مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية, كثر تبادل الاتهامات بين المرشحين, وكثرت الاتهامات الموجهة إليهم من قبل تيارات وشخصيات أصبحت شخصيات عامة بحكم ثورة يناير أما عن المزايدات فحدث ولا حرج, سواء فيما يتصل بالوطنية أو التدين أو الدفاع عن الثورة وأهدافها. أعرف جيدا أن فترة الدعاية للانتخابات تشهد في مثل تلك الأجواء ما يطلق عليه الخبراء الدعاية السوداء أو ما أطلق أنا عليه محاولات توجيه ضربات تحت الحزام علها تنهي المباراة. ولكن المشكلة الحقيقية هي أننا جميعا كنا نأمل ألا تصل الأمور إلي هذا الحد, في أعقاب ثورة بيضاء حلم الجميع أن تنقل مصر إلي وضع أفضل. ليس معني ذلك أن يسكت من لديه اتهام ضد مرشح معين, ولكن المطلوب إذا كنا- حقا- نريد حرية وكرامة وعدالة أن يدقق كل منا فيما يطلقه من اتهامات, فإذا كان من حقك أن تتهم, فمن حق الآخرين عليك أن يكون لديك دليل هذا الاتهام وأن يتاح لهم الوقت لدحض هذا الاتهام قبل أن يخسروا بسببه, بينما يثبت فيما بعد أنه لا دليل علي هذا الاتهام, وأن الهدف من الاتهام فقط هو التشويه والتجريح حتي تفوت الفرصة, أي حتي تنتهي الانتخابات. وفي تقديري أن استخدام سلاح الاتهامات أو سلاح سلق القوانين للتأثير علي المنافسين هي أسلحة رخيصة, كنت أعتقد أن بإمكان المصريين التسامي عن استخدامها حتي ولو كان الهدف هو حماية الثورة وإغلاق الباب أو الشباك الذي يمكن أن يتسلل منه من يصوره البعض أنه خطر علي الثورة. وأنا أنظر لما يحدث الآن قبيل الانتخابات- بكثير من الحسرة, فالمصريون الذين وحدتهم الثورة قبل15 شهرا يعودون اليوم لممارسة كثير من أساليب النظام السابق في معاركه مع خصومه, وهي الأساليب التي أعتقد أنها كانت واحدة من أسباب الاحتقان الذي أدي إلي ثورة يناير, بل لعلي لا أكون مبالغا إذا قلت: إن بعض الأساليب المستخدمة اليوم لم تستخدم في ظل النظام السابق. وما زال السؤال يؤرقني كل يوم: كيف للمصريين الذي ثاروا في25 يناير أن يخون أي منهم مرشحا أو مواطنا عاديا أو يطعن في وطنيته؟ ربما تفسر دهاليز السياسة وألاعيب السياسيين مثل تلك الوقائع, ولكن قيم المجتمع وأخلاقه ودينه لا يمكن أن تقبل ذلك. وفي كل الأحوال فإن ما يحدث لأجل الانتخابات يعني في تقديري أنه أيا كان الفائز فإن الخاسر الوحيد نتيجة ذلك هو مصر. مرحبا بالرئيس الجديد أيا من يكون ؟ اللهم احم مصر, واجعل قادم أيامها خيرا من ماضيهاوحاضرها.