لم أكن أتمني أبدا أن أري تلك المشاهد الهزلية التي تعيشها مصر هذه الأيام, خاصة ما يحدث للقضاة ومنهم, وكنت أتمني ألا ينجر قضاة مصر إلي بحر السياسة المليء بأمواج وعواصف المصالح, ولكن للأسف بلع بعض القضاة الطعم ورضوا بأن يكونوا سلاحا فاسدا يشرعه أعداء مصر من مدعي الوطنية والثورية ومنظري السياسة البعيدين كل البعد عن مصالح الوطن, ومصالح المصريين الغلابة والبسطاء. ومع أنني أختلف مع الرئيس محمد مرسي في بعض مواد الإعلان الدستوري, إلا أنني أشكره من كل أعماق قلبي, فقد جاء هذا الإعلان ليكشف تلك المؤامرة الدنيئة الخسيسة ضد مصر, وأسقط الأقنعة عن وجوه كثيرة ورموز بعينها.. عري الإعلان الدستوري نخبة وفضح مماليكا وأبكي وطنا لأنه هاله أن يري قديسيه وهم أقزام! نعم لم أكن أتمني أن أري المحكمة الدستورية محاصرة, ولم أكن أتصور أن يمنع قضاتها من دخولها, ولكن هم الذين ساهموا في صناعة هذا المشهد الكريه, وساروا في طريق المؤامرة, يوم ارتضوا أن يكونوا أداة وسلاحا في يد مجموعة مأجورة لاهم لها سوي تدمير مصر ووقف مسيرتها نحو تحقيق أهداف ثورتها النبيلة, من خلال تدمير مؤسساتها الدستورية, ويوم ساروا وراء مجموعة منهم تركت قضايا الناس وراحت تعمل بالسياسة وبدلا من أن تنحاز إلي الحق, وتعمل في اتجاه مصلحة الوطن, انضمت لقوي الشر وتحالفت معهم ليس لمصلحة الوطن, ولكنه انتقام من الإخوان المسلمين حتي ولو كانوا هم أصحاب الأغلبية وشركاء الوطن, وقد أضرت هذه الممارسات بسمعة القضاة وبمصلحة الوطن, وهي التي أوصلتنا إلي مشهد منع القضاة من دخول المحكمة الدستورية, ولست في حاجة إلي ذكر من أفسد الحياة القضائية ولايزالون يحرضون ضد مؤسسة الرياسة وضد مصر, فهم معروفون ويجاهرون بذلك بحجة مصلحة الوطن, التي هي آخر ما يعملون حسابه. ورغم أنني ضد أحاديث المؤامرة, إلا أنني أشير هنا إلي تصريحات صديق عزيز أقدره وأحترمه, لأنه مصري حقيقي, وهو المؤرخ السياسي الدكتور محمد الجوادي الذي كشف عن خطة المحكمة الدستورية في إصدار أحكام مهمة وخطيرة في جلسة الثاني من ديسمبر التي منعهم الناس من حضورها. وأكد الجوادي أن الدستورية كانت تعقد العزم أن تحكم بحل مجلس الشوري والجمعية والتأسيسية وبطلان الإعلان الدستوري وتنحية الرئيس مرسي لعدم احترامه الدستور الذي أقسم عليه حسب الخطة وعودة المجلس العسكري. وقال الجوادي أن هذه المعلومات سمعها بنفسه من أحد أعضاء المحكمة الدستورية, رافضا الافصاح عن اسم عضو المحكمة وقال إن الرئيس مرسي اتخذ الإجراء المناسب قبل فوات الأوان.. وأوضح أن قرارات مرسي الأخيرة صائبة تماما وثورية مئة بالمئة, واصفا اياها بمثابة إنجاز عظيم يصب في مصلحة الوطن ويحافظ علي الثورة والمجالس المنتخبة من حالة السيولة السياسية, وأن القرارات تأخرت منذ حكومة الدكتور عصام شرف. وبغض النظر عن صحة أو كذب تلك الرواية فلا أملك إلي أن أقول: لك الله يا مصر, وحماك من الذين يعملون جاهدين لتدميرك, الذين عميت أبصارهم, ولم تحركهم سوي أطماعهم وهواهم, وأموال دفعت إليهم, راحوا يصورون الباطل علي أنه حق ويدفنون الحق في تراب أنانيتهم وكراهيتهم لمصر, وللأسف الكثير من هؤلاء المفترض أنهم زملاء مهنة أي أنهم إعلاميون, والإعلام منهم براء, هم أبالسة وشياطين, حولوا الشاشات إلي مرتع لوسوستهم, راحوا ينفثون السم الزعاف في آذان وعقول البسطاء الذين ينخدعون بما يروجونه, سواء بألسنتهم التي لا تنطق إلا إفكا, أو أقلامهم التي لاتخط سوي تآمر, وهدم لكل جميل في مصر. يعارضون الإعلان الدستوري الذي جاء محققا لكل مطالب الثوار, خوفا من كشف أوراق الفساد التي حجبها طويلا النائب العام السابق, والتي ستطال رؤوسا سياسية ورجال مال وأعمال وإعلام خدعوا الناس طويلا. لا أعرف لماذا يصب من يدعون الفكر وأصحاب رايات التنوير وغلاة من يدعون الليبرالية الزيت علي خلافات بسيطة, كان يمكن تداركها وتجاوزها, لو تعاملنا معها بقليل من العقل والحكمة, لقد حاول بعض من يدعون الثقافة استغلال الإعلان الدستوري الجديد, وحالة الاحتقان التي يعاني منها الوطن حاليا في تحقيق مؤامرة هدم الدولة, من خلال إشعال نيران الفتنة والوقيعة بين فصائل المجتمع, تحت مزاعم الاعتداء علي سلطة القضاء, وهدم سيادة القانون, وهي مزاعم باطلة, فهم لايجيدون سوي رفع الشعارات, لايهتمون أبدا بمصالح الناس الغلابة الذين ينتظرون أن تتحسن أحوالهم وتسود العدالة الاجتماعية, ولذلك سأكون أول من يقول نعم للدستور الجديد, وأهيب بكل مصري أن يقولها معي, حتي نبني مصر الجديدة, وحتي نقول لا لتلك القوي التي تتآمر علي مصر.