* وقف التاريخ مذهولا أمام سابقة لم تحدث من قبل وأعتقد لن تحدث من بعد عندما أمر أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب بعزل خالد بن الوليد القائد الفذ, ومعركة اليرموك الفاصلة تدور رحاها بين جيوش المسلمين بقيادته وجيوش الرومان في موقعة فاصلة بين الإيمان والشرك.. قرار لا يقدر عليه ولا يستطيعه إلا عمر بن الخطاب. انتصار المسلمين يعني تحرير القدس وفلسطين وسوريا بل الشام كلها.. تمهيدا لفتح مصر وشمال إفريقيا.. بينما إنتصار الرومان يعني غزو الجزيرة العربية والقضاء علي الدعوة الإسلامية. ووصل سوء النية والخبث ببعض المستشرقين إلي اتهام سيدنا عمر بأنه عزل خالدا عندما تولي الحكم انتقاما منه لانه كسر ساقه عندما كانا صبيين( عمر16 سنة وخالد14)!! * خالد بن الوليد خاض مايقرب من مائة معركة لم يهزم في أي منها.. مات وعمره61 عاما ودفن في حمص بسوريا.. وقال وهو علي فراش الموت: ما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا ذا أموت علي فراشي كما يموت البعير, فلا نامت اعين الجبناء. وخالد بن الوليد قبل اسلامه هو الذي أوقع الهزيمة بجيش المسلمين وفيهم النبي صلي الله عليه وسلم في موقعة أحد.. وأسلم سنة8 ه قبل فتح مكة بستة أشهر. * أطلق عليه المصطفي صلي الله عليه وسلم لقب( سيف الله المسلول) بعد أن انقذ جيش المسلمين من الهلاك في غزوة مؤته علي حدود الشام التي واجه فيها3 آلاف مسلم مائتي ألف من الرومان والقبائل العربية المتحالفة معهم ولم يستشهد سوي12 رجلا فقط وقتل من الرومان وحلفائهم الكثير!! * خرج خالد علي رأس قوة لتأديب بني جذيمة فقتل الاسري منهم الذين صاحوا قائلين( صبأنا صبأنا).. ولم يقولوا اسلمنا اسلمنا ويتساوي اللفظان لان الصابئة هم الذين يعبدون الله علي دين سيدنا ابراهيم عليه السلام ولكنه تعجل بالقتل معتقدا أنهم كفروا.. فدفع لهم النبي صلي الله عليه وسلم الدية ورفع يديه إلي السماء وقال: اللهم إني إبرأ إليك مما صنع خالد.. ولكنه لم يعزله.. وكان خالد يضع في قلنسوته بعض شعيرات من شعر النبي. * وفي حروب الردة في عهد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه قاتل خالد هوازن وبني سليم ضمن القبائل المرتدة فحرق بعض الأسري ورمي بعضهم من فوق الجبال كما فعلوا من قبل بأسري المسلمين.. فقال سيدنا عمر لسيدنا إبي بكر أتدع رجلا يعذب بعذاب الله؟! فقال سيدنا أبو بكر لا أغمد سيفا سله الله علي عدوه.. وأبلي خالد بلاء حسنا في حروب الردة ثم في قتال الفرس وتأمين العراق وقتال الروم وحلفائهم من الخونة العرب فكرر سيدنا عمر إلي سيدنا أبي بكر الخليفة طلبه وقال: اعزله فإن في سيفه رهقا( تسرعا ودموية) فرد سيدنا أبو بكر: لا أغمد سيفا سله الله علي الكفار.. وقال: عقمت النساء أن يلدن مثل خالد.. وقال عنه أيضا: والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد. * أثار مقتل مالك بن نويرة( في حروب الردة) علي يد خالد لغطا شديدا فالبعض قال إنه عاد للإسلام والآخر نفي.. ولكن ما أثار حفيظة البعض اتهام خالد بن الوليد بقتله ليحظي بامرأته ( أم تميم) وكانت من أجمل نساء العرب ودخوله بها في يوم مقتل زوجها.. استدعاه الخليفة سيدنا أبو بكر إلي المدينة فرآه سيدنا عمر مرتديا جبة وقد غرز في عمامته أسهما ملطخة بدماء أعدائه.. فنهض ونزعها وحطمها وصاح به غاضبا: قتلت مسلما( مالك بن نويرة) ثم نزوت( اعتديت) علي امرأته والله لارجمنك بأحجارك فتركه خالد واعتذر لابي بكر الذي دفع دية مالك.. وأمره ان يفارق( ام تميم أمرأة مالك) فعاد خالد إلي المسجد وفيه سيدنا عمر وقال له متهكما: هلم إلي إبن أم شملة. * كان خالد فارسا بالفطرة وعبقرية عسكرية بكل المقاييس القديمة والحديثة.. كان أحد اثنين هو والزبير بن العوام اللذين يقاتلان بسيفين في وقت واحد.. وكان يقود الفرس بقدميه بدون استخدام اليدين! في موقعة( ذات السلاسل) أرسل خالد إلي قائد الفرس يخيره بين الإسلام أو الجزية أو الحرب وقال له: جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة!. طلب قائد الفرس المبارزة قبل بدء المعركة فنزل اليه خالد وصرعه.. وانهزم الفرس في المعركة وتمت مطاردتهم فبلغ القتلي فيهم ثلاثين الفا وهرب الباقون.. وكانت تلك بداية النهاية لمملكة الفرس. * ماذا قال عنه سيدنا عمر بن الخطاب عندما أصبح اميرا للمؤمنين.. قال قولته الشهيرة: عجزت النساء أن يلدن مثل خالد..؟ وقال في نهاية عمره: لو أدركت أبا عبيدة ثم وليته ثم قدمت علي ربي فقال لي: لم استخلفته؟ لقلت: سمعت عبدك وخليلك( النبي صلي الله عليه وسلم) يقول: لكل أمة أمين وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح).. ولو أدركت خالد بن الوليد ثم وليته فقدمت علي ربي لقلت: سمعت عبدك وخليلك يقول خالد سيف من سيوف الله سله الله علي المشركين.. وقد توفي أبو عبيدة قبل وفاة سيدنا عمر.. كما توفي خالد قبله بعامين.. فاذا كان الأمر كذلك..فلماذا عزله؟! نحاول الإجابة في اللقاء القادم.. خاصة ان سيدنا عمر رضي الله عنه كان من رأيه استمرار القتال مع المشركين في غزوة بدر وقتل الأسري ايضا وكان عدم حماية الاسري خاصا بهذه الغزوة فقط.. وقال للمصطفي:( كذبوك وأخرجوك فأضرب اعناقهم).. بعكس ما أقره النبي صلي الله عليه وسلم وسيدنا أبو بكر بالحفاظ عليهم ونزل وحي السماء مؤيدا لرأي سيدنا عمر ومحذرا من عذاب شديد أبكي النبي وسيدنا أبا بكر في قوله تعالي: ما كان لنبي أن يكون له أسري حتي يثخن في الأرض, تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم صدق الله العظيم