أكد الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين, أن الأمة الإسلامية تعيش في مرحلة تحتاج فيها إلي جمع الشمل وتوحيد الصف حتي تستطيع أن تصل إلي غايتها, وتسترد سيادتها, وتتبوأ مكانتها بين الأمم. وقال بديع, في رسالته الأسبوعية أمس, يجب علي الأمة الإسلامية أن تبتعد عن الفرقة والتنازع حتي لا تبوء بالفشل: مضيفا وحين ننصح الأمة الإسلامية بالاتحاد, ونبذ الفرقة والخلاف, ليس معني ذلك ألا يكون هناك اختلاف بين أبناء الأمة فيما ينزل بها من أحداث, أو ما يعتريها من مشكلات, لا سيما وهي في مرحلة تنفض عن كاهلها ميراث ظلم واستبداد وقهر واستعباد استمر لأحقاب عديدة وأعوام مديدة, وتسلك سبيل الحرية والعزة, وتسعي لتحقيق ما تصبو إليه من عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية. وحذر بديع, من الخلاف الذي يؤدي إلي تفريق أبناء الوطن, وإيقاع الخصومة والعداوة والتنازع فيما بينهم, وبدلا من أن ننصرف إلي العمل والبناء والارتقاء, يشغلنا شياطين الإنس والجن, ولا يتصور بحال من الأحوال أن يكون أبناء الوطن علي رأي واحد; لأنه لا يصح لأحد أن يصادم نواميس الكون, لأنها غلابة, لكن نستثمر سنة الاختلاف في تلاقح الأفكار, وتبادل المعلومات, وفض النزاعات, وتطوير مستوي الأداء بالتعرف علي الرؤي المختلفة, واستخدام ذلك في إثراء المواقف والتعاون والتساند والتآزر والتكامل من أجل رفعة الوطن ونهضة الأمة. وتحدث بديع, عن الاختلاف, قائلا: كيف لا نقر بالاختلاف في الرأي في أمور الدنيا ووسائل تحقيقها, فالصحابة رضوان الله عليهم جميعا اختلفوا والرسول صلي الله عليه وسلم بينهم, كما وقع الاختلاف في صفة الأذان والإقامة والاستفتاح وصلاة الخوف وتكبيرات العيد, مضيفا والخلاف في صلح الحديبية يرسخ حق الفرد في إعلان رأيه والدفاع عنه في حرية كاملة وأمن تام. وقال بديع إن الشعوب المسلمة لا تقبل أن تكون لها مرجعية في كل ما تذهب إليه غير المرجعية الإسلامية, وهذه أصول وقواعد والتي عليها تبني كل الأحكام الفرعية والاجتهاد الحر فيها, مضيفا أن مصر فيها صرح الأزهر الشامخ الذي حفظ للدين نقاءه وصفاءه ووسطيته, واتسع صحنه لطلاب العلم من كل دول العالم, واستوعب كل المذاهب الفقهية وصهرها في بوتقة الإسلام الجامعة, فنشر نور الإسلام النقي, ومنهجه المعتدل المتوازن في العالم الإسلامي. وناشد بديع الجميع قائلا: إن حب الوطن من الإيمان, وأن مصلحته تعلو علي كل المصالح, وعلينا أن نضحي في سبيله بمصالحنا الشخصية, ونذود عن استقلاله وحريته وسيادته بأرواحنا وأموالنا, مضيفا أن الشعب المصري شعب عظيم حر رشيد, وأهله خير أجناد الأرض, وأنه صنع حضارة وقهر الغزاة, ولا يصح لأحد أن يفرض نفسه عليه أو يتحدث باسمه دون أن يفوضه في ذلك, مشددا, أن نسلم بأن الشعب إذا اختار شيئا وفق آلية الديمقراطية المعمول بها في العالم كله, فإنه لا يصح لأحد أن يتجاوزه. ودعا بديع الجميع للحوار قائلا: في ظل هذه المسلمات نتحاور لمصلحة الوطن ورفعته, ونحن نتحلي بآداب وقيم تكفل لنا أن نصل إلي هدفنا, ونحتفظ بإكسير الحب والمودة والاتحاد بيننا, ومن هذه الآداب, إخلاص النية لله تعالي والتجرد من الهوي والتعصب, وعدم التشكيك في النوايا, وأن يكون الهدف هو الوصول إلي الحق وإلي رضا الله سبحانه, وأن نكون علي تقوي وخشية من الله عز وجل, وأن نتحلي بالصبر وضبط النفس, والإنصاف مع المخالف حتي ولو كان مخالفا لك. وأضاف أن نذكر أصول المناقشة في الاستئذان والهدوء والإيجاز, وترك الحرية للقائل حتي يفي موضوعه فلا يقاطع, وترك الجدل في الجزئيات ليقرر كل رأيه, ويدلل عليه بما يري من الأدلة, وفي ذلك ما يكفيه عند فقد رأي أخيه, إلي جانب طول التفكير والأناة, ووزن الأقوال وزنا دقيقا, والصراحة التامة في إبداء الرأي, فإننا جميعا نتلمس الخير, ونسأل الله سبحانه أن يوفقنا إليه, والله حسبنا ونعم الوكيل.