الطبيعة المصرية ضد العنف والقسوة والخروج عن الاداب واللياقة كانت وتميل إلي السلام والوداعة.. انها تملك جينات ثمينة كريمة الخلق منذ زمن أحمس.. إلي السادات صاحب اغلي انتصار في العصر الحديث.1973 وفي حب مصر هام الشعراء وغنوا لها اناشيد العشق التي تستحقها.. لانها درة الشرق.. وتاج تميزها الذي كان يزيدها رفعة وبهاء.. منذ قديم الزمان حتي ايام شوقي وحافظ ابراهيم وناجي.. انها الهام يغري بالابداع.. لان مصر تتحدث عن نفسها.. وهي في خاطرهم بوطنية واعجاب بروعة بلادهم؟! ومع بداية الخمسينيات تم اللعب في مفردات خصائصها المتميزة وان ظل تفردها عنوانا للامة وتستظل بظلها الثقافي كل البلاد العربية.. انها الام القدوة التي وهبها الله.. ارض الكنانة.. ارض الفيروز.. هذه الأرض الكريمة المكان والمكانة كانت لاتطرح إلا كل جميل.. وأهلها كانوا خير امة اخرجت للناس؟! الآن.. ماذا حدث للمصريين؟! هناك تغير في انماط سلوك كثير من المصريين وشاهدنا جرائم ترتكب في مصر.. لم تعرفها سابقا لان القسوة والعنف ليسا من شيم المصريين؟! الكسل في العمل.. والهمة والنشاط في اللغو العقيم أو الهزل الرذيل.. والجد والالتزام وراء الهزيل من الافكار المعوجة والمغلوطة.. رأينا التخوين والتشكيك علي الساحة السياسية.. والعويل والصراخ والعنف غير المبرر في الميادين والشوارع.. تخترق سلامنا الاجتماعي وتجرنا إلي الغرق في بحور الاحباط والقلق علي بلادنا! انها انماط سلوكية دخيلة علي الشخصية المصرية.. وقد كتبت منذ أكثر من خمس سنوات مقال الحقونا موجها إلي المسئولين واصحاب الرأي والمفكرين والاساتذة لمعالجة تلك الامراض التي لم يكن يعرفها الجسد المصري, والآن المسألة زادت. واصرخ.. كما يصرخ الاستاذ احمد رجب في نصف كلمة قائلا: عندي قرف, كرهت الاخبار والكلام والكتابة فلاشيء يجدي ولاشئ صحيح ولا أعرف هل اطلق صرخة ألم أم صيحة استغاثة فما اصعب الحياة عندما تصبح عقوبة.. الحياة في درة الشرق يراها كاتبنا الرائع حاليا عقوبة؟! ثورة25 يناير كانت مبهرة وملهمة للعالم ولنا كشعب لانها استدعت حضارتنا الراقدة في وجداننا.. فلم نسمع هتافات خارجة ولا افعالا مخلة.. ولكن؟! جاءت الموجات التالية من الثورة.. ولم تحافظ علي عنوان ثورتنا المتميزة بسلميتها واخلاقياتها وسلوكياتها الرفيعة! وكانت الصدمة الرهيبة.. في رؤية هجوم همجي علي وزارة الدفاع وكأنها وزارة إسرائيل.. وعلي جنودنا الاوفياء وترديد هتافات مؤذية لكل وطني مخلص وتجاوزات غير لائقة ولاتعبر إلا عن عقوق فكري متدن.. مثال: البعض يضرب شابا ضربا مبرحا مع مصاحبة هتاف ليس هذا مكانه اطلاقا الله أكبر الله أكبر كلمة حق ورحمة وسامحه ورأفة وخير وأمن نسمعها وسط اهدار الدماء؟ ومع من؟! ابناء دم واحد.. وطن واحد.. مصيره واحد!! ويرددون حي علي الجهاد بعصبية ورعونة يستاء منها كل حليم عاقل!! والسؤال الجهاد علي من؟! المجلس العسكري له اخطاء يمكن مناقشته بكل جدية وادب دون تطاول.. ان المسئولية القيت عليه بكل ما تحمله من ظروف طارئة غير سوية.. والحل في الحوار ولا في تطرق المحاسبة والاهانة له؟! اين قيمنا الراسخة واخلاقنا العالية.. ارجعوا إلي الشرائط القديمة.. وإلي افلامنا واغانينا والقوا نظرة علي ماضينا الرائع!! الثورة نجحت وقضايا كثيرة حسمت.. وماتبقي نطرحه علي مائدة الحوار وليس من وراء اسوار الغل والكراهية! لماذا نعقد المسألة حتي يصعب حل معادلة التماسك الوطني؟! مسلسل الالهاء الباهت مستمر؟! وهذا الاداء الضبابي اغري إسرائيل باستعادة سيناء والعياذ بالله فقامت باستدعاء جنود الاحتياط الذين يخدمون في22 كتيبة لاسترجاع الحلم الذي استعاده السادات وجنوده الكرام في حرب..1973 انهم يحملون ويعملون ويستعدون بجد وتأهب مهيب.. اما نحن ففي واد اخر.. نواجه بعضنا بعضا! هم يخططون ونحن مليون.. نرسم علي الحيطان ما لايليق ونشوهها بشعارات مغلوطة.. مثال الفكرة لاتموت واذا كانت فكرة تعوق مسيرة امة وتماسكها هل تموت اوتظل تضرب في وجدانها حتي تنهار!! في إسرائيل هم منظمون.. ونحن نعبث بأقدرانا.. ونملأ شوارعنا بشغب مرفوض واصرار صارخ علي الاختلاف والتربص الملعون بين كل القوي السياسية في مصر! نرفع شعارات هدامة.. ونختار لها كلمات غير مهذبة تصاحبها رنة طبلة أكثر سخفا؟! أليست هناك وسائل اخري لعرض مطالبنا وافكارنا ومانريده إلا الشوارع والميادين.. وكما يقول المفكر يوسف زيدان في حديثه في الوفد.. الثورة لايمكن اختصار جوهرها في الخروج إلي الميادين والتظاهر في الشوارع فهذا شكل من اشكالها! ان الفكر الرجعي الضيق الافق يحرم البلاد من الفرحة بثورتها التي منحتنا حق انتخاب من نريد..ومع ظلام المشهد إلا ان هناك بصيصا من الآمال. في مقال الدكتور حازم الببلاوي: الفوضي الخلاقة.. بالمصري يقول: هناك عدد من المكاسب السياسية لما نعانيه الآن: أولا: استعادة الشعب المصري لحقه في تقرير مصيره. ثانيا: يتعلق بنهاية الحكم العسكري في مصر وعودة الجيش إلي حماية حدود البلاد. ثالثا: وضع الاسلام السياسي وتأهيله للنضج السياسي ويأمل ان التجربة ستظهر نوعا من الإسلام السياسي المعتدل والواقعي والمتفائل.. واقول يارب لاننا امة وسط ومرجعنا ازهرنا الشريف. رابعا: وجود قضاء مستقل محايد. ويري في النهاية انها كلها مكاسب مهمة تجعل الثورة برغم اخفاقاتها الوقتية والمتعددة كسبا تاريخيا مهما للشعب. هناك افكار عنيفة تحاصر رؤيتنا للمستقبل وتعوق انطلاقه.. افكار لايتقبلها الشعب فلماذا الاصرار اللعين لطرحها علي عقولنا الحرة وارادتنا المستقلة؟ انها معارك سيئة السمعة تغري بالانتحار الوطني وتقتل عزمه وتدفعه دفعا إلي الوقوع في بئر الشيطان والعياذ بالله فلا استقرار ولارجاء في غد مشرق مع وجودتلك الاختلافات والخلافات؟ ابدا. والنجاة من دوامة التناحر السياسي في وعي الاعلام وبالتالي زيادة في جرعة توعية الشعب بالايجابيات والبعد عن السلوكيات السلبية وخطورتها المدمرة للوطن واختيار رجال دين مشهود لهم بالفكر المستنير والبعد عن العقول المنغلقة التي تتسم بالرجعية التي تشوه الافكار وتحاول تجميلها لاهالينا البسطاء! لابد للمفكرين والادباء وذوي المكانة الفكرية ان يتحاوروا مع المجتمع بشفافية بعيدا عن رداءة النفاق.وكما جاء في سورة الحجرات: قال تعالي: انما المؤمنون اخوة فأصحلوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون.