استيقظ أهالي أحد شوارع مدينة وادي النطرون, علي صوت صفارات الانذار, وسيارات الشرطة والإسعاف تتجمع حول أحد المنازل الذي طوق بجمهور كبير من الأهالي ممن أبلغوا في وقت سابق عن انبعاث رائحة كريهة من أحد المنازل. الذي يقيم فيه( عبدالمنصف.أ) الذي امتهن البلطجة وتوزيع وبيع المخدرات والذي يقيم معه ابنه( محمد) البالغ8 سنوات, واللذان لم يرهما أحد من الجيران منذ أكثر من خمسة أيام. وبمجرد نزول فريق الطاقم الطبي من سيارة الإسعاف يرافقه أحد أمناء الشرطة, حتي اشرأبت أعناق المتجمهرين متطلعة إلي خطواتهم التي اتجهت نحو باب المنزل الداخلي, وكلما تقدمت خطوة زادت حدة انبعاث الرائحة الكريهة الصادرة من المنزل حتي وصل الفريق إلي الباب وأحضر أدواته واستعد لكسرة لمعرفة سبب تلك الرائحة. تم كسر الباب, فأخذ الأهالي يديرون وجوههم واضعين ايديهم علي أنوفهم لاتقاء تلك الرائحة العفنة, وكالعادة سبق الرائحة التعرف علي مركز انبعاثها, ويزداد حب الاستطلاع لدي الجمهور المتجمع لمعرفة ماذا خلف الأبواب, واتسعت حدقات العيون متخيلة ما خلف الأبواب التي انبعثت منها الرائحة, ولعبت الصور بخيالهم فمنهم من تصور أن تلك الرائحة مصدرها بقايا طعام ترك حتي تعفن ومنهم من تصور أن المصدر بقايا وريش لطيور تم ذبحها وتنظيفها ولم يتم التخلص منها, ولكن المفاجأة التي لم يكن أحد يتصورها, ان تكون أمام المقتحمين للمنزل, جثة مذبوحة من الرقبة, وبجوارها جثة أخري لطفل لا يتعدي عمره ال8 سنوات والجثتان غارقتان في الدماء المتجلطة, والتي مضي علي وجودها بهذا الوضع أكثر من خمسة أيام, مما أدي إلي انتفاخها وتجمع الحشرات والقوارض حولها. سرت بين المتجمهرين من الأهالي همهمات, كلها تصب في اتجاه التعجب المبني علي تساؤل حائر مضمونه كيف, ومن يجرؤ علي ذبح عبدالمنصف هذا الشقي وابنه محمد والمعروف انه من عتاة البلطجية ولا يستطيع أحد التصدي له أو لأعماله الإجرامية.. قام الفريق الطبي والشرطي بابلاغ نيابة وادي النطرون التي قامت بالمعاينة وأمرت بنقل الجثتين إلي المشرحة وكلفت المباحث الجنائية بجمع المعلومات والأدلة لكشف غموض الحادث والقبض علي الجاني. أشرف اللواء ممدوح حسن مدير أمن البحيرة علي تشكيل فريق من البحث الجنائي بقيادة العميد محمد الخليصي مدير المباحث الجنائية, حيث انتشر فريق البحث وقام بعمل التحريات وسؤال العديد من ابناء المنطقة ولم يترك أي خيط إلا وتتبعه, للوصول إلي الحقيقة حتي اشارت معظم الاستدلالات إلي أن القتيل كان يرافق صديق سوء آخر عاطلا يشاركه في أعمال البلطجة وتجارة المخدرات ويدعي( جمال) وشهرته( جمال الصعيدي) كان يشاهد بصحبته, وكان دائم التردد عليه في منزله وشاهده بعض الأهالي أخيرا وهو يحوم حول منزل القتيل. وبتتبع هذا الخيط وبمراقبته زادت فيه الشكوك فتم استدعاؤه واستجوابه, وبتضييق الخناق عليه, انهار واعترف بأن المجني عليه شريكه في تجارة المخدرات, كما أنه كان دائم التحرش بزوجته ويقوم بالاتصال بها تليفونيا ومغازلتها وتحريضها علي التخلص منه, وبالتردد عليها بالمنزل في غيابه, وأنه تأكد من ذلك من وجود عشرات المكالمات اليومية المسجلة علي تليفون زوجته والصادرة من التليفونات الخاصة بالقتيل. وأضاف أن هذا القتيل لم يكتف بالخيانة مع الزوجة بل أراد أيضا أن يستحوذ علي احدي صفقات بيع البانجو والحشيش لنفسه, وهكذا اجتمع وتكامل مثلث الجريمة( المرأة الخيانة المخدرات) وسيطر علي وجدان وعقل( جمال) فذهب إلي صديقه في منزله تحت جنح الظلام, وقام بالتعدي عليه ببلطة ومنشار حديدي ثم ذبحه بسكين ليتأكد من موته, وبعد تفتيش المنزل استولي علي(6 كجم من نبات البانجو المخدر, و3 كيلو من مخدر الحشيش, و3 هواتف محمولة خاصة بالمجني عليه, وسماعتين ومكبر صوت, ورسيفر, و6 سكاكين مختلفة الأحجام, وكتر, و4 علب بيرة, وحافظة نقود المجني عليه). وعندما هم بمغادرة المنزل استيقظ من النوم الطفل( محمد) ابن القتيل, ولخوف القاتل من ان يتعرف عليه الطفل قام بقتله أيضا وجمع المسروقات والسلاح المستخدم وغادر بها المنزل, وقام بدفنهم في مكان قريب وانتظر, ولكن انتظاره لم يطل, فتم القبض عليه وتمت مواجهته بالأدلة واعترف وأرشد عن مكان المسروقات وسلاح الجريمة, تولت النيابة التحقيق مع المتهم ووجهت إليه تهمة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد.