التضخم مرض من الأمراض العضال التي تعيب جسد الاقتصاد الوطني مثل الركود والبطالة وغيرهما من الأمراض. ولم تنج دولة من دول العالم في حياتنا المعاصرة من الاصابة بهذا المرض. والتضخم هو ببساطة حدوث زيادة مستمرة في المستوي العام للأسعار داخل الاقتصاد الوطني. ويصنف التضخم إلي عدة تصنيفات وفقا لسرعته أو وفقا لأسبابه. فمن حيث السرعة يوجد التضخم الزاحف عندما يرتفع المستوي العام للأسعار بنسبة3 5% سنويا أما التضخم الراكض عندما يرتفع المستوي العام للأسعار25 40% سنويا. أما التضخم الجامح فيحدث إذا ارتفع المستوي العام من الأسعار بمعدل100% أو أكثر سنويا. ولكن عندما يرتفع المستوي العام للأسعار بمعدل يومي فيحدث التضخم بالنوع المفرط. أما من حيث الأسباب فيقسم التضخم إلي نوعين, تضخم الطلب وتضخم التكلفة. وينشأ تضخم الطلب عندما تطارد كمية كبيرة من النقود كمية قليلة من السلع والخدمات أي عندما يزيد الطلب الكلي علي العرض الكلي حيث ينشأ تضخم الكلفة عندما يؤدي ارتفاع الأسعار أحد أو بعض عوامل الإنتاج إلي ارتفاع أسعار السلع والخدمات. وقد ينشأ التضخم عن انخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية فتزيد أسعار الواردات وتنتقل هذه الزيادة بالمحاكاة إلي باقي السلع والخدمات في المجتمع. كما قد يصنف التضخم إلي تضخم مفتوح وأخر مكبوح ويحدث النوع الأول في ظل غياب إجراءات الرقابة والتحكم الحكومية في الأسعار أما النوع الثاني فيحدث عندما ترتفع الأسعار كأن يحجم تأثيرها بفعل إجراءات الرقابة والتحكم الحكومية. وهناك نوع آخر من التضخم يعرف بالتضخم الهيكلي وينشأ هذا النوع في المراحل الأولي لعملية التنمية الاقتصادية والتي تكون مصحوبة بتغير في التركيب الهيكلي النسبي لقطاعات الانتاج بزيادة النصيب النسبي للقطاعات الصناعية والدخول المتولدة عنها عن النصيب النسبي لقطاع الزراعة ومنتجاته. وهناك مرض آخر يصيب جسد الاقتصاد الوطني مرتبط بالتضخم ويعرف هذا المرض عندما يتزامن ارتفاع المستوي العام للأسعار مع انخفاض معدل النمو الاقتصادي كما هو الحال في الاقتصاد المصري في الوقت الحالي حيث لا يتجاوز معدل النمو الاقتصادي2% بينما يزيد معدل. التضخم علي ذلك. ويسبب التضخم أضرارا عديدة للأفراد والوحدات الاقتصادية في المجتمع ومن هذه الأضرار حدوث انخفاض في الدخول الحقيقية للأفراد أو القدرة الشرائية للدخول النقدية مسببا انخفاضا في مستوي المعيشة. وأكثر الفئات تضررا بانخفاض الدخول الحقيقية والقدرة الشرائية للدخول النقدية هم أصحاب الأجور والمرتبات والمعاشات وكذلك أصحاب الدخول من الإيرادات والعوائد علي السندات. كما يضر التضخم أصحاب الودائع بالبنوك وصناديق التوفير عندما يزيد معدل التضخم علي حد الفائدة علي تلك الإيداعات حيث يكون الانخفاض في القيمة الحقيقية لهذه الأصول المالية بفعل التضخم أكبر من الزيادة في قيمة هذه الأصول بفعل الفوائد. وكذلك يضر التضخم أصحاب القروض من البنوك إذا كان سعر الفائدة علي هذه القروض أكبر من معدل التضخم. ومن الأضرار الأخري التي يسببها التضخم للاقتصاد الوطني أن تصبح الصادرات أعلي سعرا من نظائرها في السوق العالمية وبالتالي انخفاض القدرة التنافسية لهذه الصادرات. كذلك مع التضخم تصبح الواردات أقل سعرا من بدائلها في السوق المحلية وبالتالي تنخفض القدرة التنافسية لهذه البدائل. ويترتب علي ذلك حدوث عجز في الميزان التجاري للدولة علي العالم الخارجي أو تضخم هذا العجز. وتسعي دول العالم جميعها إلي مكافحة التضخم ولكن قد تسفر هذه الجهود عن انخفاض في معدل التضخم ولكنها تخفق دائما في القضاء عليه تماما. حيث ينخفض معدل التضخم ثم يعاود الارتفاع من جديد ولكنه لا يحدث. ومن السياسات الاقتصادية التي تتبعها دول العالم في مكافحة التضخم هي السياسة النقدية والسياسة المالية. وتعتمد السياسة النقدية في تخفيض معدل التضخم علي تخفيض المعروض النقدي في الأسواق عن طريق تخفيض حجم الائتمان الممنوح من البنوك للأفراد ومؤسسات الأعمال. أما السياسة المالية فتعتمد علي التحكم في الإنفاق الحكومي وأسعار الضرائب للتأثير علي معدل ارتفاع المستوي العام للأسعار عن طريق خفض الإنفاق الحكومي أو رفع أسعار الضرائب أو كلاهما معا. وفي الحقيقة فإن الشعوب والمجتمعات في حياتنا المعاصرة تعيش في صراع دائم بين الأمراض الاقتصادية وعقاقير العلاج.