إذن.. ما بين الميداليات التذكاريه والوظائف الحكوميه التى قرر سيادة المشير فجأه منحها لمصابى الثوره.. وبين أزمة البوتاجاز والبنزين الطاحنه التى وجد المواطنون أنفسهم فجأه بصددها قبل أيام من الإحتفال بمرور عام على «بدء الثوره».. وبين كوميديا جريدة الحريه والعداله التى ضرب مجلس تحريرها جبنه باندا مع قناع «فى فور فينديتا» فى الخلاط ليخرجوا لنا فى النهايه بذلك المانشيت الكوميدى بإمتياز.. «قناع بانديتا.. خطة الأناركيين لنشر الفوضى فى 25 يناير».. وهو المانشيت الذى إرتفع بنسبة تشييره على الفيسبوك إلى الدرجه التى تجعله ينافس بعنف فى نسبة التشيير الستاند أب الكوميدى بتاع الدكتور عماشه والستاند أب المأساوى بتاع الدكتوره لميس.. وبين الخبر مجهول المصدر أو بمعنى أصح الشائعه التى تم تسريبها على الفيسبوك على مدار اليومين الماضيين والخاصه بالمياه الملونه التى سوف يتم رش المواطنين بها بدلا من المياه العاديه بهدف تعليمهم والقبض عليهم بعد ذلك بهدوء ورويه.. وبين العزف المنفرد للمحامى الأريب فريد الديب والقائم فى الأساس على ضرب كرسى فى الكلوب وشقلبة الليله رأسا على عقب على خلفيه مؤثره لموسيقى أغنية «تخونوه وعمره ما خانكم.. ولا فى الشارع سحلكم».. وبين تكثيف عمل اللجان الإلكترونيه وفضائيات العبوديه من أجل شحن «المواطنين» الذين سوف يظل إسمهم «مواطنين» لحين إتمام عملية شحنهم بنجاح.. عندها يصبحون على طول «مواطنين شرفاء».. وبين المئات من البرامج والمقالات اليوميه التى تحتوى على رغى لم ترغيه مصر طوال تاريخها تقريبا.. وبين إستمرار اللف حوالين الشوارع الكثيره المقفوله فى وسط البلد والتى من ساعة ما إتقفلت ما اتفتحتش تانى والتى لا يعلم أحد على وجه التحديد هى ليه لسه مقفوله لحد دلوقت.. وبين قراءة خبر طعن الناشط السياسى محمد جمال إمبارح بالمطاوى من قبل مجموعه من البلطجيه أمام دار القضاء العالى بنفس الرتابه والإعتياد التى يقرأ البنى آدم منا بهما حظه اليوم.. وبين تأكيدات المجلس العسكرى على أنه «كان.. وسيظل» حاميا للثوره.. وبين استدعاء تلك التأكيدات دوما لمشهد العظيم عبد السلام النابلسى وهو غرقانا بالملوخيه ومخاطبا السماء.. «بس.. كفايه.. ما تبسطهاش اكتر من كده».. وبين زوبعة البرادعى الأخيره فى فنجان سباق الترشح للرئاسه وما أثارته تلك الزوبعه من تداعيات ومن شقلبه لترابيزة كافة التوقعات.. ومن زيادة التقدير لتلك العقليه السياسيه التى تبدو للغافل أنها سهله بينما هى فى الحقيقه ليست سهله على الإطلاق.. وبين ما يثيره أى ظهور للدكتور السيد البدوى فى نفس كل عاقل من رثاء.. خصوصا خبر إنسحابه مما يسمى بالمجلس الإستشارى.. ذلك الخبر الذى تلمح فى خلفيته صوت بكاء طفل يعلن أنه.. «إشمعنى البرادعى.. أنا كمان عايز أنسحب من أى حاجه وخلاص».. وبين إستعداد الإخوان والسلفيين وباقى الفائزين فى مجلس الشعب لإرتداء هدوم العيد والذهاب إلى أول جلسه من جلسات مجلس الشعب والتى تعقد اليوم لتكون بمثابة عرس ديموقراطى جديد من أعراسنا الديموقراطيه الكثيره.. وبين إكتشاف الشعب أنه.. «إحنا ما عملناش ثوره.. إحنا فكينا ورقه بعشرين جنيه».. كما تقول أحدث الصور المتشيره بنسبه كبيره على الفيس بوك على مدار اليومين الماضيين.. وبين ذلك الإحساس الغريب من التفاؤل الممزوج بالإكتئاب.. ومن الشجن الملسوع بالسلام النفسى.. ومن الأحاسيس المتداخله والمشاعر المتضاربه والبشر المتحفزه.. بين كل هذه الأشياء التى تبرطع فى خلايا مخه.. بالإضافه إلى ذلك البرد الرخم الذى يبرطع فى خلايا جسده.. شعر «المواطن صفر» بذهنه مرهقا.. أغمض عينيه فرأى فى المنام نفسه يعدو عبر غابه ملتفة الأغصان متشابكة الفروع.. كلما تقدم للأمام فى عدوه إشتعل الحريق تلقائيا فى الشجر من وراءه.. بينما فى مواجهته وحوش ضاريه كثيره تتربص به.. لم يكن أمام المواطن صفر خيارا آخر غير التقدم للأمام.. فبينما العوده للوراء لا تحمل من الإحتمالات سوى إحتمال الإحتراق.. فإن التقدم للأمام يحمل من ضمن ما يحمل من إحتمالات إحتمال النجاح فى الوصول إلى السهل المنبسط الجميل الآمن الذى يوجد حيث تنتهى الغابه.. إستيقظ المواطن صفر من حلمه.. فتح الراديو.. فوجد شاديه تؤكد على أنه.. «كلها بكره.. بس وبعده»!