كنت دائما مطمئن القلب إلي أن مصر سوف تجتاز أي أزمات أو مشاكل تعترض مسيرتها بعد الثورة من منطلق أن حدوث هذه الازمات شيء طبيعي مع تتابع الأحداث وتسارعها.. لكن هذا التفاؤل بدأ ينحسر كلما اقتربنا من يوم 25 يناير.. اليوم الذي انطلقت فيه الثورة لاسقاط النظام الديكتاتوري الفاسد. لماذا تراجع هذا الاطمئنان وهذا التفاؤل؟ لأن الأطياف السياسية التي تستعصي الآن علي الحصر لم تستطع الاتفاق علي سنياريو موحد للاحتفال بهذا اليوم بحيث يكون يوما للفرحة والانطلاق لتحقيق اهداف الثورة.. اختلفت الآراء.. البعض يريده احتفالاً بالعيد الأول للثورة.. والبعض يرونه مناسبة لبدء ثورة جديدة بعد أن خابت آمالهم في استكمال أهداف الثورة.. والبعض سيحتفلون به علي طريقتهم بمظاهرات واعتصامات وإضرابات.. لماذا؟ لا أحد يعرف السبب.. البعض يهدد بالعنف وآخرون يؤكدون أنهم سيقفون ضد من يستخدم هذا العنف. أخشي أننا سنقف مكتوفي الأيدي أمام المجهول الذي ينتظرنا يوم 25 يناير في ضوء الأنباء التي تناقلتها شبكات الأخبار العالمية عن دعوات لمواجهة دامية مع قوات الجيش والأمن. قالت الأنباء إنه تم رصد نشاط علي مواقع التواصل الاجتماعي من بعض المجموعات والاشخاص في الداخل والخارج تدعو لمواجهات دامية مع القوات المسلحة. وأعتقد أن هذا لو حدث - لا قدر الله - ستكون كارثة الكوارث علي مصر وشعب مصر.. وإذا كنا الآن نعاني من أزمات حادة في كل أمور حياتنا جعلتنا في حالة عدم توازن.. فإن الأمر سوف يتحول إلي انفلات خارج عن حدود السيطرة.. الكل يضرب في الكل... ولا نعرف من مع من ولا من ضد من. ويومها ستتوقف الحياة في مصر لتعود للخلف مئات السنين!! مصر الآن تشتعل بالمشاكل المتراكمة وهي مشاكل تبدو كالنار تحت الرماد.. اضرابات.. وقطع طرق.. وعمليات سطو بالإكراه.. وعمليات قتل لاتفه الأسباب.. ومطالبات فئوية لا حصر لها.. وحكومة الدكتور كمال الجنزوري وإن كانت تبدو رابطة الجأش ومتماسكة في مواجهة هذه المشاكل.. إلا أنني أري أنها تترنح نتيجة لتردي الحالة الاقتصادية وعدم قدرتها علي تلبية كل هذه الطلبات. ومع احترامي للواء محمد إبراهيم وزير الداخلية وجهوده الدؤوبة لمحاولة إعادة الأمن في مصر إلي وضعه الطبيعي إلا أن ما يحدث من عمليات سرقة ونهب في وضح النهار هنا وهناك تجعل هذه الجهود تبدو وكأننا نحرث في الماء. ولا أستطيع أن ألقي اللوم علي أحد فإمكانات الأمن أقل كثيرا من مستوي امكانات الإجرام عددا وعدة والمجرمون رأوها فرصة ليخرجوا من الجحور ويضربوا أمن البلد في مقتل. مصر الآن كمرجل يغلي ويكاد ينفجر من ضغط البخار - اقصد من ضغط الأحداث - والأصوات التي ترتفع فيها أصوات متنافرة. وهذا سر الخشية والخوف من المجهول يوم 25 يناير. سلام الله عليك يا مصر إلي يوم يبعثون.