تقوم الدول بتمويل العجز في موازناتها المالية عن طريق الاقتراض من السوق المحلية أو من الأسواق الدولية, إما مباشرة بالحصول علي الأموال المطلوبة في صورة قروض أو عن طريق قيام الدولة بإصدار أذون أو سندات الخزانة. وتختلف الدول فيما بينها في درجة المخاطر المرتبطة بها والتي تؤثر في قدرتها علي الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها المالية الدولية تجاه المؤسسات المالية المقرضة. كما تؤثر هذه المخاطر علي تدفق الاستثمار وعلي قدرة المؤسسات المالية العاملة بالدولة علي الوفاء بالتزاماتها المالية الدولية في مجال القروض وخطابات الضمان والاعتمادات المستندية. وتشمل المخاطر المرتبطة بدولة ما المخاطر السياسية والمخاطر الاقتصادية والمخاطر المالية. وتحصل المخاطر السياسية علي الوزن النسبي الأكبر عند حساب درجة هذه المخاطر يليها في الأهمية النسبية كل من المخاطر الاقتصادية والمخاطر المالية. حيث تعطي المخاطر السياسية وزنا نسبيا50% وتعطي كل من المخاطر الاقتصادية والمخاطر المالية وزنا نسبيا بواقع25% لكل منهما. ويدخل في حساب المخاطر السياسية عدة عناصر تشكل في مجموعها درجة المخاطر السياسية. وتختلف هذه العناصر في الوزن النسبي لكل منها, فتحصل العناصر الخاصة بالاستقرار السياسي والظروف الاقتصادية والاجتماعية ومناخ الاستثمار علي وزن نسبي مرتفع. بينما تحصل العناصر المتعلقة بالفساد والتدخل العسكري في النشاط السياسي ومدي تأثر السياسة بالاعتبارات الدينية ومدي استقرار القوانين والنظام والصراعات العرقية والمناخ الديمقراطي علي وزن نسبي أقل. وتغطي المخاطر الاقتصادية مجموعة من العناصر تختلف في أهميتها النسبية حيث تعطي العناصر الخاصة بمعدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي ومعدل التضخم والموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي وزنا نسبيا مرتفعا بينما تحصل العناصر المرتبطة بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ورصيد الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي علي وزن نسبي أقل. وعند حساب المخاطر المالية تحصل العناصر الخاصة بعجز الموازنة العامة والدين العام كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي والدين الخارجي كنسبة من الصادرات علي أعلي وزن نسبي بالمقارنة باستقرار أسعار الصرف وتوازن الموازنة العامة. ومن ذلك يتضح أن أقوي العناصر المؤثرة في حساب درجة المخاطر التي ترتبط بدولة ما هو الاستقرار السياسي, وعجز الموازنة العامة, ومعدل النمو الاقتصادي والدين العام والدين الخارجي. وترتبط المخاطر السياسية بمدي غياب التغير الجوهري في النظام السياسي. ويقاس الاستقرار السياسي بمدي الاستقرار الحكومي ومدي الاستقرار السلوكي. ويعبر عن مدي الاستقرار الحكومي بمعدل حدوث تعديلات وزارية في مدي زمني قصير بحيث يقصر متوسط عمر الوزارة, وكذلك مدي تعطيل البرلمان أو حله قبل استيفاء مدته الدستورية. أما مدي الاستقرار السلوكي فيعبر عنه بمدي غياب أعمال العنف الجماهيري والطائفي والنخبوي. والعنف الجماهيري هو عنف موجه من أفراد الشعب ضد الحكومة في شكل تظاهرات أو إضرابات أو اعتصامات أو احتجاجات أو أعمال شغب وتمرد بغرض تغيير النخبة الحاكمة أو الدستور أو قرارات أو قوانين معينة. ويتعلق العنف الطائفي بما يقع من جانب المجموعات العرقية أو الدينية ضد بعضها البعض أو ضد الدولة مثل الحرب الأهلية. ويرتبط العنف النخبوي بما تمارسه النخبة الحاكمة من عنف ضد المعارضين لها. وبصفة عامة يقاس الاستقرار السياسي بثلاثة عوامل أساسية هي النمو الاقتصادي ومدي تحسن مستوي المعيشة, ووجود المؤسسات التي تستجيب لمطالب الجماهير, ومدي تماثل ممارسات السلطة مع توقعات الجماهير بخصوصها. وتقل المخاطر السياسية كلما اقترب النظام السياسي من الديمقراطية الحقيقية. ومن هذا التحليل لمخاطر الدول يمكن تفسير تخفيض التصنيف الائتماني لمصر إليB سالب علي خلفية ما يجري من تظاهرات واعتصامات واحتجاجات واستعداء للقضاء وخلافات حول الدستور وانفلات أمني وانخفاض معدل النمو الاقتصادي وتضخم الدين العام والدين الخارجي وعجز الموازنة العامة. وهذا التصنيف يضع مصر ضمن الدول التي تزداد فيها مخاطر عدم الوفاء بالالتزامات والتعهدات المالية الدولية, الأمر الذي يصعب معه الاقتراض من الأسواق الخارجية ويرفع تكلفة هذا الاقتراض وتكلفة إصدار خطابات الضمان والاعتمادات المستندية التي تصدرها البنوك المحلية في التعاملات المالية الدولية وكذلك تباطؤ تدفق الاستثمار.