بداية.. لا أحسب نفسي ممن يدعون العلم ببواطن الأمور ولا من الذين يزايدون في اسواق الإثارة والجدل, ولكنني اكتب بكل الثقة والتفاؤل, أما الثقة فهي المحصلة الطبيعية لمسيرة تاريخية لقائد استطاع ان يعبر بمصر أشد واقسي الصعاب والتحديات, في حين يأتي التفاؤل من وعي المواطن الذي يميز بحسة الوطني الضاربة جذوره في اعماق التاريخ بضرورة التفرغ للقضايا الجادة التي تبني حاضره ومستقبله بعيدا عن المزايدات والصفقات الهادفة إلي اضعاف دور الدولة سعيا وطمعا في بطولات وهمية وزعامات ورقية وضوئية سواء علي الصفحات أو من خلال الشاشات الفضائية.. وتقودنا الثقة في الرؤية الثاقبة للرئيس مبارك والتي اثبتتها الاحداث كل الاحداث داخليا وخارجيا إلي القول بأن الانحياز الواضح والمعلن في توجيهات وتعليمات وخطابات الرئيس للمواطن البسيط بات من المبادئ الأساسية التي تحكم أجندة العمل الوطني, بل ويأتي في المرتبة الاولي والاولوية المطلقة وذلك لإعتبارات موضوعية تحمليها تجربة السنوات الماضية والحافلة بالعطاء والانجاز والتي تجعل من العلاقة المباشرة بين الرئيس مبارك وجموع الجماهير شديدة الخصوصية ولا تحتاج إلي وسطاء من أي نوع, وتكفي لمحات سريعة لعدد من الملفات والقضايا المهمة لتأكيد سرعة تدخل الرئيس لحسم الامور خاصة اذا كانت تتعلق بالتكليفات المحددة الخاصة بتوفير الاحتياجات والخدمات التي يستحقها المواطن البسيط في عصر مبارك. وعلينا الاقرار بأن العلاقة بين مبارك والمواطن البسيط قد تستعصي علي الفهم الصحيح لدي البعض, ويعود ذلك إلي انغلاق هذا البعض علي انفسهم وابتعادهم اصلا عن الشارع وبالتالي يصدر حكمهم نتيجة تجاربهم الذاتية التي جاءت اصلا من مصادر وتجارب خارج البيئة المصرية ولا تصلح لها. وعلينا الاقرار ايضا بان هذا البعض قد امتلك ادوات الصوت العالي والتأثير الاعلامي في وقت تزامن مع الحملات الخارجية التي استهدفت التأثير والضغط علي الدور المصري سواء بالترغيب اوالترهيب, ولا ينبغي علي الاطلاق التقليل من حجم التحديات التي انطوت عليها تلك المرحلة حين امتلأت سماء المنطقة بالسحب السوداء وغابت الرؤية عن الكثيرين وراهنوا علي أن الاستقواء بالخارج هوالطريق الاسرع نحو اختطاف مصر ليكون في الامكان تكرار بعض التجارب الماثلة امام الاعين ولكنهم نسوا وتناسوا ان لمصر والمصريين حساسية فائقة ضد هذا الاستقواء ايا كان نوعه وايا كانت مصادره. وبصراحة كاملة تتيحها مساحات الحرية الواسعة التي كان هذا البعض اول المستفيدين منها نقول انه في الوقت الذي بادرت فيه بعض الاقلام الوطنية والوجوه الشريفة للتصدي لتلك الهجمة الشرسة التي استهدفت اثارة البلبلة والفتنة والجدل فإن المواطن البسيط يظل صاحب البطولة الحقيقية لنزع اسلحة الباطل من ايدي اصحابها واجبارهم علي الكمون والمراجعة بعد انصرافه وعزوفه عن اسطواناتهم المملة والمزيفة التي حاولت تصوير مصر علي انها صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء وان المشاريع العملاقة والمدن الجديدة والاستثمارات المتدفقة كلها كانت في بلد آخر ولانراها بالعين المجردة. لقد اجهض المواطن البسيط وليس غيره دعاوي الباطل ومحاولات الدس بين ابناء الوطن الواحد, واجبر اصحاب الاجندات المستوردة علي التراجع إلي جحورهم مرة أخري. وهكذا انتصر الرهان الصحيح للرئيس مبارك علي أن وعي ووطنية المواطن البسيط هما اساس التصدي لاي محاولة للنيل من امن واستقرار مصر, ولذلك جاءت تأكيداته المتتالية للحكومة ولبقية اجهزة الدولة بالاسراع في تنفيذ برنامجه الانتخابي الطموح باعتباره الحق الاصيل لهذا المواطن والرد العملي علي الذين ارادوا صرف الانتباه عن التنمية والبناء. ومن هنا نستطيع ان نفهم حرص الرئيس علي استدعاء مجلس الوزراء بكامل هيئته واصداره تعليمات فورية بصدد اوليات المرحلة المقبلة التي لم تعد تحتمل وجود مسئول ايا كان موقعه يتغافل او يتقاعس عن مهامة ودورة. وبنفس الصراحة نقول ان القضية