يمثل الموهوبون والمبتكرون والمخترعون ثروة قومية للمجتمعات المختلفة ولهذا نجد دول العالم المتقدمة تضع برامج خاصة لتنمية المواهب ورعاية الموهوبين خاصة من الأطفال والشباب,فتنمية هؤلاء المتميزين تمثل بناء لمستقبل الدولة. وتتسابق الدول الكبري في عمل المسابقات الدولية للشباب الصغار علي مستوي العالم لتكتشاف المواهب الكامنة, ومن خلال هذه المسابقات يختارون الأوائل المتميزين ويمنحونهم فرص التعلم مع إعطائهم مميزات عديدة تشجعهم علي البقاء في تلك الدول والدراسة بها ثم العمل في مراكزها البحثية وجامعاتها, وكل ذلك بالطبع يصب في مصلحة تلك الدول. ومع الأسف الشديد مازلنا حتي الآن في مصر بعيدين عن هذه القضية الخطيرة,ولم نلتفت لأهميتها ولم نعمل من أجل الاهتمام بالموهوبين ورعايتهم واحتضانهم أقول هذا بمناسبة أن جاءتني شابة طموحة في السادسة عشرة من عمرها وقد أنعم الله عليها بموهبة العلم وحبه, فهي تهتم بدراسات علم النانو تكنولوجي حتي أنها تمكنت من الدخول في مسابقة عالمية للشباب في هذا المجال من خلال دراسة بمقترح بحثي في هذا العلم المتقدم وقد صعدت من ضمن عشرين مقترحا علي مستوي العالم, حيث حددت المسابقة موعدا خلال شهر ديسمبر القادم لتقدم هؤلاء العشرين بنتائج دراساتهم, ولهذا توجهت هذه الشابة الموهوبة الي واحد من أكبر المراكز البحثية في مصر من أجل أن تقوم بإجراء بحثها العلمي تحت إشراف أساتذة وعلماء هذا المركز,إلا أنها فوجئت برد إدارة المركز الذي يفيد بأنه لايسمح لها بإجراء أبحاثها بنفسها ولكن يمكن أن تعطي الباحثين بالمركز فكرة بحثها وطريقة العمل المقترحة ثم يقومون هم بالعمل البحثي دون أن تشارك هي فيه, وهذا شيء مؤسف ومحبط لأي إنسان مبتكر أو مخترع,فالمطلوب أن نشجع هؤلاء ونساعدهم علي التفكير والعمل بأنفسهم مع مساندتهم والوقوف بجانبهم وتوجيههم التوجيه الصحيح حتي يصلون للنتائج التي يتطلعون اليها, وهكذا تكون الرعاية والاهتمام وتنمية الابتكار لا أن نأخذ أفكارهم ونحولهم لمشاهدين أو متفرجين أن مثل هذا التصرف البيروقراطي يقتل المواهب ويدفنها اننا في حاجة لإعادة النظر في الطريقة التي نتعامل بها مع هذه القضية المهمة ومن أجل هذا أصبح واجبا علي الإدارة المصرية أن تعمل علي وضع خطط علمية وبرامج لرعاية الموهوبين ولعل إنشاء جهاز أو إدارة لهذا الغرض تكون تابعة لوزارة التربية والتعليم أو الثقافة أو الشباب من شأنها أن تكون بمثابة نواة حقيقية لمشروع قومي لتنمية الأبتكار والاختراع الذي نحن في حاجة ماسة اليه,لابد أن تضع الدولة نصب أعينها أهمية تحويل مصر لدولة جاذبة وليست دولة طاردة أننا عانينا علي مدار ستين عاما من نزيف العقول فهاجر من مصر العديد من شبابها المتفوقين والتحقوا بالجامعات والمراكز البحثية العلمية في الدول المتقدمة ليقدموا دراساتهم وأبحاثهم التي تخدم كل يوم قضايا تلك البلاد ومنهم من يشارك في تعمير تلك الدول ومنهم من اكتشف الدواء ومنهم من طور الصناعة والزراعة وغيرهم ممن قدموا أعظم الاختراعات والاكتشافات العلمية التي ساعدت تلك الدول علي النمو والتقدم في الوقت الذي نعاني نحن أبناء مصر مشاكل اقتصادية واجتماعية وصحية عديدة. لقد آن الآوان لأن تضع الدولة المصرية برنامجا حقيقيا وفعليا لتشجيع الإبتكار ورعاية الموهوبين, لعل ذلك يكون السبيل بإذن الله لبناء مصر الحديثة التي تعتمد علي أفكار واختراعات وابتكارات أبنائها في المجالات المختلفة.