أنهت الجمعية التأسيسية أعمالها في الموعد الذي حددته المادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011، ولم تستفد من التمديد الذي منحته المادة الخامسة مما أطلق عليه الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس في 22 نوفمبر 2012 وأثار العديد من الإشكاليات وطرح العديد من الاسئلة أهمها صلاحية الرئيس في إصدار إعلانات دستورية. وبسرعة لم تكن متوقعة وتقترب من التسرع تم الانتهاء من الدستور وتقديمه للرئيس في لقائه مع أعضاء الجمعية التأسيسية بدون المنسحبين، ورغم وجود ملاحظات جوهرية علي آلية عمل اللجنة ومناقشة الدستور بشكل متواصل لمدة عشرين ساعة والموافقة عليه في غيبة لمكونات أساسية للمجتمع المصري، إلا إننا سنناقش العوار الذي شاب المواد في الدستور المقترح ونعرضه علي الرأي العام للحكم قبل التصويت. المادة 33 من الدستور وهي الخاصة بالمساواة وعدم التمييز بين المواطنين: المواطنون لدي القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك. المواطنون لدي القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة دون تمييز بينهم علي أساس الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الرأي أو الوضع الاجتماعي أو الثروة أو الإعاقة. لماذا تم حذف الالتزام بعدم التمييز علي أساس الجنس أو الدين أو العقيدة أو الرأي أو الوضع الاجتماعي أو الإعاقة؟! هذا يخالف جميع الدساتير المصرية ومؤشر خطير علي توجه الجمعية التأسيسية خاصة مع التوجه نحو العدوان علي استقلال المحكمة الدستورية العليا والسيطرة علي تشكيلها. بما يؤدي إلي التمييز بين المواطنين في احد العناصر كالدين بين المسلمين والمسيحيين أو النوع بين المرأة والرجل. المادة 48 الخاصة بحرية الرأي والتعبير والصحافة والنشر وملاحظتنا عليها الآتي: 1- لم تحظر العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر المنصوص عليها في قانون العقوبات في المادة 171 وهي لا تخص الصحفيين فقط وإنما كل مواطن عبر عن رأيه باحدي وسائل النشر المنصوص عليها. 2- أباحت المادة غلق الصحف وتعليقها ومصادرتها بحكم قضائي مما يعني أن القانون سوف يتضمن النص علي الغلق للصحف ووسائل الإعلام بحكم قضائي. جريمة الإتجار في البشر لم يتم النص عليها وتمت صياغة ركيكة للمادة 73. يحظر كل صور القهر والاستغلال القسري للإنسان وتجارة الجنس. فالاتجار بالبشر جريمة لها تعريف في القانون رقم 64 لسنة 2010 بنص المادة (2) وهي تهدف لمنع المعاملة بأي صورة علي أي شخص طبيعي رجلا كان أو أمرأة أو طفلا أو الاستغلال بما في ذلك الاستغلال الجنسي أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة أو التسول أو استئصال أعضاء بشرية أو أنسجة أو جزء منها. والمقصود من إدراج حظر الاتجار بالبشر هو حماية النص التشريعي بنص دستوري. المادة 129 وهي الخاصة بحل البرلمان واقالة الحكومة وهي صلاحيات في يد الرئيس دون أي محاسبة سياسية بينما رئيس الحكومة مسئول وليست لديه صلاحيات حقيقية فحق رئيس الجمهورية في إقالة الحكومة يجعل الحكومة مسئولة أولاً أمام رئيس الجمهورية قبل أن تكون مسئولة أمام مجلس النواب، وهو يعني أن رئيس الجمهورية ينفرد بالسلطة التنفيذية دون أن يكون مسئولا سياسيا أمام البرلمان بينما تظل الوزارة هي المسئولة دون أن تكون لديها سلطة فعلية، مما يؤدي إلي انعدام التلازم بين السلطة والمسئولية، وخلل في التوازن بينهما، وقد دلت التجربة المصرية في ظل دستور 1923 علي أن جمع رئيس الدولة بين سلطة حل البرلمان وإقالة الحكومة يؤدي من الناحية العملية إلي تعطيل الدستور ويستحيل في ظله إحداث التوازن بين سلطات الدولة. المادة 62 الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أيضا انتقصت في الدستور، فحق الصحة علي الرغم من النص علي توجيه نسبة من الناتج القومي للخدمات الصحية إلا انه اشترط الفقر كسبب لتلقي الخدمة الصحية بينما المطلوب هو أن تكون الرعاية الصحية مقدمة بالمجان لكل المصريين في المستشفيات الحكومية والجامعية وكل المؤسسات المملوكة للدولة. نص الدستور في المادة 14 بربط الأجر بالإنتاج وهو أمر يتناقض مع معايير العدالة الاجتماعية حيث يجب ربط الأجر بالأسعار لتحقيق العدالة لاسيما وان الإنتاج مرتبط بأسعار السوق وبالتالي فهو متحرك فوجب أن يتحرك الأجر بالأسعار أيضا باعتبار أن العمل من عناصر تقدير السعر للمنتج. أيضا للعمل غير المنتج أي الخدمي أو العمل الاداري وغيره من الأعمال غير المرتبطة بالإنتاج فوجب وضع معيار عادل. بالإضافة إلي المادة 52 الخاصة بالنقابات والاتحادات التعاونية حيث يعطي الحق في حلها وحل مجلس إدارتها بحكم قضائي، وهو بمثابة اغتيال لشخصية معنوية وجودها مهم للاعضاء المنتسبين لها. إلغاء المادة الخاصة بالمساواة بين المرأة والرجل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وإلغاء جميع أشكال التميز، أيضا إمكانية تشغيل الأطفال بالمخالفة لنص اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأممالمتحدة، وتقصر حرية الاعتقاد بالأديان السماوية فقط رغم أن كل دساتير مصر نصت علي حرية الاعتقاد في المطلق. وأخيرا فان النص علي أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في الدستور أو القانون هي زادت كلمة الدستور لتفتح الباب لعقوبات بدنية محظورة استنادا لنص المادة الثانية من الدستور.