نشأ محمد وسط أسرة متوسطة الحال لأب يكدح من أجل توفير لقمة العيش لابنائه الستة وأم ليس لها هدف سوي رعاية أطفالها حتي تراهم في أرقي الدرجات الوظيفية. كي تفتخر بهم بين شقيقاتها اللاتي كن يتعالين عليها بتعليم ابنائهن وفشل ابناؤها ماعدا محمد الذي كانت تدفعه لتحصيل العلم والتفوق حتي تكون مرفوعة الرأس أمام أسرتها وكان عند حسن ظنها وسرعان ما شب وحصل علي الثانوية العامة لتتملكه الحيرة في الاختيار وسأل نفسه أي الكليات سوف تحقق له حلمه وأمل أسرته التي لم يعد لها هدف غيره كي يعوضها سنوات الحرمان والشقاء وظل يتداول مع أسرته بشأن اختيار الكلية حتي استقروا جميعا علي الحقوق طمعا في أن يواصل دراسته بتفوق ويتم تعيينه في سلك القضاء أو في الجامعة كمعيد لكن أيا من الهدفين لم يتحقق والتحق محمد فور تخرجه بمكتب محاماة للتدريب فيه علي كيفية اقامة الدعاوي واتمام إجراءات التقاضي بين الخصوم وأسلوب الفهلوة مع موظفي المحاكم والنيابات من أمناء السر والكتبة للحصول علي نسخ من القضايا والأحكام وبعد فترة قليلة من التمرس علي عمل المحاماة تمكن محمد من الالمام بكواليس المهنة ليلمع نجمه وسط أقرانه بمنطقة العمرانية وزادت شهرته حتي ذاع صيته وبدلا من الوقوف إلي جانب المظلوم والدفاع عنه وقبول القضايا البسيطة من المنازعات والطلاق أصدر تعليماته للعاملين بمكتبه الضخم الذي اختار مقره بأحد الأبراج المطلة علي الشارع الرئيسي بمنطقة سكنه بالعمرانية بعدم قبول هذه القضايا التي لا تدر عليه سوي مصاريف ينفقها في سهرة من سهراته وقرر عدم قبول دعاوي غير الطعن علي أحكام الادانة في قضايا البناء ومخالفاته واضعا تسعيرة لا تقل عن20 ألف جنيه, يدفعها صاحب العقار المخالف والصادر ضده حكم بالادانة وليس أمامه إلا الطعن للحصول علي البراءة.. ولكن كيف.. وأين...؟ ومتي...؟ بعد أول جلسة من الطعن علي هذه الأحكام ذاع صيته كمحام مخضرم متخصص في هذه النوعية بما لديه من خبرة وأساليب أخري لا يعلمها غيره الأمر الذي دفع الكثيرين من أصحاب العقارات المخالفة وما أكثرهم خاصة بعد أحداث ثورة25 يناير للجوء لكلمة السر وهي محامي العمرانية وبمجرد دفع التسعيرة يكون المقاول قد ضمن البراءة لم يقتنع محمد بالحصول علي البراءة بأساليب تلوي عنق الحقيقة مرة ومرتين ورغم تكوين ثروة طائلة في أشهر معدودة لكنه ترك نفسه للشيطان يعلمه في البداية ثم جلس الشيطان تحت أقدامه يتعلم منه فنون التدليس والتزوير والكذب لتغيير الباطل إلي حق لتفوح رائحة فساده في ارجاء منطقته وتزكم أنوف رجال مباحث الأموال العامة الذين وجدوا أن كل قضية صادر فيها حكم بالادانة يحصل فيها بكل سهولة ويسر ومن الجلسة الأولي في الطعن عليها علي حكم بالبراءة وبإجراء التحريات تبين أن المتهم يستعين ببعض العاملين بمكتبه وبعض أمناء سر الدوائر المنوط بها نظر تلك الطعون لإلغاء أحكام الادانة بمقابل مغر مقابل تسهيل الحصول علي أحكام البراءة لموكليه وبارسال أوراق بعض القضايا التي حصل فيها علي أحكام بالبراءة لخبراء التزوير والتزييف تبين أن التراخيص التي يقدمها للحصول علي البراءة فيما صدر بشأنها من احكام ادانة مزورة وبالقبض علي المحامي المتهم وبمواجهته أنكر ما نسب إليه وبمواجهته بما ورد في تقرير خبراء التزييف لم يستطع انكار قيامه بتزوير تراخيص بناء للحصول لأصحابها علي أحكام بالبراءة بمجرد قيامه بالطعن عليها أمام الدائرة المختصة وباحالته لمحكمة الجنايات بالجيزة قضت بمعاقبته بالسجن50 سنة في خمس قضايا حيث قضت بسجنه10 سنوات في كل قضية. صدر الحكم برئاسة المستشار فريد نصر وعضوية المستشارين سمير رزق وعبدالحميد هارون