استقبل باسم صوت آذان الفجر الآتي من بعيد ساكن ا و هو يملأ أذنيه من صوت المؤذن ورفع يديه إلي السماء مبتهلا بالدعاء إلي الله ماسحا رأسه وصدره وقام يتوضأ استعدادا للصلاة مع النقيب أحمد زميله في وحدة الأمن المركزي بأسيوط. لاحظ أحمد أن صديقه باسم قد مكث كثيرا في سجدته الأخيرة باسطا كفيه ووجهه علي الأرض خاشعا, وعقب الانتهاء من الصلاة إلتفت إلي زميله باسم الذي وضع يده في كفه وأوصاه هامسا في أذنيه بأنه يشعر بدنو أجله و إذا ما خرجت روحه إلي بارئها عليه أن يقوم بإبلاغ القيادات بوصيته وهي ألايزف إلي مثواه الأخير كما هو متبع في جنازة عسكرية تدق فيها الطبول وتعزف الموسيقي العسكريةبها وأن تتم مراسم دفنه كأي من أهل بلدته البسطاء بالإسكندرية. ششد النقيب أحمد من عضد زميله الأصغر وضمه إلي صدره باسما واحتضنه بقوة وربت علي كتفه ثم لثم رأسه بقبلاته وساد شعور في كل من حولهما بدفء يشوبه الصدق والإخلاص. إستعد الجميع الجنود والقادة من الضباط إلي المهمة التي يعرفها القليلون منهم رغم أن الجميع يعلم أن وجهتهم الي وكر جديد من أوكار البلطجة والإجرام في إحدي قري أسيوط التي يقبع بها المطاردون والهاربون من الأحكام القضائية واللصوص وتجار المخدرات والسلاح مندسين بين فقراء القرية متخذين من أهلها دروعا بشرية لحمايتهم من أي هجوم لقوات الشرطة. وبعد أن تبين للجميع الخيط الأبيض من الأسود من الفجر تنسم الضباط هواء الشتاء البارد أثناء إستماعهم للخطة التي وضعتها قيادات الأمن بوزارة الداخلية وأشرف عليها اللواء أحمد حلمي مساعد الوزير لقطاع الأمن العام وشارك فيها ضباط فرع الأمن العام بأسيوط وقيادات وضباط المباحث بقيادة اللواء أبو القاسم أبو ضيف مدير الأمن واللواء يونس الجاحر مدير الأمن العام وبرئاسة العميد حسن سيف مدير المباحث الجنائية والعقيد عصام الدسوقي رئيس مباحث المديرية بإقتحام قرية عرب الكلابات التي يقبع بداخلها أخطر التشكيلات العصابية والتي يتزعمها شطا الخط الجديد بأسيوط علي غرار عزت حنفي خط النخيلة حيث أوت عرب الكلابات التي تقع في حضن الجبل كثيرا من الهاربين والمطاردين مدججين بالأسلحة الحديثة سريعة الطلقات. تحركت المدرعات وسيارات النقل تحمل18 تشكيلا أمنيا مدججين بالأسلحة والدروع تاركة الأتربة والغبار خلفها بعد أن إنحرفت إلي ناحية القرية بمركز الفتح. وبمجرد الوصول إلي مشارف القرية بدا في الأفق خيط من ضوء الشمس القادم من ناحية الشرق وانصت الجميع الي صياح الديوك وكأنها تطلق صافرات الحرب بين الشرطة وقوي الشر التي تعيث في الأرض فسادا عقب ثورة25 يناير التي استغل فيها هؤلاء المجرمون الضعف الأمني وروعوا المواطنين بسرقة أموالهم واستحلال دمائهم. إبتسم الملازم أول باسم عادل لزميله النقيب أحمد سعيد وقال مداعبا: متنساش الوصية يا باشا وهبط الزميلان من السيارة وشد كل منهما أجزاء سلاحه إستعدادا لخوض الحرب كل منهما يقود فريقا من الجنود وبدأ الجميع في تطويق القرية, وقبل لحظات من أخذ وضع الإستعداد للإقتحام فوجئ الجميع بوابل من رصاصات الغدر ينهال فوق رؤوس الجميع وبسرعة البرق بدأ الجميع التعامل بتبادل إطلاق النيران مع المجرمين. وفي لحظة سقط الملازم باسم أرضا بعد إصابته