جاء حادث المواطن الذي أشعل النار في نفسه أمام قصر الاتحادية ليعيد إلي أذهاننا حادث بو عزيزي الذي أشعل الثورة بتونس وتكرار الحادث بمصر حتي قامت ثورة25 يناير ولكن يختلف الحادث الأخير حيث جاء احتجاجا علي فصله من عمله بشركة كهرباء مصر الوسطي بأسيوط وبعد فشله في توصيل تظلماته وشكاواه المتعددة من قرار فصله لتأتي شكواه بمثابة النار التي احرقته. فأمام قصر عابدين تجد طابورا طويلا من المواطنين, يمتد أمام ديوان المظالم الذي يتوافد إليه أصحاب الشكاوي يوميا منذ السابعة صباحا وهناك تقابل مواطنين من مختلف الأحياء يتحملون حرارة الجو ليصلوا إلي الشباك ويقدموا شكواهم وأعرب طلعت عبد السلام أحد المتقدمين بشكواه للديوان عن استيائه من الديوان حيث إنه تقدم بشكواه ولم يصل إلي أي حل ولا يعرف مصير شكواه حتي الآن. أما مصطفي فتحي الرجل الستيني من منطقة عين شمس لم يلتفت للمسافة الذي يقطعها ليأتي يوميا للديوان ليعرف مصير شكواه وأكد أنه يوجد يوميا من الساعة السابعة صباحا ولكن لا يجد الرد. فهل محاولات الانتحار هي الحل لمشاكلنا؟ خبراء الطب النفسي وعلم الاجتماع أكدوا أن الانتحار ليس حلا لمشاكلنا حيث توضح الدكتورة سامية خضر استاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن الانتحار ليس حلا لمشاكلنا ومن استعراض أسباب الانتحار نجدها تكون من ضيق المعيشة وعدم القدرة علي حل المشكلات وعدم استجابة المسئولين لها ويلجأ الإنسان إلي هذه الوسيلة ليوصل صوته وأضافت أن عودة ديوان المظالم يأتي تطبيقا للنظم المتبعة في الدول الاخري بتخصيص مكتب للشكاوي يلجأ إليه المواطنون لبحث شكواهم ليشعر المواطن بأن هناك لغة تواصل بينه وبين المسئول. وتضيف أن المؤسسات الدينية عليها أن توضح مدي حرمانية الانتحار وأنه ليس حلا للمشاكل وأن نقدم النماذج الإيجابية للمواطنين وبث روح الأمل فيهم من جديد والبعد عن الوساطة والمحسوبية حتي لا يشعر المواطن بالظلم الذي يصل به إلي الانفجار مع أهمية المشاركة الشعبية وعدم حوار الطرشان ليشعر المواطن بأن شكواه يتم الاستماع لها. ويؤكد الدكتور عاطف فايد استاذ الطب النفسي أن محاولة الشاب الأخيرة بحرق نفسه أمام القصر الجمهوري يسمي بالانتحار التهديدي وهو ما بدأ يظهر بشكل كبير في مجتمعنا قبل الثورة بعد شعور الكثير من الشباب بدرجة كبيرة من الاحباط وعدم قدرتهم علي توصيل شكواهم للمسئولين لذلك لابد من التواصل بشكل مستمر مع مقدمي الشكاوي ليستعيد المواطن الثقة المفقودة في الحكومة. وحول ديوان المظالم ومدي قدرته علي تلبية مطالب المواطنين يوضح الناشط الحقوقي سعيد عبد الحافظ رئيس مؤسسة الملتقي والحوار أن ديوان المظالم ليس بالفكرة الجديدة علي مصر ويعد من الخطوات التي يجب أن يهتم بها الدكتور مرسي ليشعر المواطنون بجدوي شكواهم موضحا أن الديوان كان قائما بالفعل أيام الرئيس الراحل السادات وكان بمثابة الوسيط بين المواطن ومؤسسات الدولة ويجب أن يكون احياء هذا الديوان فعالا وليس مجرد ديكور علي أن تكون طريقة تقديم المواطنين لشكواهم بسهولة ودون معاناة. ويضيف عبد الحافظ أن الديوان يجب أن يبتعد عن الروتين والبيروقراطية ليشعر المواطنون بالفرق موضحا أنه مطبق بالعديد من الدول المتقدمة ويمكن من خلال محاسبة كل مسئول مهما كان منصبه في الحكومة لذلك يجب أن يكون ممثلوه من رجال القانون ودستوريين وحقوقيين وممثلين من المجتمع المدني وتحدد صلاحيات كل منهم. ويوضح صلاح سليمان رئيس مؤسسة النقيب لحقوق الانسان أن المواطنين يحتاجون لأن يشعروا أن شكواهم تصل إلي المسئولين ويبت بها بشكل سريع خاصة بعد أن ظلوا يعانون سنوات طويلة من عدم وصول شكواهم للمسئول وهو ما صعد من حدة الاضرابات والاحتجاجات بعد الثورة ومع عودة ديوان المظالم عاد إليهم الأمل من جديد لذلك يجب أن يتم ابلاغ أصحاب الشكاوي بجدول زمني محدد لحل مشاكلهم ومصير الشكاوي المقدمة لهم. وفي النهاية وجه الدكتور محمد عبد المنعم بري استاذ بجامعة الأزهر نصيحة للشباب علي أن يتحلي الشباب بالصبر علي قضاء حوائجه وما يواجهونه من عقبات لأن المؤمن هو من يثق بما قسم الله له من رزق وخير وعطاء وعلي المؤسسات الدينية أن تدعو إلي فتح باب الأمل للشباب وأن تدعوهم حتي لا ييأسوا من رحمة الله لأنه لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون.