تبدو الحكومة في موقف العاجز عن محاورة المعارضة التي هي أعلي صوتا. والمعارضة أعلي صوتا لأنها مسلحة بصحف مقروءة بشكل كبير نسبيا وبقنوات تليفزيون يتابعها كثيرون. والمعارضة عالية الصوت لأنها فقط تقدم اقتراحات وتثير اعتراضات وتوجه انتقادات, وكذلك لأنها ليست في موقف المسئول عن اتخاذ القرارات أو الامتناع عن اتخاذها, مع ما يعنيه اتخاذ القرارات أو الامتناع عن اتخاذها من كسب أو فقد شعبية. وفي وقت تبدو فيه مشكلات كثيرة وقد استعصت علي الحل, بعد أن صارت مزمنة, لا بد أن تكون الحكومة في موقف صعب. والحكومة في موقف صعب أيضا لأنها تبدو عاجزة عن الابتكار في مواجهة مشكلات وأزمات مستفحلة, منها أزمة البطالة وأزمة الإسكان وأزمة الزحام في القاهرة وعواصم المحافظات وبعض المدن الكبيرة الأخري. ومنذ إسقاط النظام السابق تفجرت أزمات إضافية نادرا ما مر بها المصريون لفترات طويلة مثل الانفلات الأمني وأزمات الوقود والطعام. والمشكلة المخيفة تتمثل في أن ملايين الشبان والبنات يكتوون بنار الأزمات المزمنة والأزمات الجديدة في حين أن صدورهم كانت قد امتلأت بأماني التغيير بعد إسقاط النظام السابق. وبالتالي تبدو الحكومة طرفا خاسرا في أي حوار يمكن أن تبدأه مع المعارضة ويتابعه الناس. ومن الطبيعي أن أسر الشبان والبنات المأزومين مأزومة معهم, وربما أكثر منهم. وفي هذا الجو يكون سلاح المعارضة أقوي وأمضي. فباستطاعة المعارضة ببساطة أن تقول للناس إن ما تمر به البلاد بعد الثورة أسوأ مما كان قبلها. ومن الطبيعي أن الناس جاهزون لقبول تلك الفكرة التي لم تتخذ الحكومة إجراءات يمكن أن تساعد علي محوها وتثبيت فكرة معاكسة. وإنها لمشكلة حقا أن تكون المعارضة مسلحة, وأن تكون الحكومة منزوعة السلاح.