ورحلت الوردة المصرية الجزائرية مصرية الفن جزائرية الأصل, رحلت بعد مقاومة مع المرض أكثر من عشر سنوات ومع ذلك كانت متمسكة بوجودها في الساحة الفنية, عاشقة لفنها موجودة مع الجيل الجديد. عرفت الفتاة وردة أو الأصح سمعتها في احتفال في دمشق أيام الوحدة المصرية السورية في أواخر عام1958 وكان الاحتفال بمقر القوات المسلحة وكان في حفل العشاء وكان موقعي بجوار المطرب الكبير وديع الصافي وسمعت المذيع يقول: نستمع الآن لأغنية يا ظالمني من الفتاة وردة وسمعنا الاسطوانة وأعجبتنا جميعا وقال لي وديع الصافي: ستكون هذه الفتاة عندكم في مصر قريبا. حتي هذه اللحظة لا أعرف شكلها ولكن أعجبني صوتها. وبعد أقل من سنة وفي إحدي حفلات الإذاعة المصرية قدمت المطربة وردة الجزائرية في لحن أغنية( لعبة الأيام) رياض السنباطي ولحن أغنية( جميلة بوحريد) للملحن اللبناني محسن محمد وعرفت مصر المطربة الوافدة وأخذت مكانتها في بستان الغناء المصري وأصبحت أخبارها تحتل الصدارة في الأخبار الفنية. وقامت ببطولة فيلم( ألمظ وعبد الحامولي) مع المطرب عادل مأمون, كل هذا ولم أقابلها أو أتكلم معها. ولأسباب لا أعرف حقيقتها وحتي لا داعي لذكرها سافرت وردة إلي الجزائر وتزوجت وانقطعت صلتها بالغناء حسب طلب زوجها العسكري ووكيل وزارة الاقتصاد. وفي شهر سبتمبر سنة1972 طلب مني صديقي وزميلي عازف الكمان الأول محمد مصطفي أن أذهب معه إلي الملحق الثقافي بسفارة الجزائر وذهبنا وأخطرني الملحق بأن الجزائر ستقيم احتفالات في شهر نوفمبر بمناسبة مرور عشر سنوات علي نجاح الثورة الجزائرية وقال ان الرئيس هواري بومدين يدعو كل من شاركوا بالغناء للوجود في الاحتفالات وكلفني الملحق بأن اتصل بالاستاذ رياض السنباطي والسفر معه إلي الجزائر لعمل أغنية مع المطربة وردة واعتذر الاستاذ رياض عن السفر وطلب حضورها للقاهرة ولما كان هذا مستحيلا لأن زوجها لا يسمح لها بالعمل الغنائي وسمح لها فقط بالغناء في حفل العيد العاشر وتحقيق رغبة الرئيس الجزائري هواري بومدين وطلب مني الملحق ترشيح ملحن للسفر فوقع الاختيار علي الملحن بليغ حمدي. وسافرت أنا وبليغ وتعرفنا بالمسئولين وطلباتهم للاحتفال وعرفت في هذا اللقاء الاستاذ أمين بشيش وكان مسئولا اذاعيا وأصبح بعد ذلك سفيرا للجزائر في مصر ثم وزيرا للاعلام وتم اللقاء مع وردة في منزل أخيها مسعود وكانت أول مرة أصافح وردة وتكررت اللقاءات وبدأنا عمل البروفات لحفل الافتتاح والذي ستغني فيه وردة وتعرفت وردة علي الموسيقيين وأعجبت بهم وخصوصا بعازف الأورج عمار الشريعي وقالت: نفسي أشتغل معاكم وأرجع تاني وكنا نعرف انها لن تشتغل غير هذه الحفلة ولكن أثناء عمل البروفات قامت بدعوة للعشاء في منزل أخيها مسعود وحضرت أنا وبليغ وبعض الموسيقيين والمطربين والمطربات ووجدنا في نفس الدعوة وتعرفنا بهم وبالوزير الأول( رئيس الوزراء) شريف بلقاسم ووزير الخارجية في ذلك الوقت عبد العزيز بوتفليقة( رئيس الجمهورية حاليا) وأقيم حفل الافتتاح.. ونجاح الحفل ومقابلة الجمهور لوردة الجزائر أعادا لها الحنين للغناء ومقابلة الجماهير والمفروض أن تختفي بعد هذا الحفل ولكن كان قرارها العودة للغناء حتي لو كلفتها الانفصال عن زوجها وكان هذا بتشجيع من أخيها مسعود وعادت وردة إلي أضواء مصر وكان أول حفل لها بنادي الزمالك وتشرف عليه صوت العرب( وجدي الحكيم) وغنت فيه( والله يا مصر زمان والعيون السود) ولكن حدث في الحفل أمر لم نكن نتوقعه وغضبت وردة وعادت للجزائر مرة أخري وكان قرارها الاعتزال. وإن شاء الله سأقص عليكم قصة الغضب والعودة عندما أكتب عن المقالب الفنية رحم الله وردة عاشقة الفن الجميل حتي آخر أيامها. والله ولي التوفيق.