مرة أخري يفشل الاعلام المصري في مجمله في التعامل مع الحدث التاريخي المتمثل في انتخاب أول رئيس مدني لمصر بإرادة شعبية حرة بعد ثورة يناير, وفي الوقت الذي تأتي فيه ردود الفعل العالمية والإقليمية بعبارات واضحة ومحددة وقاطعة تشيد بالتجربة الديمقراطية المصرية وتتوقف كثيرا أمام معان مهمة لا يمكن التغافل عنها ومنها تلك الثقة الهائلة التي اكتسبها القضاء المصري الشامخ في موقعة بالغة الصعوبة وحظي بشهادة الجميع بلا استثناء وليضيف صفحة ناصعة إلي تاريخه المشرف, كذلك ما أثبتته التجربة من حيادية القائمين علي إدارة شئون البلاد وهو المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي التزم بما تعهد به من أنه يقف علي مسافة واحدة من المرشحين, ولا ننسي أن النسبة الضئيلة الفاصلة في النتيجة تشير إلي دخول مصر نادي الدول الديمقراطية العريقة التي لا مجال فيها للأغلبية الكاسحة مما انتزع اعترافا إسرائيليا علي لسان نتنياهو بأنه يقف احتراما أمام اختيار الشعب المصري. كل هذه المعاني غابت عن إعلامنا المحلي الذي ركز كعادته علي الأنماط التقليدية المملة التي يكررها في كل مناسبة دون حمرة خجل أو محاولة للإبداع ولو علي استحياء, قنوات التليفزيون تعرض ما يطلبه المواطن من الرئيس كما فعلت مع ما يطلبه المواطن من النواب الجدد وقت الإنتخابات البرلمانية وكما ستفعل في رمضان وفي الأعياد وفي مباريات كرة القدم لمجرد إثبات الحالة وتغطية المساحة المطلوبة كذلك تمتلئ البرامج بنواب وقيادات حزب الحرية والعدالة الذين يتحدثون عن الحدث من مختلف الجوانب وقد فات علي الجميع أننا إزاء حدث تاريخي يتجاوز المفهوم الحزبي وإنما يتعلق بشعب مصر بكافة اتجاهاته. كنا نتمني أن نسارع بإظهار المعاني الاقتصادية المهمة لحركة البورصة المصرية التي حققت في يوم واحد أكبر مكاسب في تاريخها علي الإطلاق في إشارة لا تخطئها الأعين علي أن الحياة والنشاط والحيوية قد بدأت تعود إلي شرايين الاقتصاد الوطني, وكنا نتمني التوقف طويلا أمام بيان صندوق النقد الدولي الذي أكد امتلاك مصر طاقات إقتصادية هائلة مبديا استعداده الكامل التعاون معها, فضلا عن مواقف مماثلة من الإتحاد الأوروبي ومن العواصم العالمية الصانعة للقرار الدولي. إنه الحدث المصري التاريخي الذي عجز إعلامنا عن اللحاق به حتي الآن!