مأساة جديدة تطل برأسها من قطارات السكك الحديدية التي أصبحت تحمل الموت بين عجلاتها وتحصد أرواح الأبرياء, حيث شهد مزلقان أرض اللواء بالجيزة هذا الفصل من المأساة والذي حصد فيه القطار رقم79 أرواح3 أشخاص من أسرة واحدة وسائق تاكسي بينما نجا طفل ووالداه من الحادث في لحظة فارقة. وعلي إثر ذلك خرج المئات من أهالي أرض اللواء غاضبين وقطعوا خط السكة الحديد لمنع القطارات من العبور احتجاجا علي الحادث ورددوا هتافات تندد بالحكومة منها دم المصري مش رخيص ولطفك يارب بعبادك الغلابه. وكان مزلقان ارض اللواء بالجيزة قد شهد مساء أمس حادثا مروعا حيث اصطدام قطار ركاب بسيارة تاكسي وأطاح بها لأكثر من كيلومتر علي شريط السكة الحديد حتي وصل بها إلي أسفل محور ميدان لبنان مما تسبب في تحطم التاكسي و مصرع سائقه وسيدتين وطفلة من أسرة واحدة. تم نقل جثث الضحايا إلي مستشفي إمبابة العام الموظفين و التحفظ علي عامل المزلقان وتحرر محضر بالواقعة وأمر اللواء احمد الناغي مساعد أول الوزير لأمن الجيزة بإحالته إلي النيابة التي تولت التحقيق وصرحت بدفن الجثث. وكان اللواء طارق الجزار نائب مدير الادارة العامة للمباحث قد تلقي اخطارا من اللواء محمود فاروق مدير مباحث الجيزة بوقوع حادث تصادم ومتوفين علي مزلقان سكة حديد بارض اللواء انتقل العميد عرفة حمزة رئيس مباحث قطاع الشمال والرائد منتصر حسان رئيس دورية نجدة الجيزة وتبين من المعاينة انه أثناء عبور التاكسي رقم3285 ب ر لمزلقان السكة الحديد تصادف مرور القطار رقم79 القادم من الجيزة إلي رمسيس فاصطدام بالتاكسي واطاح به لمسافة أكثر من كيلومتر وأسفر الحادث عن مصرع كريم رمضان حسين19 سنة سائق التاكسي ومني محمد عبد المقصود28 سنة ربة منزل وابنة شقيقها ميرنا ادهم محمد عبد المقصود5 سنوات ووالدتها السيدة جمال عبد السلام50 سنة ربة منزل ومقيمين وتبين من تحريات اللواء كمال الدالي مدير الإدارة العامة للمباحث والمقدم محمد امين رئيس مباحث العجوزة أن الضحايا من القصاصين من الإسماعيلية و كانوا في طريقهم لزيارة احد الأقارب في منطقة ارض اللواء واستقلوا تاكسيا لتوصيلهم وعندما وصل التاكسي إلي المزلقان فوجئ بعامل المزلقان يغلق جانبا واحد فقط بسلسلة حديدية فقام قائد التاكسي بعبور المزلقان بطريق عكسي مما تسبب في وقوع الحادث وتعطل القطار وقام المواطنون برشق سائق القطار بالطوب والحجارة نظرا لدخوله المزلقان بسرعة كبيرة مما اضطر قائد القطار للفرار وتم القبض علي عامل المزلقان لعرضه علي النيابة. انتقل الاهرام المسائي إلي مكان الحادث علي المزلقان ومستشفي الموظفين بإمبابة التي استقبلت جثث الضحايا والمصابين في الحادث والتقي بأسر الضحايا. بعبارات من الحزن ونبرات من الأسي روي رمضان عبدالرحمن52 سنة موظف قائلا: كنت في إنتظار شقيقتي جمال وباقي أشقائي أدهم و زوجته ولاء ونجلهما ميرنا ومحمد وشقيقتي المعاقة مني28 سنة وذلك لنحتفل سويا بذكري المولد النبوي الشريف بالقاهرة قادمين من مدينة القصاصين بالإسماعيلية كعادتنا