يستخدم الانسان في حياته طرقا كثيرة ووسائل متعددة لكي يحقق لنفسه ضربا من ضروب المواءمة أو ما يسمي بلغة( الصحة النفسية) التكيف مع البيئة والحياة... ولكن الانسان في تحقيق هدفه المنشود من ذلك التكيف لا يستطيع أن يعرف ما يكدر صفو حياته, وما يدفعه في بعض الأحيان الي التشاؤم والانقباض الي الدرجة التي تشيع فيه الحزن والأسي, فهو يري نفسه واجما كثير الشكوي والتوجع متوتر الأعصاب سريع الانفعال وكأن حياته سلسلة من الاحباطات والاعاقات التي لا نهاية لها!! ونتيجة طبيعية أن يكون حجم الأسي لمثل هذا النموذج أكبر بكثير من حجم المشكلة حيث يصطدم دائما بالشعور بالخسارة, ذلك الشعور الذي لا يدع لأي شيء قيمة كاملة بل يجعل القيمة متفاوتة مترددة لها أكثر من وجه ولها ألف قناع وقناع!! ويبحث هذا الانسان المتصدع عن وجه الحقيقة فلا يري سوي قناع واحد قناع مزيف من المستحيل أن تنتزعه تجربة ذلك الانسان الأناني الذي يفكر في نفسه فقط ولا يري الا ما يحقق مصلحته الشخصية. مثل هذا النموذج غير السوي يعيش حياته مسرفا في ذاتيته لا يريد أن يتخلي عنها ولا يريد أن يعترف بتصرفاته غير الواعية, وكأن هذا النموذج يريد أن يقتنع بأنه لا ذنب لقلب قد احترف الادعاء وآمن به وذبح القرابين علي جدار( الوفاء) ليقنع نفسه بأنه من المخلصين, وترك نفسه لهذا الشعور الواهم المعبر عن نية شريرة ليستمتع بقدرة مزعومة, ويلهو بمساحات الاستطاعة المزيفة فيخلق لنفسه عوالم خاصة يشعر من خلالها بمتعة المسيطر ويتحكم بين جوانبها بقدرته المزعومة هذه فيتسبب في إيذاء شعور الآخرين من خلال الرفض تارة والتأرجح بين الرغبة وعدم الاستطاعة تارة أخري. هذا الانسان صاحب النية الخربة والارادة الشريرة قد حبس نفسه في زنزانة الأنانية وحكم علي نفسه اعتمادا علي نيته غير المخلصة أن يعيش بين قضبان الادعاء والزيف وعدم الوفاء للآخرين. ويلتقي أصحاب النوايا الخبيثة ليصنعوا لأنفسهم شرنقة حالكة السواد يرون من خلالها مصالحهم فهم لا يعترفون بحقوق الآخرين ولا يهتمون بالاخلاص أو الوفاء ولأنهم لا يرون غير مصالحهم, فنسوا الله فأنساهم أنفسهم, والشيء العجيب في هؤلاء انهم رغم توافقهم علي الباطل يشعرون بأنهم متكيفون, وقد أغفلوا أن تكيفهم هذا المزعوم تكيف مضغوط لا يقوي علي المواجهة, ولا يعرف الدفاع عن الحق لأن نواياهم غير المخلصة تدفعهم إلي التفكير في الشرور والحرص علي ايذاء الآخرين وأصحاب النوايا غير المخلصة من مظاهرهم: * الالتجاء إلي المسايرة دون أعمال التفكير الواعي تجنبا للمشكلات وركونا للدعة والهدوء, وهذا السلوك فيه ما فيه من احساس بالدونية لأنه يقنع صاحبه بقناع الرضا المزيف, فهو قد يبدو مرتاحا ولكنه يغلي في الداخل, فلا نراه مستريحا مهما أدعي ولا مستقرا مهما حاول أن يبدو متزنا. * الهروب من المكاشفة بالحقائق فأصحاب النوايا غير المخلصة نجدهم لا يحاولون مواجهة الحقائق بوضوح وصدق وصراحة تجنبا لاثارة المشكلات, فيعيشون في كهف الغموض الذي يجعلهم لا يستعذبون رؤية ضياء الصراحة ونصاعة الحق واشراقة الصدق * أصحاب النوايا غير المخلصة يبحثون عن البديل غير الملائم وذلك التصرف نجده عندهم لأنهم يحاولون دائما أن يجدوا مبررا وبديلا يعوضون به المشكلة أو الخسارة, وقد يبدون في شكل تكسوه البراءة والسذاجة وكسر الخاطر, ولكن هذه الأكاذيب تخفي خلفها نوايا شريرة, لأنهم يستمرون دائما في مجموعة من الأكاذيب يراها كل منهم أنها حلول بديلة, ولكن الواقع يدحضها عندما تنكشف أمورهم يميل أصحاب النوايا غيرالحميدة الي التعويض المتطرف والذي يعبر عن شعورهم بالنقص, وهنا ينبغي أن نتجه الي هذا السلوك وخطورته فهناك منهم من يري في نفسه نقصا في كفاءة وبدلا من أن يعلن عنها ويعترف بهذا النقص يكابر ويراوغ ونراه يحاول بقدر المستطاع أن يعتدي علي أصحاب الكفاءات ويحرص علي أن ينال منهم ويؤذيهم. ويتسرع في أمر معاملاتهم, ويشعر بالراحة عندما يضع أحدهم في مأزق وهذا التصرف لايعبر عن شخصية سوية ولايعطي صورة صادقة عن قيمة الانسان كما فطره الله, فالله لم يخلق الانسان ليعتدي أو ليظهر غيرما يخفي, ولكن جعله خليفة في الأرض ليسعي فيها ويتفاعل معها ويصلح من أمر نفسه من خلال أعماله الخيرة المعبرة عن التكيف السوي بعيدا عن توظيف النوايا الخبيثة التي تعمل تحت وطأة الانحراف السلوكي والخروج عن السائد المألوف من الأخلاق النبيلة والسلوك السوي الذي يعبر عن نوايا حسنة...وعلينا أن نواجه أصحاب النوايا غير الصالحة فلابد وأن نقف أمام نواياهم من خلال ماتفرزه من شرور ونحاول أن نواجهها بأعمال الخير التي تليق من الانسان ولابد وأن نعمق شخصيتنا فيكون الأدب والصدق والأمانة والمروءة والشهامة هي نوايانا الصادقة بحيث تعلمنا النية الصادقة كيف نفرح بالوفاء ونتعلق بالصراحة والوضوح ونتشبث بالاخلاص...هكذا يكون صاحب النية الصادقة المخلصة,الذي يعمل للآخر وبالآخر في فهم ووعي وتطلع إلي الله لأنه سبحانه وتعالي يعلم السر ومايخفي ويعلم الجهر وكيف يعتمد علي النية الصادقة ومن يري الله من خلال النية الصادقة يراه الله ويوفقه. والنوايا المخلصة اساس المجتمع الراقي الذي يتطلع الي النهضة ورقي المجتمع الذي ينبغي علي كل فرد فيه أن يقول لزميله في الانسانية بقلب صاف ونية مخلصة...ياصديقي في الانسانية خذني كلي اذا كنت في حاجة الي, ولاتعطي بالالكل مايمكن أن يقف حجر عثرة في طريق العطاء الصافي...ولن يتحقق لنا ذلك إلا بالنوايا المخلصة الوفية