تسلل الزوج يتحسس بخطواته الأرض في هدوء وفتح باب الشقة وانقبض قلبه وهو يري ظلا يظهر خلفه ليفاجأ بزوجته تصرخ ألست من شحم ولحم كيف تتركني حتي الفجر وحدي أظلمت الدنيا في عيني عبده وشعر أن زوجته لاتصرخ في وجهه. وإنما تطلق ثعابين من فمها تلتف حوله وتعتصر الهواء بجسده وأحس بالاختناق فأطرق برأسه وقفز الخطوات الباقية حتي وصل الي حجرة الصالون وأسرع مغلقا بابها وجر خلفه كرسي الصالون الكبير وجلس أرضا وزوجته تدك الباب بيديها وقدميها وصرخاتها تخترق الجدران تطالبه أن يخرج ويحدثها. ولكنه كان يجلس أرضا مغمضا عينيه غير مكترث لخبطات الباب محدثا نفسه ليست هذه من كنت أعد خطواتي أثناء ذهابي لها في بيت أبيها أحلم معها بألوان الهناء أذوب كلما تذكرت نظراتها, ليست هذه من عشت شهورا أتمني الفوز بها وحدي, كيف رددت علي مسامعي كلمات الغزل والحب والهيام, هل كانت تدعي الوداد لغرض لا أعرفه, وحاصرت الأسئلة السوداء عبده وأخذ يعنف ذاته ويلوم نفسه علي حبه الكبير غير المحدود لجميلة الجميلات كما كان يسميها. وتناهي إلي سمعه سباب زوجته فهاجت نفسه وشعر أنه يجب أن يثأر لكرامته, فانتفض واقفا فاتحا الباب وانهال علي زوجته بالسباب والضرب, وسط صرخات الزوجة التي فوجئت به يتوقف فجأة راميا عليها اليمين الأخير للطلاق. وسط ذهولها, وتركها وفتح باب الشقة من جديد عائدا ادراجه إلي الشارع, شعرت الزوجة بموجة كهربية تسري في جسدها وجف حلقها وفقدت القدرة علي الكلام وعادت تدق بقوة علي أذنيها كلمات الحب والعواطف الجياشة التي برع فيها عبده, واصراره الأخير واعتذاراته المتكررة علي عدم الافراط في انفعاله والبعد عن يمين الطلاق, وعدم ذكره علي لسانه تحت أي سبب وشعرت الزوجة أن قدميها لاتقويان علي حملها فارتمت بجسدها علي أقرب كرسي وأمسكت بهاتفها وخاطبت أهلها بأن زوجها طلقها الطلقة الأخيرة. أما عبده فكان الناس ينظرون إليه وهو يكلم نفسه وينظرون له يهزون رءوسهم في تعجب, كان صوته واضحا وهو يقول ما المشكلة في سهري خارج المنزل مع أصدقائي هل بالفعل جمال زوجتي نقمة.. وتواردت الخواطر السوداء علي رأسه وقادته قدماه إلي المقهي بشارع الشيخ ريحان بعابدين وهدأت نفسه وهو يرتشف كوب الليمون الذي تفوح منه رائحة النعناع الأخضر, وغلبته دموعه علي حبه الذي ضاع وعدم قدرته علي السيطرة علي انفعالاته وإلقائه يمين الطلاق الثالثة علي حبيبته ولكن سبق السيف العزل وتم الطلاق بهدوء وعادت الزوجة لبيت أهلها, وبدأت النكبات تهبط فوق رأس عبده الذي كان يحدث حوائط المنزل ويشتمها مؤكدا لعينيه أن زوجته كانت تقف أو تستند هنا أو هناك وشحب لونه, ورق لحاله أقاربه وجيرانه ودعوه أن ينساها ويتزوج بغيرها دون جدوي. وزاد الامر سوءا بمجرد علمه أن طليقته فاز بها ترزي يصغره بتسع سنوات وبدأ يسأل ويتحري عن حبيبته السابقة حتي علم بمكان سكنها مع زوجها الجديد, وردعه أقاربه ونصحوه أن يبتعد عن طريق طليقته لكنه قاطعهم وغضب منهم, ولم يستمع إليهم وعزم في نهاية الأمر علي زيارة طليقته لمساومة زوجها الجديد علي تطليقها بأي مقابل يراه. فغر أحمد الزوج الجديد فاهه غير مصدق وهو يستقبل عبده بمنزله وأدرك أنه يقف أمام مجنون, ولكن عبده كان يتحدث بكل كيانه, والشر يخرج من عينيه وتدخلت أم الزوج الجديد وشقيقه اللذان كانا في زيارة له قبيل الافطار بربع ساعة. ولكنه لم يكترث لكلامهما وأعاد طلبه وسط العيون الجاحظة المنكرة عليه قوله, مؤكدا أنه يحب زوجته وبدونها سيموت, واحتدمت المناقشة بينهم واتهم ثلاثتهم عبده بأنه مخالف للشرع والدين وأن زوجته كانت بين يديه وقام بتطليقها, وانتهي الأمر, ولكن عبده فاجأهم بأن استل من جانبه سكينا كبيرا وانهال علي الجميع بالطعنات الغادرة والتفت للزوج يكيل له طعنات يملأها الحسد والحقد لفوزه بقلب طليقته وكان نصيبه15 طعنة وحده لتعلن روحه فراقها لجسده وسط صرخات الزوجة التي كانت عند الجيران تقترض منهم بعض الأطباق لزوم الافطار والعزومة وكان المقدم وائل الشموتي رئيس مباحث قسم عابدين قد تلقي بلاغا بنشوب مشاجرة ومتوفي فتم اخطار اللواء أسامة الصغير مدير أمن القاهرة وبالانتقل والفحص تبين أنها بين أحمد21 سنة ترزي وبين عبده30 سنة حداد طليق زوجة الأول بسبب خلافات عائلية وطلب المتهم من المجني عليه تطليق زوجته ليعيدها إلي عصمته قام علي إثرها الثاني بالتعدي علي الأول بسلاح ابيض محدثا إصابته التي أودت بحياته ثم قام بطعن والدة المجني عليه وشقيقه تم ضبط المتهم والسلاح المستخدم وبمواجهته اعترف بارتكابه الواقعه, فتم تحرير محضر واحالته للنيابة, التي أمرت بحبسه علي ذمة التحقيق.