بات للقضية الفلسطينية مواسم في كل عام تستعد لها وسائل الإعلام, منها القمة العربية التي تناقش كل عام دون ملل حل القضية الفلسطينية, وعند حدوث اعتداءات إسرائيلية حيث نتذكر الدولة التي تتآكل, وذكري النكبة هي إحدي المناسبات المتعددة التي يستحضر فيها العرب آلامهم وإخفاقاتهم, ومع مرور السنين تراجع الإحساس بعظم المصيبة, وبات التعامل مع يوم النكبة كيوم احتفالي, نتذكر فيه مآسي الشعب الفلسطيني, وباتت هناك قائمة ثابتة لدي وسائل الإعلام العربية المختلفة تدور حول العناصر التالية: ماذا حدث في حرب48 ؟ أوضاع اللاجئين ومخيماتهم, ماذا قدمت الدولة صاحبة وسيلة الإعلام من تضحيات من أجل قضية العرب؟, كيف أفسد وأضاع الآخرون القضية بسياستهم. وتحل ذكري النكبة منتصف مايو المقبل, وقد انفردت إسرائيل بالساحة, ويتعاون معها الفرقاء الفلسطينيون بفرقتهم في تنفيذ هذا الانفراد, وإذا ما نظرنا إلي نقاط الخلاف الفلسطيني القائمة حاليا سنجدها تتركز حول النزاع علي السلطة والقوة, وهي سلطة وقوة في دولة لم توجد بعد, ويبدو أنهم يسهمون دون أن يدروا في ألا توجد أبدا. الحال انتهت في فلسطين, بل فيما تبقي من أرض فلسطينية, بحالة من تكريس الانقسام, قطاع تسيطر عليه حماس نسبيا, ولن تصل إلي مستوي قوة أعلي تمكنها من السيطرة الكاملة أو امتلاك قوة تمكنها من السيطرة الكاملة أو امتلاك قوة تمكنها من الخروج خارج حدود القطاع, وجزء تسيطر عليه فتح التي تمتلك قوة نسبية في الضفة تنازعها فيها قوي أخري, وهي أيضا قوة لن تمكنها من فرض السيطرة الكاملة علي الضفة, أو التجاوز إلي خارج حدودها, وهي أيضا قوة لن تمكنها من الحضور ولا السيطرة, في قطاع غزة, وهكذا باتت المعادلة وجود فصيلين يسيطران في حدود, كل علي جزء من الأرض المتبقية للتفاوض دون أن ينازع الطرف الآخر سلطته أو قوته في منطقة ما يعتبره منطقة سيطرته, وهذا يعني في النهاية مجرد سلطة مقسمة ومنقوصة علي أجزاء من وطن لا يريد لها العدو أن تتوحد, ويبدو الأمر وكأن أصحاب الشأن لا يريدون هم أيضا إلا أن يمتلكوا قوة حتي لو كانت منقوصة. ستحل ذكري النكبة هذا العام والأمر يبدو وكأنه استمرار لحالة البكائيات, ليس فقط علي ما مضي, ولكن علي أيام أخري صعبة يدفع فيها أصحاب القضية أنفسهم, أو قياداتهم, إلي جعل حلم الدولة يتآكل مع مر الأيام.