المراقب للمشهد الراهن علي الساحة الداخلية يري أن مصرعاشت30 عاما تحت وطأة الفساد الممنهج فقد استطاع مبارك وأعوانه في قصري الاتحادية والعروبة أن يكونوا مليشات فساد في جميع الوزارات والمصالح وعاست هذه المليشيات في مصر فساد لم ترمثيل له منذ عهد مينا موحد القطرين وكانت عبقرية مبارك وأعوانه في تسخير وزارة الداخلية لتحمي منظومة الفساد بالحديد والنار, ولذا كنا نري أن وزير الداخلية هو الأقل بقاء في كل وزارات عهد المخلوع. كانت حقيبة الداخلية الأسرع تغييرا إما لفشل الوزيرفي حماية شبكة الفساد أو لبحث مبارك عمن هو أعتي. وحتي لايرفع الغطاء عن قدر الفساد العفن ويفعل خليفته ما فعله هو في اسرة ولي نعمته السادات من محاكمة شقيقه عصمت الي تجاهل اسرته... وجدمبارك ضالته في حبيب العادلي المنفذ الأمثل لخطة التوريث فضلا عن تأمين منظومة الفساد فلابد أن يرث جمال حكم مصرحتي لايفتح أحد ملفات الفساد. ولم يكتف العادلي بمليون جندي في الأمن المركزي بل ابتكر فكرة أمنية جديدة أعطي له التاريخ براءة اختراعها وهي مليشيات المسجلين جنائيا مهمتها تنفيذ العمليات القذرة التي لا يليق بضباط الداخلية القيام بها مثل افتعال المشاجرات أثناء عمليات التصويت في انتخابات مجلسي الشوري والشعب وتنفيذ الاعتداءات الهمجية علي كل من يعتبره مبارك مناوئا. نجح مبارك في احالة الداخلية الي عصا غليظة في يده لقمع معارضيه وحماية منظومة الفساد. وعندما اندلعت ثورة25 يناير وقال أحد الضباط لقائده عبر جهاز اللاسلكي:( يافندم الشعب ركب) لم نر بعد مضي عامين أي اجتثاث حقيقي للخلايا العنقودية للفساد فأصبحت المعادلة الآن شبكات الفساد القديمة+ تحررمليشيات المسجلين جنائيا من سيطرة الأمن= حالة الفوضي التي تحياها مصر الآن. وما احزنني حقا أن الفوضي طالت اماكن كثيرة في وزارة الداخلية ان جودة الخدمة الأمنية مبنية اساسا علي الانضباط في الأداء والحسم في مواجهة الخارجين علي القانون. ترك الأفراد وامناء الشرطة اعمالهم وتفرغوا لتكوين الائتلافات والمطالبة بزيادة الأجور ثم زاد الطين بلة بتجرؤهم علي اقتحام مقار رؤسائهم. ولم تكن واقعة اقتحام مكتب مدير أمن الشرقية يوم الخميس الماضي هي أولي الاقتحامات ولكن سبقها اقتحام مكاتب مديري أمن المنيا وكفر الشيخ وأسوان وغيرها. إذا ضربت الفوضي جميع المصالح ومرافق الدولة فينبغي أن تظل الداخلية بعيدة تماما عنها وإلا فإن هذا سيكرث شعور المواطن بانعدام الأمن لأن مانع الفوضي أصبح مثيرا للفوضي وفاقد الشئ لا يعطيه. يا ناس يا هوووه الأمن قبل الاقتصاد فنحن نستطيع أن نصبر علي الجوع ولكن لا نقدر أن نحيا خائفين.. كيف تغفو عيوننا في أمان والخوف يسكن القلوب.. سمعنا كثيرا عن إعادة هيكلة الداخلية من وزراء سابقين لها ولم نر أثرا فعليا لها تحقق علي الأرض والسؤال الآن: ماذا ينتظر الوزير أحمد جمال الدين ولماذا يماطل في تنفيذ هيكلة حقيقية لوزارة الداخلية وتحت يدي دراسة وافية أعدها أحد أبناء الوزارة ممن يحملون درجة الدكتوراة تصلح للتطبيق فورا مما يزيد كفاءة الأداء الأمني وتوفير100 مليون جنيه شهريا من نفقاتها.. فهل من عقل رشيد يقرأ وينفذ ؟