يصنع شعب مصر حريته في أول انتخابات تاريخية حقيقية بمعني الكلمة أول تجربة يقرر فيها الشعب من يحكمه ولايعرف نتيجة الانتخابات مسبقا, التجربة فيها درس بليغ لجميع الدول العربية المحكومة بسلطات قمعية مطلقة. لم تعد تنفع في ظل ربيع عربي جارف من حقنا في مصر ان نفخر بتجربتنا في الحرية, تجربة نستحقها منذ زمن بعيد ولم يكذب الشابي حين قال: إذا الشعب يوما أراد يوما الحياة فلابد ان يستجيب القدر! * قبل عقود كان الرئيس ينجح في انتخابات الرئاسة بنسبة99.999% وكنانعرف النتيجة مسبقا وكنا مطمئنين انه سيلحق مرحلة أولي وكليات قمة في التنسيق.. قبل يومين كان هناك13 مرشحا لم يكن نجاح أحدهم مضمونا والإعادة محتملة ومرحلة ثانية وبالكثير يلحق الفائز منهم رئاسة انتقالية لحقوق زنجبار مدتها اربع سنوات! * لأن التجربة تاريخية ليست فقط في صناعة مستقبل مصر بل تقرير مصير الأمة العربية بأسرها فليس عيبا ما شابها من أخطاء وقصور سواء بعض الخروقات الانتخابية أو تلك المتعلقة بعملية المناظرات التي صورت للناخبين ان السباق محصور بين موسي وأبو الفتوح بينما خرج كلاهما خاسرا المؤلم حقا الدعاية الانتخابية التي جاوزت سقف الملايين العشرة المقررة لكل مرشح والتي لا نعرف مصدر تمويلها وهل هي أموال من الداخل أم من الخارج؟ وهل نبدأ عصرا جديدا بفساد جديد؟ يظل السؤال مشروعا خاصة إذا كانت البداية مجرد أكياس أرز و شكائر بطاطس وزجاجات زيت بينما انتهت الرشاوي الانتخابية إلي أجهزة محمول ولاب توب والأموال السائلة.. فلول النظام السابق ليسوا وحدهم من يصر علي تشويه التجربة الديمقراطية! * للأسف عادت الذاكرة متأخرة جدا للمرشح عمرو موسي الذي تذكر فقط ان علي المرشح شفيق التنازل والانسحاب لأنه كان في السلطة رئيسا للوزراء وقت موقعة الجمل الشهيرة ليت الذاكرة تعود بالكامل للخاسر حتي يعرف انه كان في المسئولية وزيرا للخارجية وأمينا عاما لجامعة الدول العربية وقت غزو العراق وضربها وتدميرها ووقت إذلال ملايين المصريين بالداخل وإهانة كرامتهم بالخارج ليته يتذكر ما لاقاه المصريون في الكويت وقطر وبعض البلدان العربية والأوروبية خلال وجوده في موقع المسئولية, ليته يتذكر اجراءات حصول المصري علي التأشيرة لبلد ما, تلك المهمة المستحيلة في وقت يرتع كل خلق الله بحرية تامة في بر مصر دون حدود أو قيود ليته فقط يقارن بين حرية حركة وتنقل وسياحة المنتمين للكيان الصهيوني في شمال وجنوب سيناء وشرم الشيخ في وقت لا يتمتع المصري بربع هذه الحرية علي ارضه ليته يجيب عن سؤال بسيط حول شارع امريكا اللاتينية بجاردن سيتي حيث مقر السفارة الأمريكية الذي يشبه الثكنة العسكرية ويقول لي بأمر من أغلق الشارع أمام السيارات والمارة منذ سنوات عديدة وهل تجرؤ الخارجية المصرية علي غلق مداخل ومخارج الشارع المؤدي إلي السفارة المصرية في واشنطن ولو من منطلق المعاملة بالمثل؟ * لا أتصور ان المعركة قد انتهت بين الثورة والنظام السابق وفلوله بحسم المعركة الانتخابية الرئاسية المعركة طويلة ونزلاء المزرعة السعيدة في طرة لا يزالون يتسلون بينما شركاء الفساد في بلدان العالم يمرحون( سالم وغالي ورشيد) ولم يصدر أي حكم بحق المخلوع بالبراءة أو الإدانة ولم يسترد مليم واحد من أموال الشعب المنهوبة ولم يعد حق الشهداء الذين بفضلهم عرفت مصر طريقها للحرية.. الثورة لاتزال مستمرة. * علينا ان نقبل بنتائج الانتخابات وعلينا ان ندعم الرئيس المنتخب وعلينا ان نحرص جميعا علي عودة الأمن والاستقرار في مصر فهذا هو الأساس الذي يبني عليه الاقتصاد والذي ينمو في كنفه الاستثمار ولنعلم اننا مقبلون علي مرحلة انتقالية أخري برئيس انتقالي لا يملك عصا موسي ولاتتوافق عليه كل الجماهير مهمته صعبة وعبئه ثقيل ولكنه يحتاج من كل مصري مخلص الي الدعم والمساندة خلال مرحلة انتقالية مدتها اربع سنوات أخري من عمرنا وعمر مصر. [email protected]