تحت عنوان هل ستتوقف الحرب الأهلية بعد رحيل الأسد نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا أكدت فيه أن بقاء الرئيس بشار الأسد أو رحيله لم يعد يشكل أهمية بالنسبة للوضع هناك. خاصة بعد خروج الوضع عن سيطرته وتقهقر جيشه أمام الجيش الحر في الكثير من المدن, وبعد تخلي كثير من العلويين عنه متبرأين من جرائمه الدموية بحق السوريين, مشيرة إلي أن الحوار بين القوي السياسية بات السبيل الوحيد الذي يمكن سوريا من نزع فتيل الحرب الأهلية التي أهلكت السوريين واستحلت دمائهم. ورغم أن الأسد لم يعد يمثل حجر العثرة أمام المعارضة السورية التي بدأت تستعد لملامح المرحلة الانتقالية بعد رحيل الأسد وكذلك بدأت مشاورات تشكيل حكومة تقوم بتسيير الأعمال في سوريا بعد رحيله, إلا أن رحيل الأسد قد لا ينهي الحرب الأهلية في البلاد بل قد يحولها إلي حرب طائفية وقودها الأقلية العلوية المؤيدة للأسد والتي تحارب حتي النهاية خوفا من انتقام الثوار بعد سقوطه, والأغلبية السنية الرافضة لبقاؤه. وقد تصل شرارة تلك الحرب إلي خارج حدود سوريا لتصل لبنان والعراق وتركيا وإيران والخليج أيضا وغيرهم من دول الشرق الأوسط التي ستجد نفسها أمام صراعات دولية وإقليمية وطائفية معقدة تفكك وحدتها وتقسمها إلي دويلات طائفية تحكمها النزعات العرقية ووقتها ستستغيث المنطقة بأكملها من نيران الحرب السورية, وظهرت بوادر ذلك حينما قرر حزب الله التخلي عن سياسة النأي بالنفس وخوض الحرب مع جيش الأسد ضد الثوار وهو ما يهدد بإشعال حرب طائفية في لبنان الذي يعاني انقساما كبيرا سياسيا وطائفيا بسبب الزج بهم في الحرب السورية. ويري المحللون أن رحيل الأسد لن يضع حدا للصراع الدائر هناك لأن بقايا النظام الفاسد ستظل متربعة في أعلي المناصب السيادية في الدولة وهو يعرقل مسيرة المرحلة الانتقالية التي يحلم بها السوريين والتي يعتبرونها السفينة التي ستقودهم إلي بر الأمان, لكنهم لم يستوعبوا أن فلول الأسد لن تتركهم يبنون سوريا الديمقراطية التي يحلموا بها. ونظرا لذكاء ومكر النظام السوري عمل الأسد علي تصدير أزمته الداخلية للخارج من خلال إشعال الفتنة في لبنان والعراق لصرف الانتابه عن الوحشية التي يمارسها جيشه بحق المدنيين العزل. وتواجه سوريا أزمة غاية في التعقيد حيث إنها تعيش بين مطرقة بقاء الأسد لحماية البلاد من الانجرار إلي الحرب الطائفية التي قد تشعل المنطقة بأكملها أو رحيله الذي قد لا يضع حدا للحرب الدائرة بل سيزيد من حالة التدهور التي تعيشها البلاد ويجعل من سوريا دول فاشلة. ورغم أن السوريين بدأوا يشعرون بالخوف من سقوط الأسد لما سيعانوه من فروض وصراع علي غرار ليبيا وتونس إلا أنهم لن يقبلوا ببقاء الأسد بعد عامين من حرب تكسير العظام الذي مارسها ضدهم, غير إنهم لن يرضوا بأن يعيشوا مرة أخري تحت عباءة نظام الأسد الذي عانوا من ويلات حكمه الاستبدادي لأكثر من4 عقود. ويستغل الأسد حالة التفكك الموجودة في صفوف المعارضة التي تفتقد لقائد حقيقي يتوافقون حوله يأتي ليعبر عن تطلعات شعبه ويبحث عن حلول جذرية لحل الأزمة السورية, وغياب المعارضة والاختلافات المستمرة في صفوفها افقدت الشعب السوري الثقة في مجهوداتها وشوهت صورتها أمام العالم كله وتعد هذه هي إحدي العوامل التي تمكن الأسد من البقاء في الحكم محافظا علي إرث والده. ويستخدم الأسد فزاعة الفوضي والانهيار لتخويف شعبه الذي يطالب برحيله, ولذلك فعلي المعارضة المنقسمة أن توحد صفوفها من أجل التصدي إلي الوحش الغائر الذي ورث يتبع سياسة أنا والطوفان, فأما أن يبقي في الحكم محتفظا بالكرسي الذي ورثه عن والده أو يجر البلاد إلي فوضي خلاقة وحرب تدمر البنية التحتية لسوريا وتنتهي سبل إنعاش الاقتصاد الذي بات علي المحك. رابط دائم :