قد يكون من الصعب التكهن بتداعيات ما يحدث الآن في هذه المنطقة الملتهبة التي كانت ومازالت وستظل هلي قلب الصراعات في العالم, وكما يتنبأ الباحثون قأن هذه المنطقة سوف تنطلق منها شرارة نهاية العالم في تلك الحرب الضروس التي يتوقعونها. والتي يطلق عليها حرب هرمجدون, والتي يتوقعون أنها سوف تقع في المنطقة التي تقع شرق الأردن, والتي يطلق عليها وادي مجدوو البعض الآن يتحدث بعد العدوان الإسرائيلي علي غزة في تلك العملية المسماة بعامود السحاب, والذين قالوا إنها سوف تكون المؤشر, وهي كذلك بالفعل عن تلك العملية المسماة بالرصاص المصبوب, وأيا كانت أبعاد موقف الحكومة المصرية, والذي قد جاء شديدا هذه المرة عما سبقه من مواقف, وكانت مع استدعاء السفير المصري لدي تل أبيب, وفي ذات الوقت ندد الرئيس مرسي بهدا العدوان, وأكد ان لا مصر ولا الدول العربية ولا العالم الإسلامي هذه المرة سيكون رد فعله كالمرات السابقة, أي تلك المواقف وردود الأفعال التي تعودت عليها إسرائيل وأنها لن تسمح بالعدوان علي شعب غزة, وقد كانت زيارة رئيس الوزراء عقب ذلك العدوان أبلغ دلالة للعالم أجمع ولإسرائيل, علي أن الدول العربية وعلي رأسها مصر, لن تقف في شرفة الانتظار والترقب لتري ما يحدث وما ستئول إليه عواقب ذلك العدوان, كما أنها في ذات الوقت تدرك أبعاد ما يحدث والتعقيدات التي انطوي عليها ذلك الوضع, وأن الأمر برمته يسير إلي أن هناك تخطيطا ومخططا لحرب اقليمية وأن مصر وإن كانت لا تريد العدوان علي أحد فانها وفقا لما يحدث وما يجري ومعطيات الموقف, قد تري انها أمام حرب اقليمية مستبقة قد فرضت عليها, وأن هذه المعطيات قد تجعل الخيارات أمامها قليلة أو نقص هذه الخيارات إلي ذلك الحد الذي قد تجد نفسها في قلب ذلك الصراع, من المؤكد ان مصر لا تريد ان تدخل في أية حروب ولا سيما في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد والتي يمكن تصويرها بداية من تدهور الوضع الاقتصادي علي نحو كبير وكذلك انقسام القوي السياسية حول العديد من القضايا والمواقف وعلي رأسها صياغة الدستور الجديد لمصر, والذي سوف يحدد ما هي الملامح الأساسية لشكل الحكم في مصر وطبيعة العلاقة بين السلطات في ظل حالة من عدم الاستقرار الأمن الذي لابد وان يعكس نفسه علي تماسك الأوضاع والعلاقة بين القوي السياسية الذي يعد أحد العوامل المهمة والمحورية في القرارات التي تتخذها مصر, ومن المؤكد ان هذه الأوضاع لن تكون مشجعة أو إيجابية لخوض أية حروب إقليمية أو أية حروب بالكلية, ومن المؤكد أيضا ان الأوضاع بما هي عليه الآن قد لا تسمح لمصر بالقدر المطلوب من التخطيط والمناورة في هذه الحرب إما بتفاديها أو بخوضها ولكن مع أن تكون لها اليد الطولي فيها, كما ان التنسيق العربي أو علي المستوي الإقليمي وكان ومازال غائبا اللهم إلا تلك التصريحات التي تدين العدوان من تركيا وإيران وبعض الدول العربية, إلا انه دون ترجمة تلك التصريحات وذلك السلوك لسياسات وخطط أي خطوات عملية وذلك بسبب عنصر الوقت وعدم وجود استراتيجية عربية أو موقف عربي موحد من قبل ونتفق عليه حيال حدوث مثل هذه المواقف المتوقعة أو بتعبير أدق تلك الحرب الإقليمية القادمة التي يتوقعها العالم كله وتستعد لها إسرائيل منذ سنوات طويلة جدا, وهي ماضية في مخططها علي خطوات مرحلية ومتدرجة وذلك بغض النظر عن تعاقب الحكومات الإسرائيلية وختلاف وطبيعة وسلوك الحكام الإسرائيليين الذي سرعان ما ننخدع فيه, ولكن هناك ثوابت لا يمكن اختلاف عليها ليس علي مستوي الفكر الصهيوني ولكن علي مستوي العقيدة الإسرائيلية أو الديانة اليهودية في أرض الموعد ولا يقصد به هنا وعد بلفور في عام(1917) بإنشاء وطن قومي لليهود والذي شهد له الكتاب الأبيض ولكن وعد يرجع