هي اكبر واكثر عمقا من محاولة اختزالها وتلخيصها في شائعات التغيير والتعديل الوزاري الذي يتداوله البعض, والقراءة الدقيقة لنهج مبارك تشير إلي معدلات الاداء وحدها, والارقام الصحيحة لاغيرها هي التي تحكم مثل هذه الامور, ولم تكن قط القضية هي تغيير اشخاص واسماء لمجرد التغيير والتعديل. وبصورة اخري ومن خلال المتابعة من مقاعد المواطنين نستطيع تأكيد أن الحساب القادم سيكون صعبا وعسيرا علي كل المسئولين في كل مواقعهم, ليس للوزراء والمحافظين وحدهم, وانما في كل المواقع التنفيذية التي يجب عليها النزول إلي الجماهير والتعرف علي احتياجاتهم الفورية واصدار القرارات اللازمة لمعالجة المشاكل اليومية دون انتظار تعليمات فوقية.. والقراءة الدقيقة لنهج مبارك تشير ايضا إلي ان هذا التغيير أو التعديل الوزاري وارد حتما في اية لحظة تفرضها معطيات الاداء الفعلي علي ارض الواقع وليس بالاداء الشكلي والاعلامي.. واذا كان صحيحا اننا في الكثير من المحطات الرئيسية في تجربة العمل الوطني قد استخدمنا كلمات مماثلة عن المرحلة التاريخية والمهمة والفاصلة وكلها كان لها نصيب منها في ضوء حجم التحديات الداخلية والخارجية المفروضة علي مصر, الا ان المرحلة القادمة تكتسب بالفعل اهميتها الخاصة بالنظر إلي استحقاقات عاجلة علي كل المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لاتحتمل التأجيل.. ولذلك فإن العودة إلي القضايا الجادة لم تعد فقط مطلبا ملحا لاستكمال انجازات قد بدأت وينبغي اتمامها علي الوجه الاكمل وانما باتت مطلبا جماهيريا استشعره الرئيس مبارك. لم يعد ممكنا ونحن علي ابواب انتخابات مجلس الشعب ان تأتي الممارسة السياسية بعيدة عن الشرعية الدستورية وبما يتفق مع الخطواط الملموسة علي طريق ترسيخ اجواء الديمقراطية التي ترفض تماما الفوضي والانفلات.. ولم يعد مقبولا باستمرار بقايا فلول قوي الفوضي والاثارة في استفزاز المشاعر المصرية وهي تحاول الهدم لاية رموز وانجازات حققتها مصر ليس فقط في عصر مبارك وانما في كل العصور السابقة ولم يسلم منها عبدالناصر والسادات والثورة وغيرها من احداث تاريخنا الوطني. ولم يعد مقبولا ان تنحصر العناوين الرئيسية للصحف والبرامج في الحديث عن اشخاص ووقائع تدور حولهم في الوقت الذي تعيش فيه مصر دولة المؤسسات والاحزاب والبرلمان القوي الذي يمارس مهامه التشريعية وتدور تحت قبته المساجلات العنيفة التي تبرز مساحة الحرية والديمقراطية الراهنة... لم يعد مقبولا ان يتم تجاهل كل هذه الخطوات والمؤسسات ليكون توجيه الوطن وقضاياه من خلال البرامج والوجوه اللامعة التي تري في نفسها معجزة العصر والأوان. ولم يعد مقبولا أن تنسي مصر تجربتها الاقتصادية الفريدة التي سبقت لها الكثير من البلدان واستحقت الاشادة من الهيئات والمؤسسات الدولية, واصبح لزاما عليها استكمال العمل علي جذب المزيد من الاستثمارات اللازمة لاقامة مشروعات جديدة تستوعب المزيد من الايدي العاملة,وهوامر يتطلب اعادة القيم المشجعة علي العمل والعطاء وفق متطلبات السوق وعدم التكاسل والاكتفاء بالاعتصامات والاضرابات بتحريض من قوي الفتنة والاثارة والفوضي.. ولم يعد ممكنا تجاهل قضايا الزيادة السكانية التي تلتهم ثمار التنمية, واهمية الخروج من الوادي الضيق إلي ربوع مصر وصحرائها الواسعة, وتطوير وتحديث التعليم والصحة والبنية التحتية وتوفير الاموال الهائلة التي يجب انفاقها علي مشروعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي وغيرها وتلك الاموال لن تأتي من الشاشات والصفحات وانما بالعمل الدءوب الذي يتواصل ليلا ونهارا.. ان مصر الكبيرة القادرة والواثقة تمضي في مسيرتها ونحن علي يقين بأن الرئيس مبارك لن يرضي باقل مما وعد به من اجل الحاضر والمستقبل الذي نستحقه. ولذلك فان الايام القادمة سوف تحمل علامات جديدة تدق ناقوس الانتباه واليقظة وتطوي صفحات التراخي والغفلة.. وعلي هذا الاساس, فالساحة جاهزة, وليتنافس المتنافسون.