتلونتم معها ضد النظام العراقي في حرب لم تكتف بالقضاء علي رأس النظام صدام بل قضت علي قوة بلد عربي كان يعد البوابة الآمنة لمصر بالذات. فحديثكم عن الشيعة ملفوف بسياسة أمريكية لم تسلموا منها حتي الآن. فقلت لصاحبي: إنك تخلط بين قادة كانوا من ربائب أمريكا وبين شعب مصري عريق كان رافضا لموقف قادته بل كان أشد رفضا في أن تكون مصر مجالا جويا لضرب إيران أو العراق. وأعتقد أن الشعب العراقي نفسه لم يتألم كما تألم الشعب المصري للطريقة الهمجية التي ذبح بها صدام في أول أيام عيد الأضحي ثم دعك من الموقف الأمريكي تجاه إيران وانظر إلي السياسة الإيرانية في عدوانها علي الشعب السوري, ووقوفها لإقامة دولة علوية حليفة لروسيا وإيران وعندها سنكون جميعا بين خنجر شيعي لا يرحم وخنجر اسرائيلي يتربص بظهورنا علي الحدود. أما حدودنا فقد عرفنا كيف ندافع عنها ونحميها. ولكن إذا توغل الفكر الشيعي في بلادنا فهل ننتظر أن يبعث صلاح الدين الأيوبي من جديد ليحررنا من المذهب الشيعي كما فعل ذلك قديما؟ أم أننا من الآن نحذر من الخطر ونقول لأي فكر متشيع: لا أهلا ولا مرحبا بك في مصر الأزهر. رابط دائم :