بطلقتين بالوجه والرأس بينما لقي مصرعه حينها مبتسما بعدما نطق بالشهادتين وحمله زملاؤه ووضعوه في احدي السيارات وبعد دقائق لحق به زميله النقيب أحمد سعيد شهيدا جديدا في العملية بعد أن أصيب بطلقات متفرقة وهو الذي حمل وصيتة زميله وكان قد نقلها إلي باقي زملائهما من الضباط والمجندين متندرا قبل بدء الهجوم وضحك الجميع علي كلمات الصديقين دون أن يدريا أن القدر قد ادخر لهما مفاجأة الصحبة في الدنيا والآخرة بينما أصيب النقيب محمود عبدالواحد بطلقة بالكتف وكذلك المجند أحمد محمد علي بطلقة في البطن ويرقد الضابط بغرفة العناية المركزة بمستشفي الشرطة بأسيوط في حالة حرجة بينما حالة المجند مستقرة. وقد لقي8 من العناصر الإجرامية مصرعهم واصيب5 آخرون وتمكنت القوات بعد أكثر من5 ساعات من الاشتباكات من ضبط10 آخرين وبحوزتهم أسلحة آلية ومدفع جرينوف و كمية من الذخيرة الحية. وعقب ذلك قامت قوات الأمن بالتراجع السريع وإعادة التشكيلات من جديد ومن ثم مبادلتهم بإطلاق النيران وواجهت قوات الشرطة صعوبة بالغة بسبب اختفاء العناصر الإجرامية داخل الكتلة السكنية, حيث اتخذ زعيمهم حسن فتحي أبوزيد المحكوم عليه بالإعدام والشهير ب شطا من مسكنه الملاصق لمساكن أهالي القرية مركزا للهجوم علي قوات الشرطة وهو ما أدي إلي حرص قوات الأمن علي التعامل بحذر شديد خوفا من سقوط ضحايا ابرياء ممن يختبئون داخل منازلهم من شدة الرعب وهو ما حدث بالفعل مع سيدتين اصيبتا بطلق ناري وهما أعلي سطحي منازليهما وبعد اشتباكات عنيفة ودامية نجحت قوات الشرطة في الانتشار داخل القرية والسيطرة تماما علي مداخلها ومخارجها وفرض كردونا أمنيا لتضييق الخناق عليهم وهو ما نجحت فيه بالفعل قوات الشرطة, حيث سرعان ما تمكنوا من أسقاط8 قتلي من هؤلاء العناصر الأجرامية وإصابة7 آخرين من بينهم مواطنان بريئان تصادف وجودهما بالشارع أثناء الأقتحام. فيما لاذ بقية المجرمين بالهرب داخل المنطقة الجبلية المتاخمة للقرية والتي ساعدت المجرمين في سرعة الهرب و حين قامت قوات الشرطة بمطاردتهم اختفوا فجأة وكأن الجبل قد ابتلعهم وبدأت القوات في إحكام سيطرتها والاستعداد لشن حملة جديدة عليهم داخل الجبل. وواصلت نيابات أسيوط برئاسة المستشار حازم عبد الشافي المحامي العام الأول تحقيقاتها الموسعة في الواقعة بعد استشهاد ضابطين وإصابة آخر ومجند ومصرع وإصابة15 آخرين وقد استمعت النيابة إلي أقوال المجند الذي أصيب بطلق ناري بالبطن وحالته مستقرة وقال أنه كان ضمن المجموعات القتالية التي أقتحمت القرية وشاهد المجرمين يطلقون نيرانا علي القوات قبل اقتحام القرية وقد صرحت النيابة بدفن جثتي الضابطين وانتظار تحسن حالة الضابط المصاب لاستجوابه وكذلك باقي المصابين كما قام فريق من النيابة بمعاينة موقع الأحداث الدامية بالقرية. وأمرت النيابة بحبس10 متهمين4 ايام علي ذمة التحقيق تم ضبطهم وبحوزتهم أسلحة وذخائر بعد توجيه تهم مقاومة الشرطة وحمل وحيازة الأسلحة والبلطجة وترهيب المواطنين. وأقلت طائرة نعشي الضابطين الشهيدين إلي مسقط رأسيهما بالقاهرةوالإسكندرية إستعدادا لجنازة عسكرية مهيبة لزفافهما إلي جنات الخلد مع الصديقين والنبيين والشهداء. وداع حزين لشهداء الواجب في