كل عام. وأضاف كنت علي اتصال دائم بهم طوال الطريق حتي دخلوا إلي القاهرة حيث إنني كثيرا ما يصيبني القلق وتساورني شكوك إصابتهم بمكروه في كل رحلة لهم من الإسماعيلية إلي القاهرة خاصة في أوقات الليل. وبعد سويعات من الانتظار بدأ القلق يتسرب إلي قلبي وتوجست خيفة عليهم ولذلك قمت بالاتصال بهم بالهاتف المحمول ولكن دون جدوي حيت كان الرد الهاتف مغلق, في الوقت الذي وصلتني أنباء من بعض أهالي المنطقة بدهس قطار لسيارة أجرة ووفاة كل من بداخله. لم أكترث في بداية الأمر بالحادثة ولكنني بعد أن علمت بمكان الحادث وأنه وقع علي مزلقان مدخل منطقة أرض اللواء اهتز وجداني وبدأ القلق يعتصر قلبي وتخوفت بشدة علي مصير عائلتي لأنها ستتخذ نفس الطريق في رحلة قدومها إلينا. وبينما أنا علي ذلك هاتفني أحد أهالي المنطقة من جيراني وقال لي في أول كلماته إخواتك في مستشفي الموظفين تعالي حالا يا رمضان وصعقت من هول المفاجأة وتيبست أطرافي كأن شللا أصابني وللحظات قليلة عاد إلي رشدي وتوجهت مسرعا دون أن أدري أي طريق يوصلني إلي المستشفي. وبمجرد وصولي إليها رأيت شقيقي أدهم وما إن وقعت عيناه علي حتي ارتمي في أحضاني وضمني إليه وأجهش بالبكاء والنحيب وصرخ قائلا أختك جمال ومني وبنتي ميرنا ماتوا يا رمضان. صمت رمضان لبرهه وإبتلع ريقه كأنه مرار العلقم وقال إنا لله وإنا إليه راجعون وإلتقط أدهم الناجي من الكارثة أطراف الحديث من شقيقه بعدما شعر بإجهاد بدا علي وجهه قائلا بحشرجه بعد أن وطأت أقدامنا محطة مصر خرجنا للبحث عن سيارة أجرة تقلنا من ميدان رمسيس إلي شقيقي بأرض اللواء وبعد عناء وجدناها وركبنا مع أحد السائقين الشبان الذي ظل يسير بنا بمنطقة المهندسين لأكثر من ساعة ونصف بسبب الزحام الشديد والتكدس المروري, وكأننا علي موعد مع القدر فقبل وصولنا مزلقان أرض اللواء طلبت أمي مني أن أعينها في حمل محمد ابني بدلا منها لأنها كانت متعبة و كأنها أرادت أن تنجيه من الموت. واستكمل أدهم حديثه في حزن وأسي قائلا: ظلت أمي تصرخ في السائق يابني المزلقان مقفول, ولكن ظل السائق مغلقا أذنيه ولم يعبر نداءها أي اهتمام. حاول السائق الدخول من الناحية اليمني للمزلقان التي كانت مغلقة فحاول المراوغة والدخول من الجانب الأيسر القادم من أرض اللواء إلي شارع السودان وبالفعل بكل عناد الدنيا اقتحم الجانب الأيسر رغم نداء المارة وتحذيره بعدم اقتحام المنزلقان لأن القطار أوشك علي الوصول محاولا الدخول من ناحية الشمال والخروج من الناحية اليمني ولكن عجلات سيارته تعثرت في وسط المزلقان حيث لا توجد أخشاب تساوي القضبان بأرضية المزلقان. وفي لمح البصر وجدت نفسي خارج السيارة وفي يدي طفلي وزوجتي ولاء ليدهس القطار باقي أسرتي أمام عيني لتتحول أمي وأختي وابنتي ومعهم السائق إلي أشلاء علي القضبان. فيما سيطرت حالة من الانهيار التام والذهول علي زوجته ولاء التي لم تتفوه سوي بعبارة واحدة يكاد لا يسمعها من يقف علي بعد خطوة واحدة منها وهي عايزة بنتي. لم يختلف حال أسرة السائق الضحية كثيرا