تسللت أشعة الشمس من مكمنها وسقط ضوئها علي الأماكن والطرقات والبيوت وانعكست أشعتها علي نافذة منزل معوض المسن, بمنطقة المطرية ولمع ضوئها علي وجهه وولده الواقف خلفه بأدب, يأمن علي دعاء أبيه كما عوده عقب كل فجر. ومسح الأب وجهه بيده بعد ختم دعائه ونظر إلي ولده قائلا ياولدي يجب أن تتشرب خبرتي في الحياة لتتعلم كيف تواجه الصعاب بعدي, أحني أشرف ابنه رأسه فجأة ولثم يد أبيه بقبلة حانية سريعة وهو يقول أصحبك منذ سنوات يا أبي وأتعلم منك الكثير.مسح الأب فوق رأس ابنه بحنان أبوي وقال الآن اطمئن عليك وانطلقا بسيارة الأب المرسيدس كعادتهما الخميس الأخير من كل شهر ليودعا أموال الشركة الكبري التي يعمل بها الأب في أحد فروع البنك الشهير بمنطقة حلمية الزيتون, وكانت بحوزتهما الحقيبة تمتلئ بنصف مليون جنيه, وانطلقت بهما السيارة الفاخرة تتهادي علي الطريق ونظر معوض إلي مرآة السيارة يلمح أفرع الشجر يحركها الهواء طوال الطريق وعادت به الذاكرة إلي وقت أن كان موزعا صغيرا يقف بائعا داخل كشك للسجائر وكيف استطاع أن ينمو بتجاربه بشكل تصاعدي بكده وعرقه إلي أن أصبح من الموزعين المعتمدين في الشركة الكبري, وكيف تزوج ورزق بولده ساعده الأيمن الذي علمه كيف يكون غنيا مثله يتحدث عنهما الناس كانت الذكريات تعود بالأب المكافح والابتسامة تتسلل إلي شفتيه وولده بجواره ساكن كعادته يحترم صمت والده الذي لم يكن يلاحظ السيارة التي خرجت في أثره منذ أن تحرك من شارع يوسف إسكندر بالمطرية وهو يتجه إلي فرع البنك كانت السيارة تترصد يسيارتهما المرسيدس ولا يلاحظها أحد وبداخلها4 ملثمين, وفجأة فزع معوض وولده أشرف بعد أن قطعت سيارة الملثمين الطريق أمامهما أثناء صعودهما كوبري علي باشا الذي يبعد500 متر من قصر الرئاسة بمصر الجديدة, ودق قلب الرجل المسن ظنا منه أن هناك من يطلب النجدة لحدث جلل أو أن هناك أمر يستدعي التنبيه لبروز السيارة الغريبة أمامه بشكل مفاجئ, ولكن ذهب ظنه سدي بعد أن نزل من السيارة الملثمون يشهرون أسلحتهم الآلية في وجه معوض وولده, فانقبض قلبه وشعر بالخوف علي ولده, وتنبه الرجل المسن إلي أنها محاولة سرقة للنصف مليون جنيه بحوزته, فمد يمينه إلي جانبه محاولا أن يخرج سلاحه المرخص, ونظر إلي ابنه للمرة الثالثة وشعر بالقلق يأكله خوفا عليه وصرخ قائلا اختفي في الدواسة أسفل السيارة ولكن الجناة كانوا أسرع منه وأمطروه بوابل من الرصاص جعل جسده الهزيل ينتفض والطلقات تخترقه والدماء تنفجر من صدره ورأسه وكتفيه وشل تفكير أشرف بجواره ونفي عقله ما تراه عيناه والدماء تخرج من جسد أبيه بجواره تنسكب عليه وتتطاير النقاط علي وجهه وثيابه وحاول الخروج أو حماية جسد أبيه بصدره ليتلقي عنه الطلقات ولكن الملثمين عاجلوه برش رذاذ علي وجهه وشعر بذراعه يتراخي وأحد الملثمين يمد يديه ويخطف حقيبة الأموال من فوق قدميه وشعر أن السيارة تصعد إلي أعلي ببطء شديد ثم تميل إلي جانبها وتهبط به مسرعة إلي أسفل وغاب في سبات عميق. وبعد فترة شعر أشرف ببرود في يده وبلل ثيابه وأفاق فجأة ليجد ملابسه غارقة في دماء أبيه المائل بجسده عليه وكأنه يتلقي النيران عنه, وصرخ أشرف ملتاعا وانتبه إليه بعض المارة وقائدو السيارات بالطريق فجحظت عيناه وهو يصيح فيهم معاتبا عليهم عدم ظهورهم أو انتباههم لماحدث ومد يده يتحسس جسد والده الساخن المغطي بالدماء التي ملأت السيارة, ووضع أذنيه علي قلبه ينصت إلي أي دقة أو صوت له غير مصدق أنه فارق الحياة حتي جاء المسعف بعد اتصال أحد الواقفين به وأخبره بعد فحص المسن أن روحه ذهبت إلي بارئها. فردد كان يخشي أن يصيبني مكروه قبل إطلاق النيران عليه وحماني بجسده ثم اجهش بالبكاء هكذا سرد أشرف معوض تفاصيل قتل أبيه في سيارته أمام عينيه بالرصاص لسرقته أمام جاسر المغربي مدير نيابة حوادث شرق القاهرة الكلية والذي هدأ من روعه وعرض الواقعة علي محمد جمال رئيس نيابة شرق القاهرة الكلية الذي كلف الطب الشرعي بتشريح جثة المسن وطلب تحريات المباحث حول الواقعة وأخرج فوارغ الطلقات التي استقرت بجسد القتيل لمعرفة نوع السلاح المستخدم وعاد ليستمع من جديد إلي أشرف لتحديد أوصاف الجناة للوصول إليهم.