منذ فجرت الولاياتالمتحدةالأمريكية قنبلتيها النوويتين في مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين لتضع حدا فاصلا بين الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة, تمارس دور رجل شرطة العالم, تنشر حاملات طائراتها في كل البحار والمحيطات, تغزو شعوبا تبعد عنها آلاف الأميال, تخوض حروبا في أقاصي الأرض للسيطرة علي العالم. فيتنام والصومال والسودان وأفغانستان والعراق وليبيا واليمن وجمهوريات الموز في دول أمريكا اللاتينية اكتوت بقذائف أبناء العم سام, شعوب العالم عرفت وتعاملت مع مشاة البحرية الأمريكية وذاقت ويلاتها. عرف عن المارينز شراهتهم للقتل وعدم رحمتهم وتعطشهم للدماء وساديتهم في التعامل مع أسراهم. البلطجة الامبريالية هي أقل وصف للسياسة الخارجية الأمريكية, وسلوك أفراد الجيوش الأمريكية نموذج للغطرسة والعربدة العسكرية. غرق الأمريكيون في المستنقع الفيتنامي لسنوات ولم يتعلموا الدرس, وأهينت كرامتهم في مطلع الثمانينيات في لبنان علي يد المناضلة سناء محيدلي التي قتلت241 من جنودهم في عملية استشهادية استهدفت مقرهم في بيروت, وتلقوا صفعة قوية عندما سحل الصوماليون أحد طياريهم المقاتلين في الشوارع. لم تحدثنا وزارة الدفاع الأمريكية( البنتاجون) عن وجود مجانين بين صفوف جنودها, ولكنها اعتادت تصويرهم علي أنهم فخر العسكرية العالمية, ونخبة المقاتلين المحترفين, وصفوة المحاربين. أفلام تسجيلية عديدة شرحت كيفية انتقائهم وطبيعة تدريباتهم الراقية بما يشير إلي أن معايير دخولهم الخدمة العسكرية لا تترك مجالا للخطأ. الآن.. وبعد تورطهم في جرائم حرب بشعة خلال حملاتهم الأخيرة بدأ الحديث يأخذ منحي آخر, فبدأنا نسمع عن محاكمة جنود أمريكيين لارتكابهم جرائم قتل غير مبررة لمدنيين أبرياء, آخرها إحالة الجندي روبرت بيلز 39 عاما الحاصل علي أوسمة ونياشين خلال خدمته في أفغانستان والعراق لفحوص طبية أمام لجنة ثلاثية بقاعدة لويس مكورد في واشنطن لتقييم حالته العقلية بعد قيامه بقتل16 مدنيا أفغانيا عمدا بإطلاق نار عشوائي عليهم في منازلهم في إحدي قري قندهار في مارس2012 لبحث إمكانية محاكمته!! الادعاء الذي يطالب بإعدام الجندي أكد أن بيلز تصرف منفردا حين تسلح بمسدس وبندقدية وغادر قاعدته مرتين أثناء الليل وعاد بعد نوبة إطلاق النار الأولي, ليقول لأحد رفاقه قتلت بعض الأشخاص للتو فيما يوصف بأسوأ مذبحة من نوعها في حق مدنيين يرتكبها جندي أمريكي منذ حرب فيتنام. إذا سلمنا بأن الجندي الأمريكي مختل عقليا كما تريد جهات التحقيق أن تثبت لكي يفلت من العقاب, فعلينا أن نعتقد أن كل الجنود الأمريكيين مجانين ومختلين عقليا لأنهم يرتكبون دائما مثل هذه الجرائم من دون حساب. رابط دائم :