* كيف نودع الشهر الكريم ونستقبل عيد الفطر؟ ** إن ما يثير العجب أن تجد بعض الناس في رمضان من الصائمين القائمين والمنفقين والمستغفرين والمطيعين لرب العالمين ثم ما أن ينتهي الشهر إلا وتجده للصلاة تاركا وللمعاصي مرتكبا وفاعلا, فيعصي الله جل وعلا بأنواع شتي من المعاصي والآثام مبتعدا عن طاعة الملك القدوس. إن بقاء المسلم ومثابرته علي العمل الصالح بعد رمضان علامة قبول له عند ربه الكريم فعلي المؤمن التقي النقي أن يخشي الله سبحانه وتعالي, ويحرص علي طاعة الله تعالي, ويلازم تقواه, ويسعي دائما وأبدا للخير والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فالمؤمن في هذه الحياة أيامه, ولياليه خزائن, فلينظر ماذا يودع فيها فإن أودع فيها خيرا شهد له يوم القيامة عند ربه, وإن غير ذلك كانت وبالا عليه. * ما حكم صيام الست من شوال؟ وهل هي واجبة؟ ** صيام ست من شوال بعد فريضة رمضان سنة مستحبة, وليست بواجب, ويشرع للمسلم صيام ستة أيام من شوال, وفي ذلك فضل عظيم وأجر كبير ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة, كما صح ذلك عن المصطفي صلي الله عليه وسلم كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: من صام رمضان واتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر, رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وقد فسر ذلك النبي صلي الله عليه وسلم بقوله: من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وفي رواية: جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنة النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب والترهيب124/1 ورواه ابن خزيمة بلفظ: صيام شهر رمضان بعشرة أمثالها وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة. وقد صرح الفقهاء من الحنابلة والشافعية: بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضا, وإلا فإن مضاعفة الأجر عموما ثابت حتي في صيام النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها. ثم إن من الفوائد المهمة لصيام ست من شوال تعويض النقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثر سلبا في صيامه ويوم القيامة يؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض, كما قال صلي الله عليه وسلم: إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا عز وجل لملائكته وهو أعلم: انظروا في صلاة عبدي اتمها أم نقصها, فإن كانت تامة كتبت تامة, وإن انتقص منها شيئا قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع, قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه, ثم تؤخذ الأعمال علي ذاكم رواه أبو داود, والله أعلم. * هل صيام القضاء يقدم علي صيام الأيام الستة البيض أم يكون صيام الأيام الستة أولا؟ ** المقرر شرعا أن من صام شهر رمضان إيمانا واحتسابا ثم أتبعه بصيام ستة من شوال كان كصيام الدهر رواه مسلم وعلي ذلك فصيام ستة أيام بعد العيد وهو اليوم التالي مباشرة مستحب وله ثواب عليه, بشرط أن يكون صومه لله إيمانا واحتسابا. أما إذا كان المسلم قد أفطر أياما في رمضان بعذر شرعي فيلزمه ما عليه في رمضان بعد يوم العيد, ويقدم صيام الفرض علي صيام السنة, وهي الأيام الستة البيض, فإذا كانت الأيام التي أفطرها المسلم كثيرة, ولا يتمكن من القضاء والتطوع الأيام الستة من شوال فله أن يصوم القضاء أولا ثم يصوم الستة أيام البيض, فإن بقي عليه قضاء من رمضان فليقضه بعد شوال لما رواه الدار قطني عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال في قضاء رمضان: إن شاء فرق, وإن شاء تابع. وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان ولم تكن تقضيه فورا عند قدرتها علي القضاء, وبناء علي ذلك فإن صوم الفرض مقدم علي صوم التطوع إذا كان شهر شوال يفي بالقضاء وصيام التطوع, وهذا ما نميل للأخذ به.. انتهي كلام الدكتور نصر فريد والله اعلم يمكن لمن عليه قضاء من رمضان أن يصوم الستة من شوال بنية القضاء, فتكفي عن القضاء, ويحصل له ثواب الستة البيض في الوقت نفسه, إذا قصد ذلك. * هل يظل الانفاق علي بيت الزوجية مسئولية الزوج وحده؟ ** الزواج في الإسلام له مكانته الرفيعة, فيه تتكون الأسر التي هي نواة المجتمع, وسبيل استقراره, ولقد جعله الله تعالي من نعمه علي البشر وعده من آياته فيه, لأنه يحقق السكن والمودة والرحمة بين الزوجين, مصداقا لقوله تعالي في الآية12 من سورة الروم: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون فالزواج في الإسلام عقد ميثاق غليظ بين الزوجين يرتبطان به ارتباطا مقدسا ويندمج كل منهما في الآخر لقوله تعالي: هن لباس لكم وأنتم لباس لهن البقرة:781 وتحقيقا لأهداف الزواج من السكن والمودة والرحمة وإنجاب الذرية الصالحة التي تنفع دينها ووطنها فإن الشريعة الاسلامية قد أمرت بحسن العشرة بين الزوجين, وبينت حقوق كل منهما فوجب علي كل من الزوجين أن يتقي الله في الآخر لقوله تعالي: وعاشروهن بالمعروف النساء:91 وقوله صلي الله عليه وسلم: اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم, فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. والشريعة الإسلامية قررت أن من حق الزوجة علي زوجها النفقة المقدرة شرعا, وهي كل ما تحتاج إليه الزوجة للمعيشة من طعام وكسوة ومسكن وخدمة, وما يلزمها من فرش وغطاء وسائر أدوات البيت حسب المتعارف عليه بين المسلمين حتي, ولو كانت الزوجة غنية بمالها. وحول سبب وجوب النفقة علي الزوج قال المفتي: إن السبب في ذلك أنه من المقرر شرعا أن الزوجة لا يجوز لها الخروج من منزل الزوجية, والعمل بأي وظيفة إلا بأذن زوجها حتي لو كان هذا العمل ضروريا للغير, وهذا يكون بمقتضي حق القوامة وواجب الانفاق اللذين خصهما الله بالزواج في قوله تعالي: الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض, وبما أنفقوا من أموالهم النساء:.43 ويحق للزوج أن يمنع زوجته من الخروج, لأن الخروج إضرار به, فهي محبوسة لحقه شرعا, وحق الزوج مقدم علي فرض الكفاية, ولا تتطوع للصلاة أو الصوم بغير إذنه, وله أن يمنعها من الأعمال المقتضية للكسب لأنها مستغنية لوجوب كفايتها عليه. * وما الحكم إذا تزوجها الزوج وهي تعمل؟ هل عليه أن يمنعها من الخروج للعمل؟ ** إذا تزوجها وهي تعمل أو رضي بعملها بعد الزواج واشترطت عليه أن تعمل, فلا يجوز له أن يمنعها من العمل المباح شرعا, والذي لا يضر بالأسرة في مجموعها, فالشريعة الإسلامية أوجبت الوفاء بالوعود والعهود والشروط لقوله تعالي: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا الإسراء:43, وقوله تعالي: يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود المائدة:1 وقوله صلي الله عليه وسلم المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا وقول عمر رضي الله عنه مقاطع الحقوق عند الشروط فقد نهانا الرسول صلي الله عليه وسلم عن إخلاف الوعد, وجعل ذلك علامة علي النفاق في قوله صلي الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا أؤتمن خان وعلي ذلك, فالزوج والزوجة عليهما تنفيذ الاتفاق المتفق عليه الذي تم بينهما قبل انعقاد الزواج لأن الوفاء بما تم الاتفاق عليه واجب شرعا مادام في حدود الشرع.