عن أسرة الزبائن حيث بدا رمضان حسين45 سنة والد السائق كريم منهك القوي وفي غيبوبة تامة ولم يستطع الرد علينا واكتفي بالإشارة إلي شقيقه رجب حسين سائق الذي بادر بالحديث معنا قائلا: كريم أخذ السيارة دون علم والده الذي ما إن علم بذلك حتي هاتفه ووبخه علي فعلته وطلب منه العودة علي الفور إلي المنزل وذلك خوفا عليه من مخاطر القيادة وطلب مني الاتصال بكريم وإقناعه بالرجوع وعدم القيادة ليلا. إلا أن رد كريم أتي بدافع إنساني حيث أبلغني أن معه سيدة عجوزا مريضة وعائلتها وأنه سيقوم بتوصيلهم إلي أرض اللواء فأبلغت والد كريم بما قاله لي. فرد شقيقي علي محذرا وقال متخليش كريم يروح عند مزلقان أرض اللواء وكأنه كان يعرف ساعة القدر. وعندما عاودت الاتصال بكريم وجدت هاتفه مغلقا وفوجئت بأحد الجيران يتصل بي ويقول كريم عمل حادثة في المستشفي وهرعنا إليها لنجده جثة هامدة في المشرحة وأبلغونا بالإستعداد إلي تسلم جثته. وعلي بعد خطوات من الزوج افترشت والدة كريم أرض غرفة الاستقبال والطوارئ بالمستشفي وهي تصرخ قائلة حسبي الله ونعم الوكيل في كل من يتهم ابني ظلما بأنه وراء الكارثة. قالت والألم يعتصر قلبها: إن ابنها كريم19 سنة حصل علي رخصة القيادة منذ عامين وقرر مساعدة والده الميكانيكي في قيادة السيارة التي تعتبر المصدر الرئيسي لرزقنا, وكان زوجي رمضان دائما ما يرفض طلب كريم بقيادة التاكسي خوفا عليه من زحام القاهرة حتي يحصل علي الرخصة المهنيه التي تؤهله لقيادة السيارة. وأغرورقت عيناها بالدموع وهي تقول: أخبرني كريم صباح يوم الحادث بأنه سيأخذ مفاتيح السيارة دون علم والده فحذرته من غضب والده إلا أنه طمأنني بأنه أصبح لديه خبرة كبيرة في قيادة السيارة ورددت نادبة حظها العاثر:ياريتني منعته وخليته جنبي في البيت. وأنهت حديثها بقولها أحتسبه عن الله شهيدا في سبيل لقمة العيش حيث كان جادا في عمله معلنا نيته الزواج من كده وعرقه وحسبي الله ونعم الوكيل في كل من يتهم ابني بأنه ترك التاكسي وهرب منه بعد دخوله المزلقان متعمدا لأنه لو حاول الفرار ما كان دهسه القطار وحول جسده إلي أشلاء فيما قال محمد إبراهيم26 سنة أحد شهود العيان: كنت منتظرا فتح باب المزلقان للمرور مع عدد من الناس و فوجئنا بصرخات الأهالي عندما تعثرت إطارات السيارة الأجرة علي قضبان القطار القادم من الجيزة إلي رمسيس ولم يستمع سائق السيارة الأجرة لنصائح الناس وتعمد المرور مخالفا القواعد ليأتي القطار مسرعا ونفر صوته مدويا ولم يستطع سائقه السيطرة علي القطار وحدثت الكارثة. ** صرخة لم يسمعها أحد: نطالب بإصلاح جرس المزلقان وكأن أهالي منطقة أرض اللواء بالجيزة كانوا يستشعرون بقدوم كارثة يفقدون خلالها أعزاء لديهم وكثيرا ما نبهوا علي عامل المزلقان بإصلاح الجرس إلا أن احدا لم يكترث لطلبهم المتكرر فقرروا ان يكتبوا رسالتهم بأيديهم علي غرفة عامل المزلقان وهي نطالب بإصلاح جرس المزلقان غير أن المسئولين أصموا آذانهم وغطوا أعينهم عن مطالب الأهالي لتحدث الكارثة التي تنبأ بها الأهالي.