إلي نحو أربعة آلاف عام مذكور في التوراة وهو الذي نجده مكتوبا علي حائط الكنيست الإسرائيلي فيما يتعلق بحدود دولة إسرائيل الكبري من النيل إلي الفرات والذي نجده في سفر التكوين الأصحاح(16) وعدد(18), حيث تقول الكلمات: في ذلك اليوم قطع الله مع إبرام ميثاقا قائلال نسك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلي النهر الكبير الفرات, ذلك هو الوعد الأصلي الذي يحرك المخطط الصهيوني وتلك الدولة الأصولية التي تتمسك بالحرف وتحاول تنفيذه بغض النظر عن المعاني التي تقف وراء ما يحدث في غزة الآن كنقطة بداية للتحرك نحو تحقيق ذلك الوضع والسير في هذه الخطوات التي تقود نحو تحقيق ذلك المخطط. لقد سعت إسرائيل منذ البداية إلي ذلك وقد استطاعت منذ يعرف بفك الاشتباك الأحادي أو الانفصال المنفرد الذي قامت به إسرائيل وحدها دون أية ترتيبات مع الفلسطينيين كما كان متفقا عليه ووقتها عارض الكثير من الفلسطينيين ذلك ممن يدركون أبعاد الفكر الصهيوني والمخطط البعيد المدي وهم كانوا يعرفون أن غزة سوف تصبح بمثابة سجن كبير للفلسطينيين, وسوف يتمكن الإسرائيليون من السيطرة علي القطاع, وأن يفعلوا فيه ما يشاءون, وقد رأينا بعد ذلك صور الحصار البشعة التي ارتعدت منها فرائض العالم, وكيف كان الشيوخ والأطفال والنساء يتضورون جوعا دون دواء أو طعام أو ماء أو حتي مرافق وكانت المعابر كلها مغلقة أمامهم ولكم علقوا كثيرا أيام النظام السابق, وذلك عندما كانوا يذهبون للحج وكانت القوات الإسرائيلية تسمح لهم بالخروج وتمنعهم من الدخول في إطار عملية الطرد لهم من القطاع ذلك كله كان مخططا ورأينا ما حدث في ذلك القطاع ما بين عمليات الحصار والتجويع للقطاع وعمليات الغارات الجوية والعمليات المنظمة للتصفية الجسدية للقطاع, كل ذلك لكي يكون هناك نوع من الضغط المنظم علي من في القطاع وذلك من أجل تشكيل قوة طاردة لمن في القطاع وذلك من خلال عملية التضييق عليهم والتجويع والغارات المنظمة ولكي ما يصبح أمامهم ذلك المتنفس أو البديل وهو سيناء, بحيث يشكل ذلك ليس فقط أحد مصادر التهديد والخطر الحدودي لمصر وأمنها القومي كما رأينا في الأحداث الأخيرة من الاعتداء علي السرية الحدودية المصرية وقتل من فيها ساعة الإفطار, والتي قد وجهت الإنذار لمصر في ذلك التوقيت نحو تأمين تلك البوابة الحدودية وتطهيرها وعودة الأمن اليها ولكن فيما يبدو ان الوضع قد تعقد علي نحو كبير واختلطت الأوراق وكل ذلك يعد بمثابة ذرائع بالنسبة لإسرائيل للتدخل في شئون المنطقة بل لكي تقوم بتحقيق مخططها وأهدافها, لقد تعددت المحاولات الإسرائيلية بعد قيام الثورة, وكانت التلميحات والتصريحات بأن الوقت قد اصبح مهيأ الآن لتحقيق المخطط الصهيوني في ظل تلك الحالة من الفوضي وتحطم النظم السياسية القديمة التي ألفتها إسرائيل وقامت باستئناسها وترويضها ومن المؤكد ان إسرائيل تقف وراء العديد من الأحداث التي وقعت في سيناء في الأشهر الأخيرة لكي تمهد لهذه الحرب الإقليمية المرتقبة والمنتظرة حتي لو حاولنا إرجائها وهو ما يعد مطلوبا الآن لحين ترتيب الأوراق وتهيئة الظروف بداية من تحقيق الاستقرار الداخلي وبناء الاقتصاديات ولم الشمل علي المستوي الداخلي وعلي المستوي الإقليمي, كما أن دول المواجهة المعروفة مع إسرائيل وهي مصر وسوريا وكذلك العراق والأردن وليبيا وكلها قد عصفت بها رياح التغيير وتعاني حالة من عدم الاستقرار الداخلي ونحن لا نريد لمصر ان تفرض علينا مسبقا كما حدث وان فرضت علي إسرائيل حرب(1973), حيث وجدت نفسها علي حد تعبير سفران المؤرخ السياسي أمام حرب قد أعدت مسبقا لا نريد ان يتكرر ذلك الوضع الفارق في أوضاع الدول العربية الآن وما كان عليه وضع إسرائيل قبل(1973). دكتواره في العلوم السياسية