لو فكرت ورق قلبك لزيارة أهلك في الصعيد في هذه الأيام المباركة فاعمل حسابك انك ستخوض معركة في السكة الحديد للحصول علي تذكرة سفر أنصحك بالا تتهور وتخوض هذه التجربة إلا في عدة حالات. إما أن تكون مسنودا وليك ظهر كبير في الحكومة أو الرئاسه أو حزب الحرية والعدالة لتحصل علي تذكرة سفر بفلوسك طبعا, وإما ان تكون محظوظا وترزق بسمسار ابن ناس في المحطة ياخذ منك رشوة ويجبلك تذكره, أما لو كنت مواطنا موكوسا ومنحوس ولديك إصرار حقيقي علي هذه الرحلة الانسانية فكن قوي الاعصاب ولا تنزعج أوترتجف عندما تدخل حرم محطة السكة الحديد المصرية الموقرة وتجد مشاهد لأناس نائمين متعبين مرهقين تحسبهم أمواتا وهم أحياء ينتظرون قطارا لم يأت لا تضعف من صراخ أطفال طال بهم الانتظار أو آهات شيوخ ضاق بهم المقام وسيدات يخفين دموعا جفت في الجفون. دعك من كل هؤلاء واختر بين طريقين: الأول ان تستقل قطار الركاب العادي بدون حجز واعمل حسابك انك سوف تسافر في الوضع واقفا محشورا بين اشقائك المصريين, يداك مرفوعتان حتي لاتسقط تحت الأقدام ومنكس الرأس حتي لا ترتطم في طاولة بائع السندويتشات أو في بستلة البيبسي, وتحلي بالصبر عندما يدفعك احد الباعة لانك لوتكلمت توقع منه علقة ساخنة, ثم لا تستعجل الوصول اما البديل الثاني فيتطلب منك أولا ان تكون صاحب قلب قوي لا يخشي الموت ولديك شجاعة المحاربين في السير علي الطرق الوعرة في غسق الليل وجوارك تهوي سيارات النقل الثقيل وتوقع ان تخرج عليك عصابة من قطاع الطرق لسلب كل ما معك.. هكذا صارت أبسط حقوق المواطن في بلد به أقدم سكة حديد في العالم وصاحب أقدم حضارة في التاريخ, أليس من ابجديات النهضة المزعومه شق الطرق ومد الجسور وربط المدن بشبكة طرق عصريه تفتح شرايين التنمية العمرانية وتحافظ علي كرامة من ثاروا ضد القهر والاستبداد طلبا للحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية؟!! [email protected] رابط دائم :