كرم شاب في مقتبل العمر, نشأ وترعرع في منطقة البراحيل بأوسيم بمحافظة الجيزة, وعلي الرغم من حصوله علي بكالوريوس تجارة وبذله محاولات مضنية, إلا إنه فشل في الحصول علي وظيفة, وانضم كغيره إلي الآلاف في طابور العاطلين من حملة المؤهلات. استبد به الغيظ وسيطر عليه الغضب, فعقد العزم علي ضرورة وضع نهاية لحياة الفقر التي يعيشها, وبعد تفكير عميق, هداه شيطانه والقنوات الفضائية التي يجلس يشاهدها طوال اليوم الي ابتكار حيلة انتحال صفة طبيب, متخصص في علاج المرضي بالأعشاب. وحينما عرض الفكرة علي أحد أصدقائه, شجعه وحفزه فقرر تمضية وقت طويل في الجلوس امام التليفزيون, حيث كان يشاهد الفضائيات, ويدون أسماء وأنواع الأعشاب والمنتجات التي يعلن عنها, والأمراض التي تعالجها واشتري مجموعة من الكتب وظل يقرأ فيها, واقترض مبلغا ماليا من بعض أصدقائه واستأجر شقة بنظام القانون الجديد بطريق البراجيل, امتداد شارع احمد عرابي. علق علي واجهة الشقة لافتة تحمل اسمه, علي أنه طبيب معالج بالأعشاب وارتدي البالطو الأبيض, وأخذ المرضي يتوافدون عليه, كما أنه راح يتردد علي بعض المنازل, لتوقيع الكشف علي المواطنين لعلاجهم, مدعيا قدراته الخارقة علي شفاء أغلب أنواع الأمراض, وان لديه لكل داء دواء شافيا. وكان يحفز المرضي علي ترك أدويتهم التي صرفها لهم الأطباء الحقيقيون أو المستشفيات الحكومية, ونصحهم بإلحاح غريب باستخدام أعشابه, وبعض المنتجات والمستحضرات التي أعدها لهم. وكان في الأغلب الأعم, يصرف لمعظم المرضي نوعا واحدا من هذه المنتجات, لعلاج أي مرض مزمن يصيب أجسادهم. ومنذ أيام, استدعاه أحد المواطنين ويدعي إبراهيم بمنطقة بشتيل للكشف علي والده المريض, وبالفعل قام بتوقيع الكشف عليه, وصرف له بعض الأعشاب, وفي تلك الأثناء, تصادف تواجد صديق له اسمه احمد45 سنة موظف بشركة الكهرباء, عندما سأله عن الطبيب أخبره بأنه طبيب ماهر, يعالج بالأعشاب. تحدث أحمد مع الطبيب, وطلب منه اصطحابه للكشف علي والدته المريضة فذهب معه وصرف لها بعض المنتجات التي أحضرها معه, وحذره من إعطائها العلاج الذي قرره لها طبيب بأحد المستشفيات الكبري, وبعد مرور عدة أيام علي تناول المريضة منتجات الطبيب الوهمي, تدهورت حالتها الصحية, وأصيبت بجلطة شديدة أفقدتها الحركة. سارعت أسرتها إلي استدعاء طبيب حقيقي فحضر, وعندما شاهد الأودية التي صرفها أطباء مستشفي الحكومة, وعلم أن الطبيب المعالج بالأعشاب منعهم من إعطائها وشاهد منتجات الأعشاب التي أعطاها لها الطبيب المزيف, جن جنونه, وطلب منهم استدعاء ذلك الطبيب فورا, وطلب منهم عدم اخباره بوجوده, وبعد مرور حوالي ساعة, حضر بالفعل وفوجئ بتدهور حالة المريضة ووجود الطبيب الحقيقي. وبعد حديث قصير دار بينهما, طلب الطبيب من أسرة المريضة استدعاء رجال الشرطة لأن هذا الرجل نصاب.. وبالفعل انتقل الرائدان عبد الرحمن الفقي رئيس نقطة بشتيل, وأحمد نصر رئيس مباحث النقطة, وتم القبض علي المتهم حيث عثر بحوزته علي سماعة طبية وجهاز قياس ضغط, وتحرر له محضر, وأمر اللواء أحمد الناغي مساعد أول الوزير لأمن الجيزة, بإحالته إلي النيابة التي قررت حبسه احتياطيا علي ذمة تحريات رجال المباحث. وكان اللواء كمال الدالي مدير الإدارة العامة للمباحث, قد تلقي إخطارا من نائبه اللواء طارق الجزار بورود بلاغ من أحمد45 سنة ومقيم بشتيل بأوسيم, اتهم فيه شخصا يدعي كرم بالنصب عليه, من خلال انتحاله صفة طبيب وتسببه في إصابة والدته بجلطة بسبب منتجات وهمية أعطاها لها. وتبين من فحص العميدين عرفة حمزة رئيس مباحث قطاع الشمال ودرويش حسين مفتش المباحث, أن المتهم حاصل علي بكالوريوس تجارة, وانتحل صفة طبيب وعثر بحوزته علي كارنيهات مزورة لكلية الطب, وبمواجهة المتهم أمام اللواء محمود فاروق مدير مباحث الجيزة, والرائد عطية نجم الدين رئيس مباحث اوسيم اعترف بانتحاله صفة طبيب وزعم أنه ارتكب الواقعة, من دون قصد.