بالآية الكريمة انا كفيناك المستهزئين التي خاطب فيها الله سبحانه وتعالي نبيه الكريم أثلج صدر الكثير من المسلمين خاصة مع تداعيات الأزمة الأخيرة للفيلم المسيء للرسول صلي الله عليه وسلم والغضبة التي هبت من مختلف البلدان الإسلامية رافضة لهذه الاساءة ولكنها لم تكن غضبة سلمية حيث تجاوزت ذلك الي حد القتل والحرق فكان الخوف من المسلمين قبل غيرهم من العواقب, الأمر الذي يستدعي من أبناء الاسلام النظر في هذه الآية وغيرها من آيات الحماية للرسول الكريم فليست هذه هي المرة الأولي لمحاولات النيل والإساءة وبالتأكيد لن تكون الأخيرة في هذا المسلسل اللعين ويذكر التراث الإسلامي أنه من صور حماية الله لنبيه صلي الله عليه وسلم, وكفايته إياه استهزاء المستهزئين أن يصرف الشتيمة والذم والاستهزاء إلي غيره.. فإذا بالشاتم يريد ان يشتمه فيشتم غيره من حيث لا يشعر! قال صلي الله عليه وسلم: ألا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم, يشتمون مذمما, ويلعنون مذمما, وأنا محمد( البخاري), قال ابن حجر: كان الكفار من قريش من شدة كراهتهم في النبي صلي الله عليه وسلم لا يسمونه باسم الدال علي المدح, فيعدلون إلي ضده فيقولون: مذمم, وإذا ذكروه بسوء قالوا: فعل الله بمذمم, ومذمم ليس اسمه, ولا يعرف به, فكان الذي يقع منهم مصروفا إلي غيره.. ومن صور الحماية الربانية أن يغير الله السنن الكونية صيانة لنبيه صلي الله عليه وسلم ورعاية له. وشاهد ذلك قصة الشاة المسمومة, فهذه زينب بنت الحارث جاءت للنبي صلي الله عليه وسلم, بشاة مشوية دست فيها سما كثيرا, فلما لاك النبي صلي الله عليه وسلم منها مضغة لم يسغها, وقال: إن هذا العظم يخبرني أنه مسموم! ثم دعا باليهودية فاعترفت! ومن صور الكفاية الربانية لنبي الهدي صلي الله عليه وسلم ممن آذاه أن يقذف الله في قلب هذا المؤذي المعتدي الإسلام, فيؤوب ويتوب, حتي يكون الرسول صلي الله عليه وسلم!! أحب إليه من ماله ووالده ووالده والناس أجمعين ومن أعجب الأمثلة في ذلك قصة أبي سفيان بن الحارث أخو النبي صلي الله عليه وسلم من الرضاع, وكان يألف النبي صلي الله عليه وسلم أيام الصبا وكان له تربا, فلما بعث النبي صلي الله عليه وسلم عاداه أبو سفيان عداوة لم يعادها أحدا قط, وهجا رسول الله صلي الله عليه وسلم وهجا أصحابه.. ثم شاء الله أن يكفي رسوله صلي الله عليه وسلم لسان أبي سفيان وهجاءه, لا بإهلاكه وإنما بهدايته!! قال أبو سفيان عن نفسه: ثم إن الله ألقي في قلبي الإسلام, فسرت وزوجي ووالدي حتي نزلنا بالأبواء, فتنكرت وخرجت حتي صرت تلقاء وجه النبي صلي الله عليه وسلم, فلما ملأ عينيه مني أعرض عني بوجهه إلي الناحية الأخري, فتحولت إلي ناحية وجهه الأخري.. قالوا: فمازال أبو سفيان يتبعه, لاينزل منزلا إلا وهو علي بابه ومع ابني جعفر وهولا يكلمه, حتي قال أبو سفيان: والله ليأذن لي رسول الله أو لآخذن بيد ابني هذا حتي نموت عطشا أو جوعا, فلما بلغ ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم رق لهما فدخلا عليه فسبحان من حول العداوة الماحقة إلي حب وتذلل, وملازمة للباب طلبا للرضا!.. يقول الدكتور محمد الشحات أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة حلوان وعضو مجمع البحوث الإسلامية الآية الكريمة تقتضي منا كمسلمين أن تكون لدينا خطة واضحة ودائمة لدرء الشبهات عن ديننا ورسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه خاصة ونحن نعلم يقينا أن هناك من لا يعلم وهناك أيضا المتربص الذي يملك من الدعاية المضادة الكثير سواء للاسلام أو لرسوله عليه الصلاة والسلام, ومن هنا يجب العمل بجدية لتقديم شخصيته الكريمة بطريقة تصلح للعقل الغربي من خلال الوسائل والطرق التي يمكن التأثير بها بعيدا عن الأسلوب الوعظي لبيان شخصيته في المواقف المختلفة التي تبين مدي احترام الاسلام لقيم حقوق الانسان وحرية الفكر والمعتقد وغيره مع الحرص علي دورية ترجمة الكتب المؤكدة علي ذلك سواء عن سيرته أو رسالته للغات المختلفة. حول ما اذا كان هذا الامر يعد في نطاق دور الحكومات والمؤسسات الاسلامية بما يستدعي معرفة دور المسلك كفرد أكد الدكتور محمد الشحات أن هذا الدور يبدأ بالالتزام بتعاليم الدين لتكون منهج حياة ويصل إلي التركيز مع مواطني هذا البلدان الغربية المسلمين وخاصة ممن أعتنقوا الاسلام من هناك حيث يعدون أفضل الرسل لديننا أمام مواطني جنسهم مما يتطلب ضرورة التواصل معهم واجابتهم عن اسئلتهم وبيان صحيح الدين من خلال التعامل والمعاملة, مشيرا إلي أن الغضبة التي اجتاحت دول العالم الاسلامي غيرة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم لابد أن تراعي الخيط الرفيع بين تسجيل الغضب والادانة مما يستدعي ترشيد هذا الغضب لعدم وقوع المسلمين في الفخ المنصوب لهم من قبل المتربصين بدينهم والا يكون هناك تقصيرا في حق هذا الدين ويكفيهم من رسالات الله لهم آيات كريمة منها: ولقد استهزيء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون) ويطالب الدكتور محمد الشحات بضرورة التكاتف ما بين الحكومات والمواطنين والمؤسسات سواء من أزهر أو كنيسة مصرية لتوضيح موقفنا أمام الرأي العام العالمي لرفض ازدراء الأديان باعتباره جريمة ضد الانسانية ويعد انتهاكا لحقوق الانسان المسلم وتهديدا للأمن والسلم الدوليين.