مشهد جنائزي مهيب خرج جثمانا الضحيتين من مستشفي الشرطة العسكري وسط دموع وأحزان ضباط وأفراد الشرطة ومواطني أسيوط ممن ذهبوا لتوديع جثامين الشهداء حيث خرج جثمان الشهيد باسم عادل سرور في سيارة اسعاف متوجها إلي القاهرة بينما خرج جثمان الشهيد أحمد محمد سعيد إلي مطار أسيوط وتم نقله بالطائرة الي محل إقامته الإسكندرية, وذلك لدفنهما في مسقط رأسيهما, حيث قام زملاؤهما بإلقاء نظرة الوادع الأخيرة عليهما بالبكاء وتلاوة القرآن والترحم علي روحيهما. عبر حجاج سعداوي المجند بقوات الأمن المركزي عن حزنه الشديد لفراق الضابط الشهيد باسم الذي أستشهد برصاصات الغدر, حيث كان حافظا لكتاب الله وكان يؤم المصلين في الصلاة وصديق الجميع ضباط اومجندين ولا يشعر الجميع بأي فارق حتي أنه كان أقرب الضباط إلي قلوب المجندين نظرا لحسن خلقه وتعامله الحسن مع الجميع واضاف أن الشهيد باسم كان يشعر بانه ذاهب إلي الشهادة وطلب من زملائة وقادته بالشرطة بأن يسلموا جثمانه لأهلة بالأسكندرية وتوصيتهم بعدم اقامة جنازة عسكرية له وأن يدفن في صمت حتي ينال الشهادة كاملة وهو ما تحقق له حيث سقط خلال الحملة وكانت آخر كلماته هي الاستشهاد. إصابة سيدتين بالمصادفة أصيبت سيدتان بأعيرة نارية بالمصادفة خلال الاشتباكات الأولي تدعي بخيته عطية محمد مصابة بأعيرة نارية أسفل البطن ومرفت سليمان حسن بطلقات نارية في الفخذ والساق اليسري وكلاهما خضعتا للجراحة وأكدتا أنهما خرجتا أعلي سطحي منازليهما لمعرفة ما يحدث بالقرية فأصيبتا بالطلقات الطائشة وسقطتا مغشيا عليهما ولم تشعرا بنفسيهما إلا وهما بالمستشفي . هيثم جمال:شاهدت الموت بعيني وقال هيثم جمال عبد الناصر المجند بقوات الأمن المركزي ل الأهرام المسائي: شاهدت الموت بعيني خاصة عقب استشهاد الملازم أول باسم عادل حيث قمنا بمداهمة القرية فجرا وعقب أختراقنا أصبحنا في مرمي النيران من منازل العناصر الإجرامية وعلي الفور تفرقت المجموعات القتالية وبدأنا التعامل السريع مع مصدر إطلاق النيران ولم نتوقف حتي اقتحمنا القرية وأسقطنا هؤلاء البلطجية. واوضح الحاج بركات مبارك منصور, أحد المصابين من الأهالي 65 سنة انني فوجئت أثناء سيري بالشارع بإطلاق أعيرة نارية كثيفة واثناء محاولة فراري أصيبت بطلق ناري في الركبة. وكان المتهم أحمد فتحي منصور وشهرته علي شطا, والذي تبين أنه هارب من تنفيذ حكمين قضائيين بالسجن المؤبد, وسبق اتهامه في قضيتي سرقه بالإكراه و6 قضايا قطع طريق وترويع مواطنين. وكذلك قتل أبو زيد فتحي جاد, الهارب من حكمين قضائيين بالإعدام, وناصر حسين علي الهارب من حكمين بالسجن المؤبد, واشار مدير الأمن إلي أنه تم تنفيذها هذه الحملة بصورة مباغتة وروعيت فيها الدقة والسرية الشديدة وتم اختيار توقيت الفجر خصوصا في هذا البرد القارس في أسيوط وقد وضح الاصرار والعزيمة من الجميع علي انجاح الحملة. وأوضح العميد يونس الجاحر, مدير الأمن العام بأسيوط, إن هذه القرية قد زادت حدتها الإجرامية في الفترة الأخيرة من قضايا مخدرات وأسلحة وكثرة الخارجين علي القانون, وبعد استئذان النيابة تم استهداف عناصر من المحكوم عليهم بالإعدام والمؤبد والأشغال الشاقة, والذين قاموا بإطلاق النيران علي القوات