عام كامل يمر علي أقوي ثورة من ثورات الربيع العربي, راح ضحيتها أكثر من9 آلاف قتيل علي أيدي النظام السوري في محاولة منه لقمع هذه الثورة إلا أنها مع كل قتيل يزداد الشعب إصرارا علي مواصلة الصمود من أجل الحصول علي الحرية التي ينشدونها, ومع الموقف الروسي الصيني الذي يرفض أي موقف يدين النظام السوري أو التدخل لوقف هذه المجازر, تتجه بعض الدول الي العمل علي تسليح المعارضة السورية لمواجهة الجيش النظامي. وعلي الرغم من القرارات السريعة التي اتخذها الرئيس السوري بشار الأسد خلال العام الماضي فإن الشعب رفض ذلك بعد تصاعد العنف من قبل النظام واستخدام الصواريخ والدبابات, الامر الذي جعل الموقف اكثر اشتعالا بشكل غير مسبوق, مما ينذر بالمزيد من الضحايا ودخول البلاد في حرب اهلية تعيد الي الاذهان ما حدث. في لبنان, وذلك نظرا لتعدد الطوائف داخل المجتمع السوري. واذا نظرنا في البداية الي الموقف بالنسبة للثورة السورية فسنجد انها تختلف كليا عن باقي الثورات في الدول العربية وذلك لحساسية الموقع الجغرافي لسوريا وقربها من نقاط التماس مع الحدود الاسرائيلية وما سينتج عن هذه الثورة سواء كان بتغيير النظام الحالي بأكمله او الاعلان عن اصلاحات داخلية في النظام فإن القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية تقف اليوم موقف الحائر مما يجري في سوريا, بل ان القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية تري أن اي تغيير في سوريا لن يصب في مصلحة إسرائيل العسكرية والسياسية في المنطقة. ان فشل الجيش السوري والنظام الحاكم في سوريا يقمع الانتقاضة السورية, فإن هذا سيؤدي الي تغير استراتيجي عميق لأن سقوط بشار الاسد سيضع إسرائيل في مخاوف عديدة اهمها من هو الحاكم المقبل لسوريا وهل سيكون اكثر انفتاحا علي الغرب, الخوف الإسرائيلي يكمن في الايدي التي ستسيطر علي صواريخ سكود التي تمتلكها سوريا ذات الرءوس الكيماوية المتفجرة, بالاضافة الي قيادة الجيش السوري في جبهة الجولان لان بشار الاسد وعلي الرغم من دعمه لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين حافظ علي جبهة الجولان هادئة مع إسرائيل, ومن المتوقع ان أي نظام سوري جديد سيحاول بشتي الطرق كسب الشرعية الداخلية, ولكي يستطيع تحقيق ذلك فإن الوسيلة الوحيدة ستكون إحداث تغييرات جذرية علي المستوي الاقليمي سياسيا وعسكريا, وعلي هذا فان الجانب الإسرائيلي اليوم يتطلع بحذر للثورة السورية لان اي تغيير في النظام الحالي سيؤثر بشكل او بآخر علي العلاقات بين البلدين. من جهة اخري وحتي في حال فشل الثورة السورية فان إسرائيل لن تتجه لتوقيع اتفاق سلام مع السوريين لأن, بشار الاسد سيكون في نظر الإسرائيليين حاكما معرضا للسقوط, لذلك فإن فشل الثورة سيدفع بإسرائيل الي التعامل مع بشار الاسد كشخصية ضعيفة جدا. ان الثورة السورية اذا كتب لها النجاح فسيكون لها تأثير علي المستوي الاقليمي بشكل كبير خصوصا علي صعيد العلاقات السورية الأمريكية الإسرائيلية, بالاضافة الي طبيعة الدور الذي من الممكن ان تلعبه القيادة السورية الجديدة مع احزاب المقاومة كحزب الله وحماس وما هي الامكانية لاستمرار الدعم السوري للاستراتيجية الايرانية في الشرق الاوسط التي بدورها ستؤثر علي طبيعة التعامل الإسرائيلي السياسي والعسكري مع الواقع السوري الجديد, اما بالنسبة للتركيبة الطائفية للشعب السوري فنجد ان هناك العديد من الطوائف داخل المجتمع الاغلبية سنية وتبلغ نسبتهم76% من بينهم9% من الاكراد و11% من العلويين و5% من الشيعة والدروز و10% مسيحيين, وعلي الرغم من ان العلويين اقلية فان النخبة الحاكمة منهم وكذا كبار رجال الدولة ورجال الاعمال المتحكمون في الاقتصاد, والاهم من كل ذلك أن اغلب قيادات الجيش السوري من العلويين, وكذا نسبة كبيرة من الافراد والضباط, مما يؤكد ان النظام الحاكم يقف الجيش بجانبه, وعلي أهبة الاستعداد لتنفيذ كل المهام التي توكل إليه من قياداته لقمع المتظاهرين. وبالنسبة لمحاولات بعض الدول تسليح الجيش السوري الحر في الوقت الحالي, فإن ذلك سيزيد الامور تعقيدا في الفترة المقبلة, وسيدخل البلاد في الصراع طائفي, حيث إن الطائفة العلوية لن ترضي بذلك وستدخل في صراع مع كل الطوائف الاخري لأن ذلك سيمثل لها حربا للبقاء, وليس بقاء النظام فقط, وستسير الامور في اتجاه خطير تدفع ثمنه سوريا وشعبها لفترات طويلة, وكما أن سيناريو ليبيا ليس ببعيد علينا في الفترة الحالية, فقد بدأت الامور بتسليح المعارضة, وانتهت بتدخل قوات حلف الناتو في الصراع, ولكن في حالة سوريا وعلي مدي عام كامل, جعل نظام بشار الاسد الحل الوحيد أمام العالم هو تسليح المعارضة. ان ما يحدث في سوريا يؤكد أنه مهما طالت فترة مقاومة النظام للانتقاضة الشعبية فإنها لن تستمر كثيرا, لعدة اسباب أهمها. 1- تزايد المظاهرات في معظم المحافظات ووصلت الي دمشق وحلب. 2- في حال تسليح المقاومة ستقع العديد من الخسائر بين صفوف الجيش النظامي, الامر الذي سيزيد من حالات الانشقاق. 3- الحالة الاقتصادية التي تمر بها سوريا حاليا بعد العقوبات الاقتصادية اثرت بشكل كبير علي الحياه اليومية. 4- الرهان علي روسيا والصين فقط أمر في غاية الخطورة لأن المصالح والاعتماد علي التحالف لا يدوم ولن تقف روسيا والصين أكثر في حالة تزايد الضغوط الدولية. اذن فمن الواضح أن ما يحدث في سوريا حاليا, يؤكد أن النظام ساقط لا محالة وان طالت المدة أو قصرت, ولكن مع طول الفترة يزيد عدد الضحايا من الابرياء.