تصدر خبر موت العشرات من الافارقة الذين هاجروا سرا نحو السواحل الشمالية لأوروبا انطلاقا من السواحل الليبية, تصدر الانباء الليبية الاسبوع الماضي, شعرت مرة اخري بالألم والأسي لهذا الموت الجماعي لهؤلاء الشباب. هذا بالاضافة إلي الآلاف الأخري التي هاجرت من ليبيا ومصر وتونس ولا نحيط بها علما ولا نعلم حصرا لها حتي الان لا من وصل, ولا من غرق وما زاد في حزني وآلمي أن يكون الموت من جراء هجرات تحدث بعد انطلاق ثورات الربيع العربي, هجرة وموت هذا الشباب الذي نعول عليه لبناء التنمية وبناء اوطان اتعبها الاستبداد والفساد والاقصاء وسد الافاق لعقود هو موت لهذه الاوطان نفسها هؤلاء الشباب الباحثون عن حياة افضل قرروا المغامرة بأرواحهم عبر الإبحار صوب القارة الأوروبية, ولكنهم اليوم في رحلة يتصدر الموت عنوانها, فاما الموت بردا أو غرقا جراء مشوار رحلة الموت التي حلم كثير من العرب والأفارقة باجتيازها أو البقاء في أوطان تفتقر إلي الكثير من مقومات الحياة, مشهد يتكرر بين الفينة والأخري في كثير من الشواطئ الجنوبية للبحر المتوسط والنتيجة أرقام الضحايا في ازدياد وتجار الموت والحلم فارون من العدالة بعد أن زينوا للطامحين في الفردوس الأوروبي سهولة الرحلة, وربما قالوا لهم ان كثيرين سبقوكم فلماذا لا تجربون؟ شباب يئس من واقعه وبات يبحث عن أحلامه في فضاء أخر, لكن الوسيلة تجعلهم يقامرون بأرواحهم في مراكب مهترئة وجشع مافيا الموت لا يهمها من يموت ومن يصل بقدر ما يهمها المال السهل. نحن اليوم مطالبون اخلاقيا ودينيا بالتحرك مجتمعا ودولة لوقف هذا الانتحار الجماعي للجياد العربية والافريقية علي شواطئنا ووقف صهيل الموت الذي أصم أذاننا. نحن هنا نحزن شديد الحزن وقلوبنا تحترق ونتأذي لفقدان شبابنا ولرؤية جثث الموت لأبنائنا وللمهاجرين الافارقة علي أرضنا, وتحرك المجتمع يجب ان يبدأ من وعاظ المساجد وعلماء الدين, الذين لم نسمع منهم شيئا حتي الآن بهذا الخصوص, للتوجه للأفراد المنخرطين في عمليات التهريب وتذكيرهم علي أن هذا العمل ينافي الأخلاق ولا يتماشي وقيمنا الإسلامية, وطريقة الكسب هذه غير مشروعة, بل وحرام.. ومن قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا. فهذه العمليات تشوه صورة العرب في العالم وتصور وتقدم العرب علي انهم تجار للرق وتحرك المجتمع في هذا الخصوص يمكن ان يبدأ إعلاميا بتوعية المواطن بالإبلاغ عن أماكن تجميع هؤلاء المساكين وان ينشط الامن والمباحث علي الارض وليس في البحر فقط بالإضافة للمجهودات الأمنية للدولة, عليها الاتصال بالمجتمع الدولي ومؤسساته الدولية والإنسانية لخلق مشروعات للتنمية تحرك التنمية المعطلة في افريقيا وتخفف من الفجوة بين افريقيا وأوروبا. أوروبا المسئولة من جهة أنها نهبت اموال افريقيا فترة الاستعمار ومن جهة انها مارست لسنوات عدة سياسة الاستقطاب وقدمت ماكينتها الإعلامية الضخمة والبروباجندا الغربية, قدمت الغرب علي انه النعيم الأرضي, فاليسار في أوروبا هو الذي ألهم الكثير من الثورات في إفريقيا والرأسمالية الغربية هي التي استنسخت منها الأحزاب الإفريقية برامج عملها وفشل اليسار الإفريقي واليمين معا في تحقيق مشروع نهضوي وتنمية مستدامة في إفريقيا. الغرب الذي يقبل هجرة الأموال العربية والإفريقية ويعتبرها شرعية وجزءا من مشروعه العولمي بينما يعتبر هجرة الأفراد غير شرعية الغرب نفسه اليوم لم يعد الحلم فهو يعيش أزمة مالية خانقة وتكاد لا تخلو محطة قطار في أوروبا اليوم من أوروبي ابيض يفترش الأرض, ويتسول وان كان في شكل عازف موسيقي أو رسام أو ممثل أو لاعب سرك. ان أوجه تحرك الدولة والمجتمع من المجتمع الدولي قد يبدأ إعلاميا ايضا ويتمثل في تقديم فيلم وثائقي عالمي وتحسيس الشباب بمخاطر الهجرة ومنها الموت تيها في الصحراء وغرقا في البحر ثم الانتهاء إلي حياة شوارع المدينة الخلفية في أوروبا حيث الجريمة والمخدرات والموت طعنا أو بالرصاص هذا اذا كان له حظ النجاة من رحلة الموت يقينا أننا لسنا أصل المشكلة ولكننا مجتمع ودولة نريد أن نكون جزءا من الحل لعلنا بهذا قد نحيي نفسا كانت سوف تغرق ونكون عندها كمن أحيا الناس جميعا. كاتب من ليبيا