كانت في انتظار موعد زفافها يوم الخميس القادم, ولكن القدر تدخل ليمنعها من حضور اليوم الذي طالما حلمت به, بعد ان تحولت من عروس إلي ضحية لقيت مصرعها تحت عجلات قطار الفيوم قبل ما يقرب من أسبوع علي موعد زفافها. الاهرام المسائي توجه إلي عزبة مرعب, التابعة لقرية سيلا, بمركز الفيوم, في الطريق تشم رائحة الموت حتي اقتربنا من خط القطار الذي يخترق القرية فوجدناه مجرد حطام وهناك العديد من الأهالي يبكون ذويهم من المصابين والقتلي وتبقي عربات القطار المحطمة شاهدا علي حادث مأساوي راح ضحيته ثلاثة قتلي و43 مصابا. وعندما اقتربنا من عزبة مرعب, مسقط رأس شريهان عزت رزق(18 سنة) العروس الضحية, بدت الوجوه في الطريق عابسة حزينة علي فراق إحدي فتيات القرية التي اتضح ان الجميع كان يحبها, فبدلا من ان يحتفلوا بزفافها وسط الزغاريد والأغاني, نصبوا لها فراشة العزاء وتحولت الزغاريد إلي صراخ وعويل حزنا علي فراقها في هذا الحادث الماسأوي. ووصل الاهرام المسائي لمنزل العروس ضحية القطار, فوجدنا الجميع يجلس في تجهم وحزن, وفجأة سمعنا صوت بكاء شديد كان مصدره والد الضحية في حالة انهيار تام, فقدمنا له واجب العزاء وحاولنا أن ننفرد به بعيدا عن تلك الاجواء حتي يستطيع الكلام, ولكن بنبرات متقطعة يغلب عليها البكاء قال عايزن أقول إيه بنتي الكبيرة راحت, وبعد محاولات لتهدئة الوالد المكلوم, توجه بنا إلي أحد غرف المنزل ليحكي لنا ماحدث. يقول عزت رزق والد الضحية, توجهت ابنتي في هذا اليوم المشئوم لشراء فستان الفرح والطرحة والملابس الخاصة بها حيث تم عقد قرانها وتحديد حفل العرس يوم الخميس المقبل, وفجأة يجهش الأب بالبكاء الشديد, ثم يتمالك أعصابه بصعوبة بالغة مستكملا, وذهبت ابنتي وركبت القطار, ولكننا فوجئنا بعد ذلك بتليفون من زوجها يخبرنا ان القطار الذي كانت تستقله شريهان, قد اصطدم بقطار آخر, في المنطقة بين قريتي سيلا والناصرية, وبالفعل توجهنا بسرعة إلي مكان الحادث الذي يبعد عن المنزل مسافة2 كيلو متر, وهناك وجدنا إبنتي, وينفجر بالبكاء وهو يقول: كانت تحت عجلات القطار وفرحها الأسبوع الحالي نحاسب مين ونقول مين مش حرام كده, ده أنا استئذنت أحمد ابني في قبره أننا نعمل الفرح ووافق وبعدها يدخل في نوبة هيسترية من البكاء, وهنا تدخل عم الضحية جمعة رزق, مدرس علم نفس, وقاطع حديثنا ليقول إن شقيقه لن يستطيع أن يكمل الحديث, مؤكدا أن الضحية شريهان كان لها أخ يدعي أحمد توفي منذ3 سنوات في حادث حيث تعرض لتيار كهربائي أودي بحياته وكان شابا لم يكمل العشرين, ومنذ وفاة أحمد ولم يدخل الفرح بيوتنا, وانتظرنا فرحة شريهان بزواجها, حيث قام والدها بزيارة قبر أحمد إبنه قبل موعد الزفاف ليستأذنه في الفرحة, ولكن رفضت الفرحة أن نعيشها وذهبت شريهان إلي شقيقها عند الله في عالم آخر ستزف في حفل كبير إلي الجنة بإذن الله. ويضيف جمعة رزق عم الضحية, إنه نزل لشراء أثاث بيت الزوجية الخاص بشريهان, قبل عدة أيام وتبقي الملابس الخاصة بها ومنها فستان الزفاف والطرحة وفي يوم الحادث توجهت إلي مدينة الفيوم مستقلة القطار لتشتري تلك الاشياء, وأثناء عودتها وقع الحادث المشئوم, وتلقينا تليفونا يخبرنا بالحادث, فأسرعنا إلي مكان الحادث لنجد شريهان قد سقطت بين الجرار والعربة الاولي للقطار فنقلناها إلي سيارة الإسعاف. ويقول أشرف جمعة زوج الضحية, في يوم الحادث اتصلت بي شريهان لتخبرني أنها ستذهب لمدينة الفيوم لشراء فستان الزفاف والطرحة, وعرضت علي ان أكون بصحبتها, ولكن ذهبت معها شقيقتي وأقاربي, بينما أنا رفضت الذهاب معهم, وبعدها توجهت في مشوار مع أحد أصحابي وفجأة جاءتني مكالمة هاتفية تخبرني بالحادث, فتوجهت إلي هناك ووجدتها ملقاة تحت عجلات القطار, وأثناء الحديث بدأ أشرف مصدوما منذ وقت الحادث وحتي لحظة الحديث معنا.