نتعشت تجارة الرصيف بشكل غير مسبوق العام الحالي وأصبحت حقيقة لا يمكن انكارها لانخفاض اسعارها بنسبة كبيرة عن المحلات التجارية التي تشهد زيادة في الاسعار عن تلك التجارة التي لاتحتاج الي دفع ايجارات ومصروفات كهرباء ومياه, بالاضافة الي حالة الانفلات الامني التي شهدتها البلاد عقب الثورة والتي ساهمت بصورة كبيرة في استفحال هذه التجارة, واصبحت تلك الارصفة مصدر رزق لكثير من العاطلين عن العمل الذين لم يجدوا عملا بالدولة. بداية قال مصطفي إبراهيم أحد الباعة الجائلين بوسط البلد إن حركة البيع والشراء لدينا هذا العام أفضل من المحلات التجارية, مرجعا شراء المواطنين هذه السلع لرخص ثمنها وأنها تتماشي مع الحالة الاقتصادية السيئة للمواطنين, فارتفاع تكاليف الحياة جعل الزبون يبحث دائما عن أقل القليل وأرخص الأسعار لأنهم غير قادرين علي مجاراة اسعار محلات وسط البلد والتي تقوم ببيع سلعها باسعار مضاعفة. وأضاف ان جميع البائعين الذين يفترشون علي الارصفة يهربون في حالة ظهور اي حملات مداهمة من البلدية, لانهم يعلمون ان عملهم في الشارع مخالف للقانون, إلا انه احتج بعدم توفير اماكن مرخصة لعرض بضائعهم, مايضطرهم للجوء إلي وضع بضائعهم في الطريق بهذا الشكل. وقال محمد انور بائع متجول أنه لايستولي علي حقوق التجار الشرعيين لانهم يتاجرون في بضاعة مختلفة في الدرجة وفي الجودة, كما ان زبائنه من الفقراء الذين لايستطيعون الشراء باسعار المحلات, مشيرا الي انه يعمل احيانا مع تجار المحلات الذين يعطونهم البضائعة التي مضي علي انتاجها زمن طويل او انتهت موضتها او اوشكت صلاحيتها علي الانتهاء ليسوقوها بسرعة وبسعر أرخص علي الرصيف بينما لاتستطيع المحلات بيعها بهذه الرداءة وبهذا السعر. وقال حسن عبدالله بائع متجول يقف علي عربة لبيع ملابس الاطفال إنه لم يجد مصدر رزق او مكانا ليفترش بضاعته عليه سوي الرصيف ليكسب ماله بالحلال فايجارات المحال مرتفعة ولا يستطيع تدبيرها في ظل الغلاء الفاحش للمعيشة ورغم مطاردة ادارة الحي وشرطة المرافق له علي الدوام في الفترة الاخيرة الا انه يري ان ذلك افضل من البطالة او ممارسة عمل غير مشروع. ومن جانبه قال الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد العميد الاسبق لمركز البحوث والدراسات الاقتصادية إن تجارة الأرصفة هي الباب الخلفي لتوظيف الشباب واصبحت امرا واقعيا يصعب الفكاك منه, وقد اقتحمت الميدان الاقتصادي بقوة واحتلت مكانتها وتبلغ قيمتها نحو75 مليار جنيه. وأشار إلي أنه من الصعب القضاء علي هذه الظاهرة طالما استمر ثالوث البطالة والفقر ورداءة الانتاج, التي تمثلها مصانع بئر السلم التي تفشت بصورة كبيرة وصارت تشكل نسبة كبيرة في الانتاج المحلي لكثير من المنتجات كالملابس والأحذية والادوات المنزلية وتباع بأسعار تقل عن نصف مثيلتها ما يغري بالاقبال علي شرائها خاصة من غير القادرين. واكد ان منتجات بير السلم تضعف الاقتصاد القومي بالرغم من اقبال المواطنين علي هذه السلع لأنها منخفضة الاسعار, موضحا ان اخر الدراسات اثبتت ان حجم خسائر الاقتصاد من تلك الصناعات تصل الي80 مليون جنيه سنويا. وشدد علي أن الحكومة مطالبة خلال الفترة المقبلة بضرورة الرقابة علي هذه السلع عن طريق سن تشريعات واضحة لمعاقبة المتاجرين بها.